هل باعت روسياإيران لكسب ودّ الولاياتالمتحدة؟ سؤال يكتسب شرعيته انطلاقا من توتر العلاقات الروسية الإيرانية، على خلفية دعم موسكو للعقوبات على إيران، وانتقاد القيادة الإيرانية لنظيرتها الروسية، والتلاسن الأخير بين الحليفين، يكشف بوضوح أن ثمة «طبخة» ما قد تفضي في النهاية إلى انتهاء شهر «العسل» الروسي الإيراني. والمعلوم في ما مضى أن روسيا كانت إلى وقت قريب الحليف الذي راهنت عليه طهران لإفشال أي مشروع عقوبات تطرحه الولاياتالمتحدة وحليفاتها في مجلس الأمن الدولي. وقد انتبه عدد من الخبراء إلى أن موسكو رغم علاقتها الوطيدة بطهران تسعى في الأثناء إلى تحسين علاقاتها مع أمريكا، مشيرين إلى أن للرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف توجها مختلفا نوعا ما عن سلفه ورئيس حكومته فلادمير بوتين. وثمن تحسين العلاقات ضمن ما تقتضيه المصلحة فرض على موسكو التضحية بإيران، تماما كما فعلت في السابق مع نظام صدام حسين. في شهر مارس من عام 2009، نشرت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» مقتطفات من بحث أعده خبير مركز معهد الأمن الدولي والعلاقات الدولية التابع لأكاديمية العلوم الروسية فلاديمير يفسييف، تحدث فيه (البحث) عن صفقة روسية أمريكية على حساب إيران، والصفقة بحسب الخبير الروسي تقضي بالحدّ من القوة الايرانية، وإلغاء صفقات تسليح طهران، والبداية كانت بتعليق بيع منظومة، «اس 300» الصاروخية لإيران. ويقف الخبير الروسي عند تداعيات إلغاء عقود التسليح، وأولها اشتداد الضغط على الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد، ودفع القوى السياسية المتنفذة لاستبداله. وضمن هذا السياق أوضح خبير مركز معهد الأمن الدولي والعلاقات الدولية التابع لأكاديمية العلوم الروسية فلاديمير يفسييف «أن إنتاج نظام اس 300 قد توقف، وأن القوة الدفاعية الجوية الروسية تنتقل الآن لاستعمال نظام اس 400 المتطور». وأضاف الخبير أن عثور إيران على اس 300 سيكون ممكنا فقط في حال نزع الأنظمة التي مازالت بحوزة القوات المسلحة الروسية، أو أخذها من دول أخرى، ترابط فيها مثل هذه الأنظمة، مثلا من بيلاروسيا»، التي تربطها بإيران علاقات شراكة إستراتيجية. ولفت يفسييف أيضًا إلى أن عملية تصدير «اس 300» لإيران يمكن أن تعمل على تعقيد الوضع في المنطقة تعقيدا حادا. وأضاف الخبير الروسي أن «نشر الأنظمة الصاروخية وتدريب الكادر المحلي لإدارتها تتطلب ما لايقل عن 6 أشهر ، مشيرا إلى تجربة أكرانيا المريرة التي صدرت لجورجيا أنظمة دفاعية جوية مماثلة، واضطرت بالنتيجة إرسال خبرائها العسكريين لإدارة هذه المنظومات اثناء حرب الأيام الخمسة في أوت 2008، واسقاط المقاتلات الروسية، بعد أن ظهر أن جورجيا لا تتمكن من إدارتها». وعلى تقديرات يفسييف فإن المنظومات الدفاعية تلك ستكون وهي في مرحلة النشر، هدفا للضربات الصاروخية وهجمات فصائل التخريب الأمريكية والإسرائيلية، مشيرا إلى قلق واشنطن وتل أبيب من احتمال نصب «اس 300 » في إيران. وأعادت تلك الوقائع للأذهان أن أمريكا وإسرائيل تخشى من أن طهران ومع وصول «اس 300» ستحصل على منظومات مضادة للأهداف الجوية قادرة على صدّ أي هجوم أمريكي إسرائيلي، وأن الصواريخ «تور ام 1» المضادة للطائرات التي كانت روسيا قد صدرتها لإيران عام 2006 ، قادرة على أن تكون فعالة فقط في حال وجود «اس 300» الى جانبها، وأن إيران لن تتمكن من العثور على بديل عن الصواريخ الروسية المطلوبة: فإن المنظومة الصينية «هونجكيو اتش كيو 18» التي تعد نسخة عن «اس 300» أضعف بكثير من الناحية النوعية عن مثيلتها الروسية، علاوة على أن الصين لم تصدر صواريخها المضادة للأهداف الجوية لأي طرف كان. وإذا لم تحصل إيران على صواريخ «اس 300» من روسيا فإن ذلك سيشل البرنامج الصاروخي النووي الذي يعمل الرئيس محمود أحمدي نجاد على تطويره. وكانت أنباء ترددت نهاية عام 2009، تفيد بأن الرئيس الأمريكي عرض على نظيره الروسي صفقة سياسية تقضي بامتناع واشنطن عن نشر منظومة الدرع الصاروخي في أوروبا، مقابل ممارسة روسيا ضغطا شديدا على إيران ووقف مدّها بصواريخ «اس 300» ولكن روسيا تراجعت لاحقا عن الاتفاق وزودت طهران بعدد من الصواريخ المتفق عليها.