كان النجم الارجنتيني «ميسي» يدرك جيدا ان كل الألقاب التي تحصّل عليها بألوان فريقه الاسباني برشلونة بما في ذلك أمجد الكؤوس الاوروبية وجائزة أفضل لاعب لاتيني في «الليغا» (2006 2007) وجائزة أفضل لاعب في العالم... وحتى الميدالية الذهبية في الألعاب الاولمبية مع منتخب بلاده في 2008 بالصين... قد لا تساوي شيئا إذا لم يرافقها التاج العالمي وهو ما سعى إليه الساحر الارجنتيني الصغير من بوابة مونديال جنوب افريقيا ليثبت للعالم بأسره أنه يستحق فعلا خلافة أسطورة القدم الارجنتينية «مارادونا» لكنه خيب الامال عندما غادر الارجنتينيون بلد مانديلا بهزيمة مذلة وثقيلة خلفت الحسرة في نفوس جماهير التانغو وعشاق مارادونا وميسي على حد السواء في مختلف أصقاع الكرة الارجنتينية. أثبت «ميسي» مرّة أخرى أنه «كبير» في برشلونة لكنه لم يصنع مجد الارجنتين ولم يقدر على خلافة مارادونا وقد يعود ذلك الى الأسباب التالية: مارادونا قيّده وغوارديولا حرّره من يشاهد «ميسي» وهو يلعب في صفوف برشلونة يلاحظ جيدا أنه لاعب طليق ومتحرّر ويتحمل مسؤولية توازي تلك التي يتحملها بقية رفاقه في الفريق ويستفيد «ميسي» من خطته كجناح فيستغل المساحات... أما في صفوف «التانغو» فقد رسخ «مارادونا» في ذهن اللاعب أن قوّة الارجنتين تكمن في امكانات «الفرد» لأن ذلك ما كان يؤمن به «مارادونا» سواء في صفوف منتخب «التانغو» أو أيضا في صفوف الفرق التي تقمص ألوانها خاصّة منها نابولي الايطالي (عندما قاده الى احراز الثنائي خلال موسم 1987 للمرة الأولى في تاريخه) أي أن مارادونا همّش دور المجموعة على حساب الفرد وهو ما لم يفعله المدرب «غوارديولا» مع «ميسي» في صلب برشلونة ومما زاد في تعقيد متاعب «ميسي» في صفوف منتخب بلاده الزج به في الخط الامامي للفريق كمهاجم صريح في أكثر من مناسبة فكان من الطبيعي على لاعب لا يتجاوز طوله 169 صنتيمترا أن يواجه المصاعب ويستسلم لمحاصرة المدافعين أصحاب القامات الطويلة والاندفاع المفرط. نجاعة هجومية في برشلونة وبلا أنياب في «التانغو» لم يتمكن «ميسي» سوى من تسجيل 13 هدفا بألوان منتخب «التانغو» وغادر كأس العالم بجنوب افريقيا دون تسجيل أي هدف!! بالرغم من أنه تصدّر في الدور الاول من المونديال قائمة التسديد المؤطر باتجاه مرمى المنافس (11 تسديدة) وانفرد كذلك بترتيب الهجمات المنفردة (18 هجمة قادها ميسي بمفرده) ولمس ميسي الكرة في 217 مناسبة. لكن دون جدوى، وهو ما يؤكد افتقاد «ميسي» للنجاعة الهجومية كلما تعلق الأمر باللعب في صفوف الارجنتين على عكس برشلونة تماما فهو عادة ما يسجل حصيلة كبيرة من الأهداف بلغت خلال موسم 2008 2009، 38 هدفا علما وأن النجاعة الهجومية ل «ميسي» في الفريق الكاتالوني عادة ما ترافقها النجاعة الهجومية لبقية رفاقه... على عكس الحصيلة الضعيفة التي يسجلها مواطنوه «تيفاز» و«أعذيرو» و«ايغوين» وهو ما يجعله مطالبا بتحمل المسؤولية بمفرده... غاب عنه تشافي وانيستا فتاه في أدغال جنوب افريقيا مؤكد أن العلاقة التي تجمع ميسي بالثنائي المتميز «أندريس انيستا» و«تشافي هيرنانديز» تكاد تكون عضوية ف «ميسي» قد يصبح لاعبا عاديا جدا اذا غاب عنه هذا الثنائي الذي يعتمد على فكر هجومي عال ومهارات فنية فائقة وهو ما جعل «ميسي» وحيدا معزولا في صلب الارجنتين بعيدا عن رفيقي الدرب في برشلونة وإذا عرفنا ان الاسباني «تشافي» قام الى حد الدور الاول من المونديال 8 تمريرات عرضية ناجحة وب 205 تمريرة ناجحة عموما ندرك جدا افتقاد «ميسي» الى هذا اللاعب المميز... وهو ما لم يجده «ميسي» في «فيرون» او «ماسكيرانو» و من أي لاعب أرجنتيني؟! شارة القيادة قلنا ان «مارادونا» كان يرى في ذلك الفتى الصغير صورته عندما ما كان لاعبا وحتى تكتمل ملامح تلك الصورة فقد تعمد «دياغو» منحه شارة القيادة وهو مازاد من حجم المسؤولية على عاتق ميسي وذلك بالرغم من أن مارادونا يعلم جيدا أنه هو نفسه لم يقد الأرجنتين لاعتلاء منصة التاج العالمي الا في سن 25 عاما!! في مونديال المكسيك عام 1986 فمؤكدا أن مارادونا يعلم جيدا انه من المستحيل ان يتمتع «ميسي» بشخصية قيادية قوية كما كان الشأن معه هو في السابق... ولعل مازاد الطين بلة حضور والدة «ميسي» الى جنوب افريقيا وما سلطه ذلك من ضغط مضاعف على اللاعب.