تونس (الشروق): هي ممثلة من طراز رفيع، وفنانة استثنائية أعطت الكثير للمسرح وكانت صادقة مع فنّها فحققت النجاح واحتلت مكانة مرموقة في الساحة الفنية... تألقت في المسرح كما في التلفزة والسينما، نالت الجوائز في تونس، وحققت النجاحات خارج الوطن... هي الفنانة الممثلة والمخرجة دليلة مفتاحي التي نلتقيها في حوار المشوار الفني... دليلة كيف بدأت حكايتك مع التمثيل؟ البداية كانت مع الطفولة حيث شاركت في مسرحية وأنا تلميذة في السنة الثانية ابتدائي وكانت باللغة الفرنسية بالرغم من أننا لم نكن ندرس الفرنسية... هل تذكرين عنوان المسرحية؟ طبعا كيف أنساها وهي تجربتي الاولى في هذا الميدان، وهي مسرحية لموليار بعنوان: «دكتور كنوك»، بعدها واصلت التمثيل في المعهد ضمن الشبيبة المدرسية. وتجربة الاحتراف؟ تجربة الاحتراف الاولى كانت مع الفرقة القارة بجندوبة، كان ذلك عام 1978، ثم انتقلت الى المسرح الوطني التونسي مع المنصف السويسي، ثم تتالت التجارب مع المسرح العضوي ومع رجاء فرحات في الحمامات والفرقة البلدية، وبعض الشركات الخاصة. ما هي أهم المحطات الفنية في مشوارك؟ محطات كثيرة، سينمائيا في ايطاليا، أما في المسرح فأعتبر مسرحية «دار حجر» التي تحصلت على عدة جوائز وأيضا «حر الظلام» وتجربتي في الجزائر مع المسرح الوطني الجزائري من أهم المحطات في مشواري، هذا لا ينفي أنني قمت بتجارب أخرى مهمة مع نور الدين الورغي ومحمد المديوني في المسرح الوطني والفرقة البلدية... ماذا يمكن أن نعرف عن تجربتك مع الاشقاء في الجزائر؟ هي تجربة مع المسرح الوطني الجزائري في مسرحية «شهرزاد للّة النساء» تأليف ابراهيم بن عمر، قمت بإخراجها، وهذا العمل حلم راودني منذ خمس سنوات، وقد تحقق أخيرا بعد أن التقيت الفنان الجزائري بن قطاف مدير المسرح الوطني الجزائري، وتحدثنا حول المشروع، فرحب بالفكرة واقترح عليّ إنجاز العمل في الجزائر وهو ما تم فعلا. وهل قدمت المسرحية؟ نعم قدمت في الجزائر وحققت نجاحا جماهيريا وفنيا كبيرا وكتبت الصحافة الجزائرية الكثير عن العمل... هل يمكن اعتبار هذه التجربة نقلة نوعية في مشوارك؟ هي تجربة ككل التجارب، لكنها مهمة، لم تكن سهلة، فإن يفتح لك المسرح الوطني الجزائري أبوابه ويوفر لك كل الظروف الممتازة للعمل، فهذه ثقة كبيرة ومسؤولية جسيمة كان عليّ التعامل معها بكل جدية. وهل سنشاهد العمل في تونس؟ إن شاء الله، لي رغبة كبيرة لتقديم العمل ببلدي في النهاية هو عمل مشترك تونسي جزائري. وهل ستكررين التجربة؟ إن شاء الله، ثمة مشروع آخر. دليلة اليوم، وبعد 30 سنة من العمل، كيف تقيّمين تجربتك؟ أشعر أنني في خطواتي الاولى، مازلت في بداياتي كممثلة وكمخرجة. أليست بداية متأخرة نسبيا؟ ثلاثون سنة في عمر الفنان لا شيء، نحن نتعلم دائما ونطمح للافضل دائما... أشعر أنني لم أقدم بعد أفضل ما عندي مسرحيا وتلفزيا وسينمائيا. على ذكر التلفزة هل سنشاهدك في رمضان؟ نعم، لي دور صغير في مسلسل «المتاهة» لنعيم بن رحومة. بعد كل هذا المشوار وهذا الرصيد الهائل من الاعمال تقبلين دورا صغيرا؟ لا يقلقني هذا إطلاقا، المهم عندي هو أن يكون الدور جيدا والشخصية تتيح لي فرصة تقديم ما عندي من كفاءة في الأداء، لقد أحببت الشخصية في «المتاهة» ووجدت متعة في أدائها. متى ترفض دليلة دورا؟ عندما تكون الشخصية سطحية وليس فيها ما يلفت الانتباه، بمعنى أنها لا تتطلب جهدا على مستوى الاداء، وليس فيها إضافة... ما علاقتك بالسينما؟ لا أشعر أنني قدمت في السينما التونسية شيئا يذكر كلها مشاركات صغيرة، لم أقدم أدوارا تبقى في الذاكرة على عكس تجربتي في السينما الاجنبية... وفي المسرح؟ أشعر أن تجربتي المسرحية أخذت طريقها الصحيح. لماذا انتقلت من التمثيل الى الاخراج المسرحي؟ لم أنتقل، أنا ممثلة بالاساس، لكن هناك نصوص فرضت عليّ أن أكون خارج الركح، هي ليست نقلة وليست موضة، هي ضرورة العمل وضرورة النص، ثمة أعمال أنتجتها وكانت بإمضاء مخرجين آخرين وكنت على الركح. ما الفرق أن تكونين على الركح أو خارجه؟ هي عوالم مختلفة، لكن عندما أكون ممثلة أشعر بالراحة أكثر، الاخراج مسؤولية شاملة... ما هي روافد دليلة المفتاحي في عملها؟ الاعمال التي أشاهدها، أنا مستهلكة استثنائية للمسرحيات والافلام، فمثلا في مهرجان الاسكندرية الاخير شاهدت 52 مسرحية، هذا مرهق لكنني لم أشعر بالارهاق، كل عمل مسرحي جديد في تونس أشاهده، هناك أيضا قراءاتي، ولا أنسى ما رسب في ذاكرتي من طفولتي. ماذا عن هذه الطفولة؟ كانت طفولة صعبة وفي ظروف صعبة، لكنها كانت محطة مليئة بالمطالعة ومشاهدة المسرحيات التي كانت تقدم في جندوبة... هذه الطفولة هي التي قادتني الى الفن... هل أنت راضية على مشوارك؟ نسبيا راضية. هل معنى هذا أنك ندمت على تقديم بعض الاعمال؟ لم أندم، لأن هذه طبيعة عملنا الفني، الخطأ وارد، وكل تجربة لها حقيقتها، نعم أخطأت ولكنني تعلمت من أخطائي. لمن تدين دليلة بالفضل؟ أدين بالفضل لنور الدين الورغي، ثم لمحمد المديوني، هذا الثنائي هو الذي صقل موهبتي وقدمني في أولى تجاربي المحترفة.