ايقاف 22 محتجا خلال تظاهرة داعمة للفلسطينيين في متحف بنيويورك    مدير عام منظمة الصحة العالمية.. الجائحة التالية ليست سوى مسألة وقت    أخبار المال والأعمال    دليل مرافقة لفائدة باعثي الشركات الأهلية    انقسامات داخلية حادة تهز الاحتلال حول خطة بايدن لإنهاء الحرب    منوبة .. تهريب أفارقة في حشايا قديمة على متن شاحنة    برنامج الغذاء من أجل التقدم 110 مليون دينار لدعم إنتاج التمور في تونس    إطلاق منصّة جبائية    لوقف الحرب في غزّة .. هذه تفاصيل المقترح الأمريكي    رابطة الأبطال: الريال بطل للمرّة ال15 في تاريخه    علوش العيد .. أسواق الشمال الغربي «رحمة» للتونسيين    رادس: محام يعتدي بالعنف الشديد على رئيس مركز    عادل خضر نائب لأمين اتحاد الأدباء العرب    بن عروس.. نتائج عمليّة القرعة الخاصّة بتركيبة المجلس الجهوي و المجالس المحلية    أمطار الليلة بهذه المناطق..    الفيضانات تجتاح جنوب ألمانيا    إختيار بلدية صفاقس كأنظف بلدية على مستوى جهوي    الرابطة 2.. نتائج مباريات الدفعة الثانية من الجولة 24    كرة اليد: الترجي يحرز كأس تونس للمرة 30 ويتوج بالثنائي    بنزرت: وفاة أب غرقا ونجاة إبنيه في شاطئ سيدي سالم    شاطئ سيدي سالم ببنزرت: وفاة أب غرقا عند محاولته إنقاذ طفليه    تحذير طبي: الوشم يعزز فرص الإصابة ب''سرطان خطير''    إستقرار نسبة الفائدة عند 7.97% للشهر الثاني على التوالي    محرزية الطويل تكشف أسباب إعتزالها الفنّ    الحمادي: هيئة المحامين ترفض التحاق القضاة المعفيين رغم حصولها على مبالغ مالية منهم    عاجل/ الهلال الأحمر يكشف حجم المساعدات المالية لغزة وتفاصيل صرفها    بداية من اليوم: اعتماد تسعيرة موحّدة لبيع لحوم الضأن المحلية    بلاغ مروري بمناسبة دربي العاصمة    عاجل/ إتلاف تبرعات غزة: الهلال الأحمر يرد ويكشف معطيات خطيرة    إمكانية نفاذ منخرطي الكنام إلى فضاء المضمون الاجتماعي عبر منصة 'E-CNAM'    وزارة التربية: نشر أعداد ورموز المراقبة المستمرة الخاصة بالمترشحين لامتحان بكالوريا 2024    الهلال الأحمر : '' كل ما تم تدواله هي محاولة لتشويه صورة المنظمة ''    كرة اليد: اليوم نهائي كأس تونس أكابر وكبريات.    غدا : التونسيون في إنتظار دربي العاصمة فلمن سيكون التتويج ؟    تجربة أول لقاح للسرطان في العالم    بعد إغتيال 37 مترشحا : غدا المكسيك تجري الإنتخابات الاكثر دموية في العالم    وزيرة الإقتصاد و مدير المنطقة المغاربية للمغرب العربي في إجتماع لتنفيذ بعض المشاريع    حريق ضخم جنوب الجزائر    أنس جابر معربة عن حزنها: الحرب في غزة غير عادلة.. والعالم صامت    وزير الصحة : ضرورة دعم العمل المشترك لمكافحة آفة التدخين    اتحاد الفلاحة: هذه اسعار الأضاحي.. وما يتم تداوله مبالغ فيه    قتلى في موجة حر شديدة تضرب الهند    عاجل/ بنزرت: هذا ما تقرّر في حق قاتل والده    لأول مرة بالمهدية...دورة مغاربية ثقافية سياحية رياضية    من الواقع .. حكاية زوجة عذراء !    غمزة فنية ..الفنان التونسي مغلوب على أمره !    ماذا في مذكرة التفاهم بين الجمهورية التونسية والمجمع السعودي 'أكوا باور'؟    رئيس الحكومة يستقبل المدير العام للمجمع السعودي 'أكوا باور'    أول تعليق من نيللي كريم بعد الانفصال عن هشام عاشور    البرلمان : جلسة إستماع حول مقترح قانون الفنان و المهن الفنية    مستشفى الحبيب ثامر: لجنة مكافحة التدخين تنجح في مساعدة 70% من الوافدين عليها على الإقلاع عن التدخين    الشايبي يُشرف على افتتاح موسم الأنشطة الدّينية بمقام سيدي بالحسن الشّاذلي    الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثرية والتاريخية مجانا يوم الأحد 2 جوان    الرابطة المحترفة الأولى: مرحلة تفادي النزول – الجولة 13: مباراة مصيرية لنجم المتلوي ومستقبل سليمان    الإعلان عن تنظيم الدورة 25 لأيام قرطاج المسرحية من 23 إلى 30 نوفمبر 2024    من أبرز سمات المجتمع المسلم .. التكافل الاجتماعي في الأعياد والمناسبات    مواطن التيسير في أداء مناسك الحج    عندك فكرة ...علاش سمي ''عيد الأضحى'' بهذا الاسم ؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جرة قلم: الرابح الكبير... تمرير الوقت
نشر في الشروق يوم 02 - 06 - 2010

عندما تخطّى باراك أوباما عتبات البيت الابيض كانت الهالة والتعاليق توحي بأن عهدا جديدا قد بدا في العالم الذي تربعت على عرشه الولايات المتحدة الامريكية وأن مفاتيح التغيير الى الافضل في جيب الرجل الذي تسري في عروقه بعض من دماء أجداده الافارقة المسحوقين... وعندما خطب في العرب وخاطب المسلمين كان كمن يقرأ فصولا من جمهورية أفلاطون عدلا وأخلاقا ومبادئ... ونسينا ونسي كثيرون أن الرجل من دولة مؤسسات وأمضاها نفوذا بيد اليهود... وأنه من حزب له ثوابت وأهمها أنه محضية اللوبيات الصهيونية التي جعلت 78 بالمائة من اليهود الامريكان يصوّتون للحزب الديمقراطي... وغفلنا وتغافلنا عن أول اختياراته لطاقمه / ربما لأننا نعيش على حقيقة أن الامور دائما بيد الرئيس مهما كان أصل وفصل معاونيه ومستشاريه... وأول اختيارات أوباما كانت تهم مدير مكتبه أي رئيس موظفي البيت الابيض والذي يشرف على كل مواعيد الرئيس وله دخل في نشاطاته ولا شك أيضا في البعض على الأقل من اختياراته مباشرة أو عن طريق آخرين... والمدير الذي اختاره أوباما لمكتبه هو (راحيم عمانويل) / وعلى عادة الامريكيين يختصرون الاسم الى رام /... هو يهودي... وليس في اختيار الدّين عيب... إلا أنه يهودي من طينة خاصة فأسرته عاشت في القدس في الاربعينات من القرن الماضي أي عندما كانت الحركة الصهيونية تستعد لاغتصاب فلسطين وأبوه (بنيامين) وهو الطبيب ذو «المهنة الانسانية» كان عضوا نشطا في عصابة (الايرغون) التي نفذت وهو معها مجزرة دير ياسين. وبعد الاغتصاب كانت الجنسية «الاسرائيلية» من نصيب أسرة عمانويل كلها ولم ينسوا ذلك عندما هاجروا الى الولايات المتحدة في الستينات محتفظين ببيت لهم في فلسطين حتى الآن... وعندما تزوج راحيم من فتاة أمريكية مسيحية لم يرضه إلا اعتناقها الديانة اليهودية... وعندما رزق بمولود أبى تعميده إلا في «اسرائيل»... وعندما بدأت صواريخ صدام حسين تتساقط على الكيان الصهيوني في حرب الخليج الثانية عام 1991 ترك (رام) كل شيء وخف الى اسرائيل متطوعا وقضى عشرة أشهر كاملة يعمل في وحدات الصيانة العسكرية في شمال فلسطين.
هذه واحدة... وحسبنا أن كل ذلك لا أثر له على قناعات رب البيت الابيض الذي اختزن في ذاكرته آلام الاضطهاد ومعانيه... خاصة وقد طالب بالدولة الفلسطينية القابلة حياة وبوقف الاستيطان وبالقدس لجميع الاديان وبشيء من العدل المفقود للسلام المنشود... وانكمش بنيامين نتانياهو رئيس حكومة العدو فترة في جلده لكن لم تطل المدة... فعلى شاشات التليفزيون شاهدنا هذا ال«نتانياهو» يهين نائب أوباما (جو بايدن) وهو يعلن على الملإ وفي حضرته عن بناء آلاف المساكن وفي القدس بالذات... ثم إذا بالمفاوضات من أجل الدولة تتقلص الى مفاوضات «غير مباشرة» تمهيدا للعودة الى المفاوضات... وإذا بأوباما ووزيرته للخارجية هيلاري كلينتون يرددان بنسق متسارع أن أمريكا هي الضامن لأمن اسرائيل وأنها ستزوّدها بقبة صاروخية وأن نتانياهو لم يعد ذاك الذي أغضب أوباما وأهان نائبه بل ما حصل لا يعدو كونه عتابا بين الأحباب... بل أنه استجدى نتانياهو أن يزور البيت الابيض وأوفد إليه رام عمانويل شخصيا يطلب منه التشريف بالزيارة... وتتواتر الاخبار... «وول ستريت جورنال» الصحيفة الامريكية الصهيونية تنشر ما مفاده أن إدارة أوباما هرّبت ستين من يهود اليمن وتعدّ لتهريب مائة آخرين من أصل 350 بقوا في أرض سبأ بعد ما نفذت اسرائيل عمليتي التهجير الكبيرتين (البساط السحري) عامي 1949/1950 بتهريب خمسين ألف يمني الى فلسطين... واجتمع الرئيس أوباما ب15 من أحبار يهود... والتقى لساعة ونصف مع 35 من أعضاء الكونغرس اليهود الذين أبلغوه أنهم سيوقفون مهاجمته إذا ما التزم بإعطاء الاولوية المطلقة لأمن اسرائيل وعدم فرض أي حل لا على حكومة نتانياهو ولا على أية حكومة أخرى وأنه يجب عليه أن يزور اسرائيل «لإثبات حسن النية» وقد وعدهم بذلك ونقل عنه قوله لهؤلاء ال35 أنه «داس على بضعة ألغام في خطواته الاولى في الشرق الاوسط (أي أنه أخطأ التوجّه والحساب)... واستضاف أوباما أيضا على العشاء (إيلي فيزل) وهو من أشد الصهاينة تعصّبا وهو الذي دعا علنا الى إخراج القدس من أية مفاوضات باعتبارها «العاصمة الابدية لاسرائيل» وأرضاه الرئيس... وأوفد رب البيت الأبيض اثنين من كبار رجالات مجلس أمنه القومي لتهدئة خواطر مؤسسات اللوبي الصهيوني خاصة وقد أعلن الحزب الجمهوري أنه سيكتسح الكونغرس في الانتخابات النصفية بعد نصف عام... واستضاف راحيم عمانويل جملة من حاخامات اسرائيل وأعادهم الى تل أبيب راضين مطمئنين وقالت صحيفة «هاآرتس» الاسرائيلية ان الرسالة كانت واضحة من إدارة أوباما: «إذا كنتم لا تريدون السلام فلا حاجة»... وحتى لا يزحف الجمهوريون على الكونغرس «فلا بأس اذا استمر الاحتلال الاسرائيلي ل43 سنة أخرى» (الكلام أيضا لهاآرتس)... وتنقل الصحيفة ذاتها عن عارف ببواطن الامور في دهاليز التآمر الصهيونية القول «من حظ نتانياهو أن أوباما ينكشف اليوم على أنه لا شيء... كذلك أبو مازن لا شيء... كلاهما لا شيء في نظره وعليه لن يحصل شيء... نتانياهو يعمل على تمرير الوقت... كذلك أبو مازن... المنتصر الأكبر هو تمرير الوقت».
ومن العاصمة الاردنية يأتي كلام في المعنى نفسه... فقد ذكر أن أبا مازن تحدث مع أطباء كانوا يعالجون حفيدته فأبلغهم أنه يدرك أن نتانياهو لن يقدم شيئا للفلسطينيين ولكن خياره الوحيد هو أبو مازن أن يفاوض ويستمر في المفاوضات ولا خيار غير ذلك.
نسب الى الداهية هنري كيسنجر القول أنه ليس لاسرائيل سياسة خارجية بل سياستها داخلية بالاساس أي أن التمسك بالسلطة أو الوصول اليها هو المحدد لكل الاختيارات... فهلا تنطبق هذه المقولة على الولايات المتحدة أيضا؟ وإذا كان رئيس السلطة الفلسطينية ورئيس منظمة التحرير قد ألغى كل خيار آخر غير التفاوض فهل نال أي مفاوض نصيبا من أي حق ليست وراءه قوة وإرادة مقاومة؟ اللهم اهد قومي...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.