تونس «الشروق»: الفنان توفيق الناصر، من المطربين التونسيين الذين أعطوا للأغنية التونسية الكثير والكثير، والمقابل لم يكن في حجم العطاء وأقصد هنا المقابل المعنوي... توفيق الناصر غنى لكبار الملحنين ولحن لكبار المطربين، غنى ولحّن في شتى الأغراض، القصيد والأغنية الوطنية والدينية والعاطفية غنى ولحن لنزار قباني وأحمد شوقي وأحمد اللغماني وأحمد خير الدين وغيرهم لكن مع كل هذا الرصيد الثري، لم يمنع بعضهم من مهاجمته. توفيق الناصر مستاء من بعض الأطراف، لكن متمسك بفنه وحريص على الاستمرارية. في هذا اللقاء يتحدث عن فنه وذكرياته وأيضا مشاريعه... كيف كانت بدايتك الفنية؟ من الكشافة التونسية في صفاقس كنت أنشط ضمن فرقة كشفية ب«دار الثقافة والتعاون المدرسي» وكان المرحوم ونّاس كريم أول أستاذ موسيقي في حياتي.. وبعد الكشافة هل انضممت إلى فرقة موسيقية بصفاقس؟ لا، لأن عائلتي تحولت إلى تونس، فانضممت إلى الرشيدية وتتلمذت على يد أساتذة أجلاء مثل صالح المهدي والطاهر غرسة ومحمد التريكي وخميس ترنان... ومن الرشيدية بدأت أنشط وأول جمعية انضممت إليها كانت جمعية الرعد للتمثيل والموسيقى التي تخرّج منها علي بن عياد وعلية وبقيت ضمنها لمدة ثلاث سنوات... وبعد هذه التجربة؟ بدأت أعمل مع بعض الفرق الموسيقية مثل فرقة «ليالي تونس» للمستاري العيد، وفرقة «المنار» لرضا القلعي وفرقة «العصر» لحسن الغربي. ومتى أخذت استقلالك كفنان؟ عندما بعثت صحبة صديقي عزالدين إيدير فرقة «البخت» وكان ذلك في أواخر الخمسينات وبداية الستينات.. مشوارك الفني بدأ قبل انضمامك للإذاعة إذن؟ هذا صحيح، نشاطي كان خارج الإذاعة لكن انضممت إليها عام 1966 وقتها كنت أدرس الموسيقى بمعهد أريانة وعند دخولي الإذاعة صرت ضمن المجموعة الصوتية وشيئا فشيئا أصبحت أقدم الأغاني... هل تذكر أول أغنية من تلحينك؟ طبعا كانت أغنية «ايجيك نهار وتتفكرني» وبعدها قصيد «وداعا لست أهواك» للشاعر سويلمي بوجمعة. وما هي الأغنية التي قدمتك للجمهور العريض؟ كانت أغنية «يا اللي انت غالي علية» كلمات رضا الخويني وألحان محمد أحمد. قبل أن تنطلق في التلحين، لمن غنيت؟ غنيت للكثير من الملحنين أذكر منهم صالح المهدي والشاذلي أنور ورضا القلعي ومحمد سعادة ووناس كريم وحسن الغربي... ولمن لحنت من المطربين؟ لحنت للمطربة علية وزهيرة سالم ومصطفى الشرفي ويوسف التميمي وعزالدين إيدير ومحسن الرايس وصفوة ومن الأصوات الجديدة آمنة فاخر وسمية الحثروبي. لكن كانت لك تجارب خارج الحدود؟ نعم، كنت كثير السفر وزرت كثيرا من البلدان العربية والتقيت العديد من الفنانين فقد لحنت للمطرب السعودي محمد عبده قصيد «جريح» كلمات الشاعر فائق عبد الجليل كما لحنت لمطربين من المغرب والجزائر وليبيا... كم عمرك الفني اليوم؟ 45 عاما وكم حصيلة أعمالك؟ في حدودة 100 أغنية هل هذا العدد مناسب لعدد سنوات العمل؟ لم أكن أبحث عن الكم بل الكيف، أغلب إنتاجاتي كانت مقترنة بإحداث وطنية أو دينية أو أحداث شخصية أعمالي نابعة من الواقع. هل تعتبر انك محظوظ؟ نعم أنا محظوظ لأنني عشت العصر الذهبي للأغنية التونسية وأخذت فرصتي كاملة.. ألم تندم على عمل قدمته؟ لا، لم أندم على عمل لحنته وأديته لكن هناك أعمال قبلت أداءها في ظروف معينة سببت لي مشاكل في حين لم أكن صاحبها. هل تعرضت إلى الظلم؟ نعم، آخرها من صاحب قلم في صحيفة وهو منشط في قناة «حنبعل» وأقصد وليد الزراع لقد هاجمني وتجنى على شخصي وسأرفع ضده قضية عدلية. كانت لك علاقة وطيدة بالإعلامي المرحوم صالح جغام؟ طبعا، هو صديقي رحمه الله، وصداقتي مع صالح جغام سببت لي الكثير من المتاعب بعضهم أراد تصفية حساباته مع صالح بسبب الغيرة فهاجموني لكنها فترة وانتهت وأنا معتز بصداقتي لصالح جغام. هل ثمة أعمال تعتزّ بها؟ أعتزّ بكل أعمالي لكنني أفتخر بأنني الفنان العربي الوحيد الذي لحن لعميد الأدب العربي طه حسين. وهل طه حسين شاعر؟ نعم، كتب أربع قصائد، وبفضل صديقي الشاذلي زوكار تمكنت من الحصول على قصيد منهم وكان بعنوان «لا أبالي» لحنته وأديته... لكننا لم نسمعه؟ ليس العمل الوحيد الذي لا يبت، مستودع مقرين التابع للإذاعة فيه كل التسجيلات ونحن لا نشاهد إلا أغنية المرحوم الهادي الجويني تونس ولادة وأنجبت الكثير من الفنانين ولم تنجب إلا الجويني لقد سجلنا الكثير من السهرات ومنها سهرات «نادي المرح» لمحمد الجموسي لكننا لا نشاهدها. متى تنوي التقاعد عن الغناء؟ عندما أشعر أنني فقدت إمكاناتي الصوتية ولم أعد قادرا على العطاء الفنان لا يتقاعد إلا إذا فقد مؤهلاته.
