بقلم: عبد الرحمان مجيد الربيعي عندما شبّهت أفعال اسرائيل في أرضينا العربية المحتلة بأنها أشبه باللكمات المتلاحقة بحيث تنسى اللكمة الجديدة التي هي غالبا أشدّ وأمضى من اللكمة التي سبقتها. فإنني لم أجانب الصواب في المشهد الماثل أمامي. فبعد وضع اليد على الممتلكات العربية الاسلامية (الحرم الابراهيمي ومسجد بلال) حيث كان وضع اليد هذا دليل إفلاس الصهاينة بعد أن لم يجدوا لا فوق الأرض ولا تحتها ما يدل عليهم، استولوا على تراث الغير، تراث أهل البلد الأصليين. وقد قوبل هذا التصرف بردود فعل كبيرة. ولم يتوانوا بعده من إعلان القدس العربية بشطريها موحدة وفق ما أعلنوا وعاصمة لدولة اسرائيل، هكذا قالوا، وبنوا كنيس الخراب وأعلنوا عن بناء كنيس آخر وفي القدس العربية القديمة. وذكر أن هذا الكنيس يريدون لبنائه أن يكون أعلى من قبة الصخرة، وفاتهم أن علّو هذه القبة الخالدة متأت من قيمتها التاريخية وما عنته في التاريخ العربي الاسلامي. وترافق هذا مع اعلان اسرائيل بناء مستوطنات جديدة في القدس العربية من شأنها أن تقضم المزيد من الأراضي العربية التي سيبعد مالكوها عنها ليحل بدلا عنهم لقطاء المستوطنين الذين يجري جمعهم من هنا وهناك. وقد رأينا كيف تهرب قادة اسرائيل من الذهاب الى القمة النووية التي دعا لها الرئيس الأمريكي، وكان تهربهم خوفا من أن تطالب بعض الدول بفتح منشآت اسرائيل النووية أمام مفتشي ومراقبي الوكالات المختصة في العالم. ولم تجر محاسبة اسرائيل أو ادانتها على هذا التملص من استحقاق عليها أن تؤديه فهي ليست دائما فوق القانون. وقبل أن يأتي أي جواب لهذا التصرف الشاذ كان التصعيد مستمرا، وآخذا في الازدياد حول سلاح ايران وقنبلتها النووية الآتية، أي عقاب على النوايا، ولكن من لديه السلاح النووي حقا لم توجه له أية عقوبة، من يستولي على أرض الغير ويهوّدها تدريجيا يجري التغاضي عنه، فنحن اليوم في عالم خال من العدل. وقد دمر العراق العربي واحتل وتحول الى كيان كسيح تتناهبه الطوائف والأعراق ويسرق نفطه وتدمر معالمه لمجرد ادعاءات من عملاء مشبوهين زيّنوا للمحتلين أن يأتوا ويأخذوا ما شاؤوا مقابل الحكم وبئس الحكم. وفي وسط هذا الاحتدام يأتي قرار الحاكم العسكري الاسرائيلي بابعاد أكثر من سبعين ألف مواطن فلسطيني من الضفة الغربية من أرضهم الفلسطينية. ومن أبعدهم أو يريد ذلك محتل غاز لا علاقة له بالأرض ولا بالبلد!! هكذا جاءت اللكمة الصهيونية الجديدة التي انطلقت الاحتجاجات ضدها، فالقوانين الدولية لا تعطي للمحتل حق ابعاد أهل البلد الأصلاء بأي ذريعة كانوا، ومنذ متى امتلك الاحتلال حق الاستحواذ؟ كما أن فعلا كهذا يعتبر تطهيرا عرقيا ويفسح المجال لتصرفات أخرى أكثر إيذاء للشعب العربي الفلسطيني ولتاريخه وحلمه باستعادة أرضه وإقامة دولته وعاصمتها القدس الشريف. وما دامت اسرائيل تطالب بدولة يهودية خالصة لا مكان فيها لديانات أخرى فإن هذا القرار ربما يكون تمهيدا لما يطرحه غلاة الصهاينة بإبعاد عرب 48 المرابطين فوق أرضهم وبتحدّ لا مثيل له. ووسط الاحتجاجات على هكذا قرار يوالي الملاكم الصهيوني تسديد ضرباته، وها نحن أمام فرية صواريخ سكود التي قدمتها كما تدعي إسرائيل لحزب الله سوريا العربية. انطلق هذا الخبر وأخذ صداه رأسا وأتت أولى ردود الفعل من أمريكا ولية أمر إسرائيل والمدافعة عن كل تصرفاتها الخارجة والمارقة عن كل القوانين. ودارت أجهزة الإعلام الصهيونية المهيمنة في العالم لتجتر هذه الكذبة وتبعد الرأي العام عن الحديث بشأن جريمة إبعاد المواطنين عن أرضهم من قبل محتل فاشي. نعم، الحديث اليوم عن صواريخ سكود لدى حزب الله وقد أدلى أكثر من محلل عسكري منصف برأيه في هكذا ادعاء مبينا بطلانه لأن هكذا صواريخ لا تحقق أي إفادة لحزب الله في أي مواجهة جديدة مع إسرائيل كما أن طبيعة المواقع التي فيها مقاتلو حزب الله لا تسمح بتواجد سلاح كهذا يحتاج إلى مساحة من الأرض أكبر. لكن إذا قالت إسرائيل فصدقوها ولا تصدقوا غيرها، وأصبحت إسرائيل بأسلحتها النووية وأحدث الطائرات هدفا مكينا لصواريخ سكود السورية التي أعطتها لحزب الله!! على من يضحك هؤلاء القتلة؟ إنهم بادعاءات كهذه التي أخذتها عنهم أجهزة الإعلام إنما أرادوا أن يبعدوا الرأي العام أو ما تبقي من هذا الرأي العام عن جرائمهم في أرضنا العربية الفلسطينية. لكماتهم هذه سترد عليهم وإذا كان بإمكانهم غش العالم بالمحرقة فإن هذا الغش لا يعطيهم الحق بتحويل أرضنا العربية إلى محارق؟! كيدهم سيردّ لهم حتما. هكذا يقول التاريخ الذي لا ينفع معه تزوير.