... هو فرد في صيغة الجمع... فنان امتهن كل الفنون من العزف الى الغناء ثم من التقليد الى التمثيل... قال: «أنا من عرّفت بفن التقليد في تونس... وأنا أول تونسي يعمل على القلابس..» أراد ان يغرّد خارج السرب فغاب عن التلفزة وصرّح. ... وقع تغييبي ولا أدري لماذا؟! يرى نفسه غريبا عن مهرجان قرطاج ليؤكد ان لا علاقة له بهذا المهرجان وأنه من كوكب آخر. هو الفنان الكبير جلول الجلاصي الذي يفتح قلبه ل «الشروق» بعد غياب عن الاعلام ليخصنا بالحوار التالي: ٭ غياب دام سنوات عن الشاشة الصغيرة، ما مردّه؟ وقع تغييبي.. لا أدري لماذا؟! زرت مديري الفضائيات التونسية واستفسرت عن سبب تغييبي فلم أجد اجابة ولولا برنامج «سفيان شو» لكان غيابي 100٪ وبالمناسبة أشكر سامي الفهري. ٭ منذ متى وأنت غائب عن التلفزة التونسية؟ منذ سنة 2004 عندما شاركت مع منصف ذويب في مسلسل «يا مسهرني» الذي لم يشاهده الجمهور نظرا للتوقيت الذي اختاروه للبث بعد منتصف الليل وأحيانا العاشرة ليلا.. حتى توقيت البث متذبذب! ٭ مَن «هم» الذين تتحدث عنهم؟ المسؤولون عن التلفزة. ٭ هل هذا مقصود؟ لا أدري... ٭ لديك حنين للشاشة الصغيرة؟ حنين للعمل وليس لمجرد الظهور... لست في حاجة لذلك. ٭ تحيا بعيدا عن التلفزة لكنك تعيش في صلب الإذاعة؟ فرقة الإذاعة هي الفرقة الأم، هي التي أنجبت الأغنية التونسية انطلاقا من الجيل القديم وصولا الى جيل اليوم لكن للأسف نحن لا نحيا تلك الأجواء التي مضت. الفرقة اليوم تعيش حالة من البطالة لا وجود للانتاج... نحن اليوم نكرر في القطع القديمة ليس هناك حفلات كالسابق عندما كنّا نحيي الحفلات في المسرح البلدي ونسافر... لكن اليوم نعيش بعض الركود. ٭ ماذا تفعلون إذن؟ نحن موظفون، نشتغل وأمورنا الإدارية جيدة لكن الإشكال الوحيد يبقى في ركود الانتاج. ٭ انت عايشت أجيالا من الموسيقى ما الذي تغيّر بين الأمس واليوم؟ البون شاسع والفرق كبير على جميع الأصعدة الأصوات قديما كان لها بصمتها... اليوم كل الأصوات متشابهة الالحان كانت تونسية صرفة، تعزف بآلات عربية، اليوم أدخلوا عليها الآلات الغربية «الڤيثار والأورغ» وخصوصا «الريتم» الإيقاع الذي كان من قبل يعتمد على الدربوكة. وهذه «الدبابة» التي دخلت على الفرقة العربية التي تسمى «البطري» أفسدت تركيبتها. اما عن المطربين فقد تحوّلت غاياتهم الى ترقيص الجمهور لا غير. والحمد لله أم كلثوم وعبد الحليم وعبد الوهاب رحلوا وإلا طردوهم «بالطماطم». وضع الفن في العالم العربي تحول الى «كاباري كبير». ٭ وماذا عن مهرجان قرطاج؟ هذا المهرجان خاضع لقوانين نحيا على وقعها اليوم لذلك يجد مديروه أنفسهم بين المطرقة والسندان بين ارضاء النخبة او ارضاء الذين يحبّون «الشطيح» وإذا ما خيّر النخبة وفضّل الفن فإن الفشل سيكون من نصيبه. ٭ علاقتك بمهرجان قرطاج؟ ليست لي أية علاقة مع هذا المهرجان.. أنا غريب عنه.. لم أصعد على ركحه ولا أنتظر ذلك... أنا من كوكب آخر.. لا يعترفون بي.. الحمد لله هناك المهرجانات المحلية تعرف قيمة جلول الفنية. ٭ ماذا أعددت إذن للمهرجانات الصيفية؟ «66 كيف» عرض فرجوي أقلّد فيه 66 صوتا من تونس والعالم العربي ومن تركيا والهند... أصوات تتكلّم ولا تغني وأخرى تغني ولا تتكلّم. خليط من التقليد فيه نقد لوضع الموسيقى الحالي وتذكير بالأصوات العربية الاصيلة على غرار الجموسي وعبد الوهاب.. أحاول بقدر الامكان ايصال رسالتي الى الناس. ٭ هل تقدّمت بمطلب الى إدارة مهرجان قرطاج؟ قدّمنا كمجموعة كاملة نصر الدين بن مختار والهادي ولد باب الله وجلول الجلاصي بعرض «ضحكولوجيا» لكن تم رفضه. ٭ تحدثت منذ قليل عن أزمة الموسيقى العربية وماذا عن المغني العربي حسب رأيك؟ اليوم يغنون نغمة واحدة هي «الكردي» نفس الايقاع الراقص ونفس التوزيع وهو «الصّونو» وهي آلة موسيقية مصرية ناشزة اسمها «الكولة». لدينا ملايين النغمات العربية لكن للأسف يستعلمون فقط نغمة واحدة... يكررونها حتى أن الموسيقى اليوم أصبحت مملّة. ٭ وماذا يقدّم جلول الجلاصي؟ أنا أقلّدهم «أتّرْيق» عليهم مثلما يقول «المصري» وبحكم وجودي في برنامج «سفيان شو» التقيت بالعديد من هؤلاء المنشزين ما عدا الفنان الكبير هاني شاكر الذي يحترم فنه ووائل جسّار إذا بقي بعيدا عن موسيقى «الهزّان والنفضان». ٭ على ذكر برنامج «سفيان شو» من اختارك في لجنة التحكيم؟ سامي هو الذي اختارني لأني أجيد الغناء والعزف والتقليد. ٭ ألا ترى انكم في هذا البرنامج تساهمون بشكل كبير في بناء جيل سوف يتربى على هذه القواعد الموسيقية المبنية على النشاز كما ذكرت منذ حين؟ لا... انا احكم فقط على خامة الصوت وبمقاييس علمية لا دخل لي في اختيار الأغاني.. ما يغنونه تعلّموه في بيوتهم.. ٭ من الموسيقى والغناء الى فن التقليد وهو اختصاصك. ماذا عن هذا الفن في تونس؟ هو فن غير معروف في بلادنا. أنا الذي عرّفت به في أواخر الثمانينات وأول التسعينات، لكن هذا الفن يتطلب الكثير من الحرية وفي نفس الوقت تقبّل الشخص الذي أقلّده للموضوع لكن للأسف هذا لم أجده سواء من الفنان او الرياضيين. ثم الى جانب ذلك لديّ الفضل كأول تونسي يعمل على القلابس. وكان لها صدى إيجابي وسلبي في نفس الوقت حتى ان بعض الناس رفعوا قضايا وصلت الى المحاكم عندها توقفت «القلابس». لكن للأسف هؤلاء لا يعلمون ان شراك نجح في الانتخابات بالقلابس عندما تم التصويت ل «قلبوسة» لأن «القلبوسة» تصنع فقط للمشهورين. ٭ من يجيد فن التقليد في تونس حسب رأيك؟ خميّس الجميعي من أكبر المقلّدين في العالم وهو مريض الآن شفاه الله والفنانة سنية البجاوي في تقليد النساء. ٭ ماذا يتطلب هذا الفن؟ الموهبة، الذكاء الحضور، التواصل والجهد.. ٭ لو نتحدث قليلا عن برامج الواقع التي تساهم في تشكيل نوعية جديدة من الفنانين اليوم؟ على غرار «ستار أكاديمي» أنا اسميه «سخط» أكاديمي. حقيقة شيء مخجل هذا البرنامج لا استطيع ان أشاهده مع عائلتي. ومازاد الطين بلة تلك الفضائح التي صنعها الثنائي التونسي... لابدّ من وزارة الثقافة بالتعاون مع وزارة الداخلية ان يأخذا الاجراءات اللازمة تجاه تلك الفتاتين..لابدّ من سجنهما لأنهما لم يحترما هذا الوطن ولا رجالاته. ٭ وما رأيك في هؤلاء الفنانين المتخرجين من هذه البرامج؟ لا أعرفهم.. ٭ هم نجوم يحبهم الجمهور وغنّوا في قرطاج! لن يصمدوا لأن الموهبة ربّانية لا تصنع... أنا أريد أن أعرف شيئا لماذا اسمهان وأم كلثوم وعبد الوهاب لم يتخرّجوا من هذا الستار؟ ٭ أنت ضد هذه البرامج وابنتك سبق وأن شاركت في «نجوم الطريق»؟ لم أشجّعها لأسباب عدة وأولها أني كنت متأكدا انها لن تجني شيئا وفي آخر الأمر انسحبت عن قناعة من «نجوم القايلة» كما يحلو لي تسميته. ٭ كيف تقيّم صوت نور شان (ابنته)؟ جيّد (حلو) ٭ نعود الى التمثيل وبالتحديد الى المسرح: ماذا يقول جلول في موجة «الوان مان شو»؟ موضة العصر لكن الوحيد الذي أبدع في هذا المجال «لمين» هو فقط لديه الخبرة عكس البقية. ٭ وأنت، ألا تنوي خوض هذه التجربة؟ مشكلتي في النص، لم أجد من يكتب لي. أنا فكّرت في الموضوع وشرعت في إنجاز عمل من نوع ال«وان مان شو» مع منصف ذويب لكن لم يتواصل. ٭ تحدثت عن عدة أوضاع متردية... ماذا يتمنى جلول الجلاصي؟ أن يردّ اعتبار الموسيقى التونسية والعربية بصفة عامة وأتمنى ان تواصل وزارة الثقافة رعايتها للفنان التونسي وخاصة المتقاعدين وأشكرها على المنحة التي توفّرها لهم لكن للأسف 190 دينارا لن تسدد فاتورة الماء والكهرباء.