هام: انخفاض أسعار هذه المنتوجات..    تعرض طائرة مروحية على متنها رئيس إيران لحادث    الأهلي المصري يعامل الترجي بالمثل    عاجل/ الرصد الجوي يحذر من حالة الطقس ليوم غد..    الحرس الوطني: هذه آخر المعطيات المتعلقة بالهجرة غير النظامية    القنصل العام للجزائر في زيارة الجناح الجزائري بالصالون المتوسطي للفلاحة والصناعات الغذائية    سفيرة الامارات في زيارة لصالون الفلاحة والصناعات الغذائية بصفاقس    صفاقس ولي يصفع معلما ويلوذ بالفرار    العاصمة: وقفة مساندة للرئيس قيس سعيد    الجمعية النسائية ببرقو تصنع الحدث    طقس الاحد: امطار غزيرة وتساقط البرد بهذه المناطق    اليوم : انقطاع التيار الكهربائي بهذه المناطق    السيارات الإدارية : ارتفاع في المخالفات و هذه التفاصيل    نابل: اختتام شهر التراث بقرية القرشين تحت شعار "القرشين تاريخ وهوية" (صور+فيديو)    هيئة الانتخابات تشرع غدا في تحيين السجل الانتخابي    إطلاق نار واشتباكات قرب القصر الرئاسي في كينشاسا    علماء يكشفون : العالم مهدد بموجة أعاصير وكوارث طبيعية    إضراب بالمركب الفلاحي وضيعة رأس العين ومركب الدواجن    نابل: تضرّر ما يقارب 1500 هكتار : «الترستيزا» مرض خفي يهدّد قطاع القوارص    أخبار النادي الإفريقي .. البنزرتي «يثور» على اللاعبين واتّهامات للتحكيم    بفضل صادرات زيت الزيتون والتّمور ومنتجات البحر; الميزان التجاري الغذائي يحقّق فائضا    يهم مُربّيي الماشية: 30 مليون دينار لتمويل اقتناء الأعلاف    اليوم : وقفة احتجاجية للتنديد بالتدخل الاجنبي و بتوطين أفارقة جنوب الصحراء    طقس اليوم ...امطار مع تساقط البرد    الأونروا: 800 ألف فروا من رفح يعيشون بالطرقات.. والمناطق الآمنة "ادعاء كاذب"    في عيده ال84.. صور عادل إمام تتصدر مواقع التواصل    بغداد بونجاح يحسم وجهته المقبلة    الجمعية التونسية "المعالم والمواقع" تختتم تظاهرة شهر التراث الفلسطيني    اليوم العالمي لأطباء الطب العام والطب العائلي : طبيب الخط الأول يُعالج 80 بالمائة من مشاكل الصحة    قبل أسبوعين من مواجهة ريال مدريد.. ظهور صادم لمدافع دورتموند    بوسالم.. وفاة شاب غرقا في خزان مائي    المجلس المحلي بسكرة يحتجّ    منال عمارة: أمارس الفنّ من أجل المال    النجم الساحلي يمرّ بصعوبة الى الدور ربع النهائي    كأس تونس : النجم الساحلي يلتحق بركب المتأهلين للدور ربع النهائي    تمدد "إنتفاضة" إفريقيا ضد فرنسا..السينغال تُلّوح بإغلاق قواعد باريس العسكرية    القصرين: القبض على شخص صادرة في حقه 10 مناشير تفتيش    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    المهرجان الدولي للمشمش بحاجب العيون في دورته الثانية ...مسابقات وندوات وعروض فروسية وفنون شعبية    في إطار تظاهرة ثقافية كبيرة .. «عاد الفينيقيون» فعادت الحياة للموقع الأثري بأوتيك    وزيرة الصناعة: مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا فريد من نوعه    نهائي دوري ابطال إفريقيا: التشكيلة المتوقعة للترجي والنادي الاهلي    أبو عبيدة: استهدفنا 100 آلية عسكرية للاحتلال في 10 أيام    العثور على كلاشينكوف في غابة زيتون بهذه الجهة    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    السبت..ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة    ابرام اتفاق شراكة بين كونكت والجمعية التونسيّة لخرّيجي المدارس العليا الفرنسيّة    دار الثقافة بمعتمدية الرقاب تحتفي بشهرث الثراث    داء الكلب في تونس بالأرقام    بينهم طفلان..مقتل 5 أشخاص نتيجة قصف إسرائيلي على لبنان    حلوى مجهولة المصدر تتسبب في تسمم 11 تلميذا بالجديدة    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    جندوبة : يوم إعلامي حول تأثير التغيرات المناخية على غراسات القوارص    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العرب وإفريقيا: من أضاع من... ومن «يدفع» الثمن؟
نشر في الشروق يوم 18 - 05 - 2010

بعثت الاتفاقية الاطارية التي وقّعتها دول حوض النيل نهاية الأسبوع الماضي بإشارات قوية حول غياب العرب عن القارة الافريقية في مقابل تزايد الوجود الاسرائيلي عبر أشكال ومجالات متعدّدة.
الحقيقة أن الوجود الاسرائيلي في إفريقيا ليس جديدا ولكنه يتزايد بشكل لافت ولعلّه ليس من باب المبالغة القول بأن اسرائيل تطوّق أبواب الديبلوماسية العربية بل تدكّها دكّا من إفريقيا لكن الخطير في الأمر هو موقف العرب مما يجري في القارة الافريقية وهو موقف أقل ما يقال عنه أنه يتّسم بنوع من اللاّمبالاة وكأن هذه القارة جزيرة معزولة تسكنها الأرواح رغم أنها تشكّل مجالا حيويا وحديقة خلفية للعديد من الدول الافريقية.
وبالرغم من الأهمية الاستراتيجية لهذه القارة بالنسبة الى الدول العربية بما في ذلك تلك الدول الواقعة جغرافيا في قارة آسيا إلا أن الاهمال ظلّ عنوان السياسة العربية تجاه إفريقيا..
وعلى عكس الحالة العربية المترهّلة والفاقدة للوعي بأهمية القارة نجد الاهتمام الاسرائيلي والأمريكي المتزايد بالفضاء الافريقي وهو اهتمام تجلّى من خلال الحضور الاسرائيلي المكثف في إفريقيا أمنيا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا وأيضا من خلال الرغبة الأمريكية في تشكيل قيادة عسكرية مختصة في الشأن الافريقي فضلا عن تقديم مساعدات عسكرية مباشرة لما يعرف بدول الساحل (مالي وموريتانيا والتشاد والنيجر) انضمّت لها ست دول أخرى لمكافحة ما يسمّى «الارهاب».
لقد مثلت إفريقيا بالنسبة الى العرب جدارهم الخلفي وفضاءهم الآمن.. لكن متى يدركون أن هذا الفضاء الافريقي لم يعد آمنا كما كان.. ومتى يتحرّكون لاستعادة دورهم في هذه القارة قبل فوات الأوان؟
أ. معن بشور ل «الشروق»: الصهاينة يخطّطون ل «خنق» العرب... من افريقيا
٭ تونس (الشروق)
لاحظ المفكّر القومي العربي والأمين العام لهيئة دعم المقاومة في العراق وفلسطين الأستاذ معن بشور في لقاء مع «الشروق» عبر الهاتف في بيروت أمس أن هناك مشروعا صهيونيا يستهدف محاصرة العرب من «الجبهة الافريقية» مؤكدا ان ان الغياب العربي عن القارة السمراء شجع الكيان الاسرائيلي على المضي قدما في مخططه هذا...
الاستاذ معن بشور كشف ل«الشروق» ان العمل جار على عقد مؤتمر عربي افريقي كبير في غضون عام وذلك في اطار اعادة «الدفء» الى العلاقة العربية الافريقية... وفي ما يلي هذا الحوار :
٭ كيف ترصدون أستاذ معن التعاطي العربي مع القارة الافريقية، ألا يشكل توقيع دول حوض النيل لاتفاقية اطارية أحادية، اشارة واضحة على غياب العرب في مقابل تزايد الحضور الاسرائيلي بهذه القارة؟
أولا، اعتقد انه علينا ان نقر بأن هناك غيابا عربيا عن الهموم والقضايا العربية قبل ان نتحدث عن غياب عربي في افريقيا... المشكلة ان الجسم العربي وخصوصا الجسم الرسمي العربي بات خائرا ومنهكا ومنشغلا بخلافات داخلية ومضطرا للإذعان للاملاءات الخارجية على الاستجابة الى التحديات المطروحة... لذلك لم يكن غريبا ان يصل الامر بعدد من دول افريقيا في حوض مياه النيل ان توقّع اتفاقية اطارية تهدد الامن المائي لمصر والسودان فهذا الامر لطالما حذّرنا منه بل اننا كنا نعتقد ان ما تعرض له السودان هو محاولة للنيل من الأمن القومي العربي ومن مصر على وجه الخصوص.
اسرائيل لم تكن لتتغلغل داخل افريقيا سياسيا وعسكريا وأمنيا وثقافيا لولا التراجع العربي الخطير الذي حدث... فحتى بالنسبة الى القضية الفلسطينية فقد تراجع الالتزام العربي تجاه هذه القضية فاستغل الصهاينة هذا الامر الى حد كبير لكن الجديد في الامر ان الصهاينة في احدى ركائز استراتيجيتهم كانوا يعتمدون على تطويق دول المنطقة من دول الجوار وكانوا يسعون الى تعميق التناقض بين الدول العبرية ودول الجوار... اليوم بات الأمر مختلفا فالتطورات التي حدثت في الفترة الاخيرة نقلت ايران الى محور الممانعة والوقوف الى جانب المقاومة في فلسطين ولبنان وكذلك الشأن بالنسبة الى تركيا التي أصبحت دولة مناصرة للقضية الفلسطينية... لذلك لم يبق امام المشروع الصهيوني في هذه الحالة سوى العمل على محاصرة العرب من الجهة الافريقية وخصوصا مصر والسودان.
٭ في ظل هذا الوضع ما المطلوب برأيكم، لسد الفراغ العربي لهذه القارة... والى أي مدى يقدر العرب وهم على اهذه الحالة من الفرقة والتشتت على «مزاحمة» الوجود الغربي والاسرائيلي هناك؟
اليوم مطلوب عربيا اغلاق بؤر التوتّر في العمق الافريقي وتحديدا السودان والصومال وكذلك التشاد.
2) مطلوب تضامن عربي حول القضايا الرئيسية وخصوصا الأمن القومي العربي المهدد مائيا واقتصاديا من خلال ما نراه في وسط افريقيا.
3) مطلوب كذلك تعزيز المؤسسات الافريقية العربية ودعم أطر الحوار العربي الافريقي... وأودّ ان أشير هنا الى ان هناك مبادرة عربية لعقد مؤتمر كبير يحضرها عشرات الشخصيات العربية والافريقية خلال عام... واليوم هناك مخطط يهدف الى انشاء مجموعة مؤتمرات مع قارات أخرى بهدف توثيق العلاقات الشعبية لأننا أكدنا منذ البداية على أهمية الانتقال بالعلاقات العربية الافريقية من مستوى الضغط الشعبي الى مستوى الضغط الرسمي.
٭ هذا على المستوى النظري العام لكن في ما يتعلق بأزمة مياه النيل مثلا، كيف يمكن للعرب هنا التحرك في اتجاه الدفاع عن الامن المائي المصري والعربي؟
لا شك أن هذا أمر يتطلب موقفا مشتركا على مستوى جامعة الدول العربية والاتحاد الافريقي لإيجاد الحلول، فلو كانت الحكومة المصرية في مستوى طموحات ومستوى دور مصر في كل المجالات فأعتقد انه ما كان ممكنا لأي دولة في افريقيا ان تتطاول على مصر وعلى أمنها القومي... لأن الأمن القومي المصري مرتبط الى حد كبير بالدور الذي تنتزعه مصر لنفسها والمنسجم مع تاريخها.
٭ أعلنتم عن مبادرة لعقد مؤتمر عربي افريقي... لكن هل تعتقدون أن مثل هذه المؤتمرات قادرة فعلا على تصحيح العلاقة بين العرب والقارة السمراء؟
أنا أرى أن هذه المؤتمرات تحقق تقاربا بين الشعوب... فالنخب تلتقي وتتباحث وربما تقترح حلولا وتضع الامور في يد القوى صاحبة القرار... وأود ان أشير هنا الى أن هذا الانعطاف في الموقف التركي تجاه نصرة القضية الفلسطينية بدأ في ملتقى القدس الدولي عام 2007... يومها قال لي وزير الخارجية التركي الحالي أوغلو أننا أردنا من خلال ملتقى القدس اختبار مدى حماسة الشعب التركي للقضايا العربية...
القارة السمراء والعرب واسرائيل: تعدّدت الأهداف والمصالح... وفتش عن «الخاسر والرابح»!
تونس الشروق :
لماذا أهمل العرب افريقيا؟... يبدو السؤال شديد المراوغة وربّما يحيل ذهن المتلقي الىحقبتي الخمسينات والستينات من القرن الماضي، الى حركات التحرّر الوطني، الى توجّه العرب شرقا وجنوبا حيث نجد مصطلحات سياسية من قبيل حركة عدم الانحياز والافروآسيوية... تنبع المراوغة هنا من منطلق أن المصطلحات كمفاهيم تمتلك القدرة على إثارة الخيال... والمؤسف في هذه النظرة أن بامكانها طرح السؤال الآخر... عن الوجه الآخر للعلاقة بين افريقيا والعرب... السؤال هنا عن ماذا تعني افريقيا بالنسبة الى العرب؟
إفريقيا هي ثاني أكبر قارات ا لكرة الأرضية مساحة لكنها في الوقت نفسه أكثرها تفتتا ففيها 52 دولة قامت علىحدود واهية لا علاقة لها بالتركيب القبلي للسكّان الاصليين... فالحدود كانت دائما حدود المصالح المتنافرة للقوى الاستعمارية وليست حدودا بين شعوب القارة السوداء الموقع الجغرافي لهذه القارة فريد من نوعه فهي تطل على أوروبا من خلال البحر الأبيض المتوسط وعلى أمريكا من خلال المحيط الاطلسي وعلى الشرق كله من خلال المحيط الهندي... وربّما كانت هذه المزايا جميعا السبب الرئيسي في حملات الاستعمار التي حوّلت هذه القارة من أكثر القارات غنى الى أكثرها فقرا...
الجدار الخلفي للعرب
افريقيا هي فعلا الجدار الخلفي للعرب وهي حزام الأمن الذي يطوّق الوطن العربي من الجنوب... وفضلا عن ذلك فإنها تعدّ «مخزنا اقتصاديا» مهما جدا بالنسبة الى العرب... فحروب المياه يمكن أن تندلع في حوض النيل وحروب السيطرة على الطرق التجارية يمكن أن تنشب في القرن الافريقي وفي البحر الاحمر بالتحديد... وعلى سبيل المثال فإن مصر كانت دائما محمية من الغرب بالصحراء ومن الجنوب بالادغال والخطر الداهم كان يأتيها من الشمال... لذلك كان خط الدفاع الرئيسي عن مصر وأمنها يقع في الشام... هكذا كان الحال مع غزوات الحوثيين والاشوريين والمغول لكن في العصر الوسيط تغيرت الأحوال لا سيما مع ازدياد أهمية التجارة الدولية العابرة لبرزخ السويس ولقناة السويس في ما بعد... فالزحف الفاطمي جاء من الغرب... والزحف الفرنسي بدأ في الغرب أيضا... وأصبح الأمن المصري معرّضا للخطر لا من الشمال وحده بل من الجنوب أيضا أي في منبع النيل نفسه...
إن العقيدة الأمنية الاسرائيلية كانت ترى في افريقيا مجالا مهما جدا لادارة الصراع العربي الاسرائيلي وميدانا لا يمكن الاستغناء عنه في حربها مع العرب... وذلك من خلال العمل على:
1) تطويق مصر من خلال السيطرة على النطاق الجغرافي المحيط بها.
2)تأمين الملاحة الاسرائيلية في البحر الاحمر من خلال الوجود الظاهر في أثيوبيا ثم في أريتريا.
3) تأمين مستوردات الألماس وصادرات السلاح.
4) كسر حلقة المقاطعة العربية المفروضة على اسرائيل.
5) اكتساب الشرعية الدولية.
6) تهجير اليهود الافارقة الى اسرائيل، وبناء على هذه الأهداف مجتمعة شرعت اسرائيل في «اللعب» في القرن الافريقي لتأمين مضيق باب المندب وفي دول منابع النيل للضغط علىمصر والسودان... وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية للتحرّش بها وتمكّنت من تأسيس وجود عسكري واستخباراتي لها في كل من كينيا وأثيوبيا وأريتريا والكونغو الديمقراطية وليبيريا... وقد نجحت على العموم في اختراق القارّة السمراء وفي اضعاف الموقع العربي التقليدي في دول جنوب الصحراء.
اختراق اسرائيلي
حتى عام 1956 لم تكن في افريقيا الا دولتان تقيمان علاقات مع اسرائيل هما أثيوبيا وليبيريا... لكن هذا العدد ارتفع الى 32 دولة عام 1970... ومنذ عام 1979 تقيم اسرائيل علاقات ديبلوماسية كاملة مع مصر ولها تمثيل غير ظاهر في دول أخرى افريقية... إن هذا «الاختراق» الاسرائيلي كان في الحقيقة ممكنا بفضل التخطيط بعيد المدى و«القضم» المتدرّج من المواقع العربية في افريقيا... لكن المؤسف هنا أنه في مقابل هذا النجاح الاسرائيلي المتدرج في اختراق افريقيا كان العرب ينتقلون وبشكل متدرج وأحيانا متسارع من تراجع الى تراجع...
ومع أن الاقطار العربية وقفت ضد أنظمة الفصل العنصري في جنوب افريقيا وروديسيا (زمبابوي في ما بعد)... ومع أن معظم الدول الافريقية قطعت علاقاتها باسرائيل بعد حرب أكتوبر 1973 تظامنا مع العرب ومع أن اسرائيل ظلّت دائما مكروهة في افريقيا بسبب تعاونها مع أنظمة الفصل العنصري ومساندتها لحركات الانفصال في عدّة دول افريقية... ومع أن العرب دفعوا الكثير من الأموال للدول الافريقية فإن اسرائيل هي التي حصدت النتائج في النهاية حتى أن الرئيس الاريتري أسياس أفورقي الذي تلقّى دعما هائلا من بعض الأقطار العربية لم يتورّع عن ادارة ظهره للعرب.
عبء كبير... وتراجع خطير
إن الرصيد الذي حققته اسرائيل في افريقيا شكّل بلا شك عبئا كبيرا على كاهل العرب... كما أن الحضور الاسرائيلي المتزايد في افريقيا مثّل ضربة كبيرة أيضا للوجود العربي في هذه القارة السمراء... ومن شأن هذا الوجود العربي أن يندثر أصلا إذا لم يتحرّك العرب ويستعيدوا هذه القارة الجريحة من الوحش الاسرائيلي لا سيما بعد أن باتت دول حوض النيل ودول القرن الافريقي لا تمانع في منح اسرائيل مكانة تفوق في بعض الأحيان المكانة التقليدية لمصر...
د. صالح النعامي ل «الشروق»: الغياب العربي وراء البلية... والمطلوب رؤية شاملة وموحّدة
تونس الشروق : حوار أمين بن مسعود :
اعتبر الدكتور صالح النعامي أن الوجود الإسرائيلي في افريقيا يعتمد بالأساس على إلهاء الدول الكبرى عن الملفات الحيوية والاستراتيجية بإشغالها بمسائل جانبية مضيفا أن تل أبيب وجدت في القارة الإفريقية مجالا رحبا للامتداد في ظل الغياب العربي.
وقال النعامي في حديث ل «الشروق» إن القارة الإفريقية باتت مسرحا للتوازنات الدولية والديبلوماسية وأن الدول المتقدمة إضافة إلى البلدان الصاعدة أصبحت تبحث عن موطئ قدم لها في الفضاء الإفريقي.
وأوضح الباحث في الشؤون الصهيونية أن هذا الاختراق مرتبط بالعقيدة الأمنية المتمثلة في تهديد الأمن الاستراتيجي للدول الكبرى عبر التحالف مع الجهات التي تعاديها تكريسا للشعار القديم القائل بأن عدو عدوي صديقي ضاربا في هذا السياق مثال التحالفات التي أبرمتها مع إريتريا لتهديد الأمن اليمني إضافة إلى الدعم الذي تقدمه لحركة تحرير السودان لتجذير الانقسام في أرض النيلين وإيجاد موطئ قدم راسخ لها هناك.
رؤية استراتيجية
وأوضح أن التوجه الصهيوني نحو إفريقيا ليس وليد اللحظة وإنما هو رؤية استراتيجية كاملة للفضاء الإفريقي يسعى إلى دعم النفوذ الصهيوني الذي وصل به في بعض الأحيان إلى إسقاط أنظمة حاكمة في أوغندا وزنجبار.. مشيرا إلى أن التواجد الإسرائيلي لا يقتصر على الجانب العسكري وإن كان هو الأهم وإنما يتعداه ليشمل الأبعاد الاقتصادية والثقافية ذلك أن إسرائيل ضاعفت صادراتها من السلاح إلى نيجيريا خلال الاونة الأخيرة.
وفي إجابته عن استفسار «الشروق» عن أبعاد اعتماد إسرائيل في التغلغل الصهيوني على «الموساد» وليس الخارجية الإسرائيلية, أجاب الدكتور النعامي أن هناك تكامل أدوار بين الجهتين مشيرا إلى أن «الموساد» بدأ عمله الحقيقي مع «قايشن شلويح» في إفريقيا وأن الموساد أوكلت له مهمات ديبلوماسية منها تأسيس علاقات ديبلوماسية مع دول إفريقية لم تكن لها علاقات مع إسرائيل, أو إحيائها مع بعض العواصم الإفريقية التي قطعتها بعد حرب 1967 تضامنا مع القاهرة ودمشق.
وأبرز أن هذا التغلغل وصل إلى حد التنقيب على اليورانيوم واستخراجه دون أن يضع الموساد الدول الإفريقية في صورة ما يقوم به, مستشهدا بما كشفه العالم النووي الإسرائيلي أرئيل بخراخ بأن تل أبيب قامت بسرقة اليورانيوم من دول إفريقية دون علمها بحجة ان علماءها كانوا يقومون بأبحاث جيولوجية في صحارى تلك الدول.
وفي حديثه عن آليات الاختراق, أكد أن إسرائيل تركز على الدول ذات الطابع الشمولي والتي لا يستنكف حكامها في التضحية بمقدرات الوطن في سبيل تأمين مصالحه الذاتية.
وأضاف أن إسرائيل تقدم نفسها لهؤلاء الحكام كدولة حريصة على مصالحهم الشخصية, فتقوم بتدريب حراسهم الشخصيين وتسليحهم بأفضل العتاد وبتدريس بعض الطلبة في جامعاتها ومنحهم خبراء في الشؤون الاستخباراتية والعسكرية , وبهذا تشتري مصلحتها العلوية بمصالح ضيقة.
صخب الصمت الأوروبي
وفي تعليقه على استفسار «الشروق» عن سكوت الدول الأوروبية فرنسا وبريطانيا من اختراق إسرائيل لدول تعتبرها مستعمراتها السابقة مكامن نفوذها الحالي والمستقبلي قال المتخصص في المسائل الإسرائيلية ان المخابرات الفرنسية نسقت مع السي أي إيه في 1984 لتهجير الالاف من اليهود الفلاشا من إثيوبيا الى إسرائيل , مشيرا إلى أن هذه الحادثة لا تعني بالضرورة وجود تواطؤ بين هذه الدول وإسرائيل لفسح المجال أمام تل أبيب.
وأضاف أنه وعلى الرغم من كل هذا التغلغل الإسرائيلي في المستعمرات السابقة لفرنسا وبريطانيا فإنه لا يوجد تبرم معلن من طرفيهما الأمر الذي يطرح عدة أسئلة في هذا السياق.
ورجح أن تكون اللوبيات اليهودية المتناثرة في القارة العجوز قد أثرت على السياسة الخارجية للدول الاستعمارية القديمة وعلى تصورها للوجود الصهيوني هناك.
وفي حديثه عن الغياب العربي , عزا النعامي هذا الغياب إلى افتقاد العرب للمشروع الموحد والرؤية الشاملة مشيرا إلى أن إسرائيل تجتاح إفريقيا وفق تصور محدد وأن إيران والصين عندما تلقيان بثقلهما في الفضاء الإفريقي فهما تجسدان مشروعين خاصين بهما.
واعتبر أن غياب العرب حث بعض الدول الإفريقية على التطاول عليهم..داعيا الأقطار العربية إلى استعادة زمام المبادرة عبر صياغة مشروع موحد يعكس طموحاتها واستحقاقاتها ويحول دون مزيد التغلغل الصهيوني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.