سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مذكرات سياسي في «الشروق»: الأستاذ أحمد بن صالح وأسرار وخفايا تكشف لأول مرة (202): حين قال مدير الأمن لصديقه الطالب بموسكو: بورقيبة يعتبر بن صالح بن يوسف ثان..!
حوار وإعداد: فاطمة بن عبد الله الكرّاي تمثّلت «المؤامرة» إذن في أن يقع اغتيال أحمد بن صالح، وأن تكوّن ملفات ثقيلة لكل من الشاذلي القليبي والباهي الأدغم والحبيب بورقيبة الابن... وبعد جلسة قرطاج، التي حدثت أمام صاحب المذكّرات، وبرئاسة بورقيبة، يقول «سي أحمد»: «إن كنه الحكاية لا أعرفه الى حد تلك اللحظات.. وقد ذكرت لك آنفا كيف تصرّف بورقيبة خلال جلسة قرطاج، مع مدير الأمن، الذي طلب بورقيبة من وزير الداخلية، استدعاءه أمامنا، وكنّا حوالي 40 مسؤولا في القاعة.. وبعد أن دخلت المجموعة الى السجن، وبعدها بقرابة شهرين، طلب مني بورقيبة، ان أستقبل مدير الأمن (الذي كان مودعا بالسجن) وقال لي بورقيبة إنه سيأتيك ليعتذر لك».. فقلت له: «أنت ترى أن أستقبل وأتجاوز لإنسان حضّر لاغتيالي... اي لاغتيال مسؤول في الدولة ؟ فردّ بورقيبة وقد لمس حيرة في سؤالي: «ياسي أحمد»، «ما تاخذش في خاطرك (بالدارجة التونسية) ما هو الا طيش شباب» وهنا استجبت لطلب الرئيس، وقلت له: «طيّب أقبله في مكتبي ليعتذر... وفعلا بعد يومين او ثلاثة من طلب الرئيس، جاءني الى مكتبي مدير الأمن وقدّم اعتذاره بصفة.. (يقطع سي أحمد كلامه لبرهة وكأنه يبحث عن كلمة... أو كلام...) ثم يواصل: كان اعتذارا بصفة ذليلة جدا... وكان من ضمنها الانحنا ء المفرط (...) ولا حول ولا قوّة الا بالله».. فهمت من خلال الكلام المتقطّع بصمت فيه إغراق في التفكير أحيانا، أن صاحب المذكرات رفض ولم ينس، فحوى كلام الاعتذار الذي قدّمه له مدير الأمن.. ولكني قلت له: «وهل قبلت الاعتذار بعد ان قبلت مبدأ المقابلة؟ فقال : «نعم... ما دمت وافقت الرئيس في ما يخص فحوى الزيارة او الاستقبال في حدّ ذاته، أي قبولي زيارة مدير الأمن السابق..». وهنا، وحتى نعود الى أصل القصة، التي كان «سي أحمد» يجهل تفاصيلها وهو يتجه الى قصر قرطاج لحضور تلك الجلسة التي وقعت فيها «محاسبة» لمدير الأمن، الذي أدخل السجن، كشف «سي أحمد» النقاب: «قال لي الباهي الأدغم إنه وفي إطار إماطة اللثام عن خيوط القضية التي كانت وفقها مجموعة تخطط لاغتيالي، ولتكوين ملفات ثقيلة للأدغم والقليبي وبورقيبة الابن، قال لي كاتب الدولة للرئاسة إذن (الباهي الأدغم) إنه وقع استدعاء سليمان الدقي الذي كان في تلك الفترة يدرس الطب في روسيا، لكي يدلي بشهادته بخصوص هذه المؤامرة، وقال الدقي، حسب ما أورده على لسانه الباهي الأدغم، إنه استدعي من قبل مدير الأمن، وكان الدقي في عطلة من عطل السنة، وقد استقبله في المهدية وقال له مدير الأمن: «إنه وبالنسبة الى الرئيس الجليل، فإن أحمد بن صالح هو صالح بن يوسف ثان.. (وهذا كلام مدير الأمن الذي شهد به الدقي أمام الباهي الأدغم) أما أنا فلم أسمع لا من الدقي ولا من غيره... كل هذه التفاصيل وغيرها كشفها لي الباهي الأدغم... وقد حدثت جميعها قبل جلسة قرطاج، لكني لم أكن على علم بها من قبل». وعندما سألته: لماذا سليمان الدقي بالذات؟ قال: «هذا لأن سليمان الدقي كان صديقا لمدير الأمن، وكانا في نفس المنظمة الطلابية، وقد استمع إليه الباهي الأدغم في الشهادة التي قدّمها... وهما من نفس الجيل».. ولكن «سي أحمد» وقبل ان أسأله عن موضوع الغداء الذي قد يكون تقرّر فيه التخلص من أحمد بن صالح، عبر القتل، سألته عن عودة الأمور بعد تدخل بورقيبة في جلسة قرطاج وبعدها حين طلب منه ان يقبل مدير الأمن ليقدّم له الاعتذار، قلت له: «هل عدت بعد الاعتذار تتعامل مع المجموعة ومدير الأمن بالذات، كما قبل المسألة؟ فقال: «عندما انتهى الأمر، كدنا نقول إن المياه رجعت الى مجاريها لكن دون أمان.. أو دون شعور بالأمان».. وفي هذا الكلام، معان ومعلومات أخرى، ل «سي أحمد بن صالح» فيها وجهة نظر.. لكن السؤال الأكبر: ماذا وقع في جلسة «الغداء» المشهور وكيف قُدّت القصة، قصة تصفية أحمد بن صالح، وتكوين ملفات ثقيلة، للأدغم وبورقيبة الابن والقليبي؟ هذا ما سنراه غدا، إن شاء الله.