لم يتردّد المرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الأمريكية جون كيري في الافصاح عن «نواياه السيئة» في التعامل مع قضية العرب الأساسية، القضية الفلسطينية إذا ما أدرك البيت الأبيض في انتخابات نوفمبر المقبل. وحدد كيري في وثيقة السياسة الخارجية لإدارته ثلاث نقاط أساسية في التعاطي مع المسألة الفلسطينية حيث تعهد بدعم أكبر للكيان الصهيوني في مواجهة ما أسماه ب»الارهاب الفلسطيني» وباعتبار القدس عاصمة أبدية لاسرائيل وبتجاهل القيادة الفلسطينية الحالية وبالزعم بأن لا وجود لشريك للتفاوض والتوصل إلى اتفاق سلام. وتعكس هذه النقاط رؤية تتفق كليا أو جزئيا مع الرؤى الصهيونية المتطرفة وتزايد على مواقف الادارات الأمريكية المتعاقبة التي سعت بأشكال وأساليب مختلفة إلى الحفاظ على اسرائيل «حليفا استراتيجيا» في المنطقة لا سبيل إلى «التخلي» عنه. وبدت مواقف كيري جلية منذ بدء حملته الانتخابية إذ لم يتوان عن اظهار تعاطفه مع اسرائيل حتى أنه أعرب عن احساسه بالاحباط لقرار محكمة العدل الدولية الأخير حول الجدار العنصري. ولئن كانت الاعتبارات الانتخابية والسعي إلى كسب أصوات اليهود الأمريكيين تحرك كيري في تلك التصريحات فإن الخلفية تبدو أخطر من ذلك بكثير بأن يتخذ المرشح الديمقراطي من القضية الفلسطينية مطية لإدراك البيت الأبيض بشكل يعكس ضعف فاعلية العرب الأمريكيين واقصاءهم من اعتبارات مرشحي الرئاسة. لقد بات من الواضح أن الحملات الانتخابية في الولاياتالمتحدة تستند أساسا إلى مبدأ التودّد إلى اسرائيل وأصبح الرهان من يطلق تصريحات أكثر تطرفا، ومن يزايد على الآخر. فبعد «ضمانات بوش» غير المسبوقة التي شرّعت للاستيطان وأسقطت حق العودة للاجئين الفلسطينيين لم يتردد كيري في المزايدة على رؤية «المحافظين الجدد» في إدارة بوش بأن وعد بالتأييد المطلق لاسرائيل وجعل من أمنها هاجسا له وأولوية من أولياته. ولئن «انشغل» بوش خلال السنوات الأربع التي قضاها في البيت الأبيض عن قضية فلسطين بحروبه في العراق وأفغانستان فإن كيري «ضمن» للعرب خلال السنوات الأربع المقبلة «انشغالا» أكبر عن قضيتهم وقد «أحسن» فعلا إذ كشف عن ذلك مبكرا، وثمّة يكمن «تميّزه» عن المرشح الجمهوري جورج بوش.