لسنا بحاجة أن نعيد عليكم المتاعب التي واجهها الاتحاد الكويتي لكرة القدم عام 2008 تجاه «الفيفا» التي طالبته بإجراء انتخابات مجلس إدارة الاتحاد الكويتي آنذاك حسب الضوابط التي وضعتها لكن هذه الشروط كانت تخالف القوانين الدستورية التي أقرها مجلس الأمة العام في الكويت وهو ما جعل الكرة الكويتية تدخل آنذاك في نفق مجهول يهددها شبح الايقاف الدولي.. إن هذه الحادثة الشهيرة بين الكويت و«الفيفا» تعكس امتزاج الشأن الرياضي بالشأن السياسي وهو ما تكرّر خلال الأيام الماضية بطريقة مشابهة لكن هذه المرة في نيجيريا عندما أقدم الرئيس النيجيري في خطوة متهوّرة وغير مدروسة على تجميد نشاط منتخب بلاده بسبب انسحابه من مونديال جنوب افريقيا وكأنه لم يتعظ بما حدث لعدّة اتحادات سبق وأن تحدّت «الفيفا» قبل أن تذعن لقراراتها بعد أن تدرك أنها ليست مجرد هيئة رياضية بل هي «مملكة» أو «امبراطورية» قائمة الذات وهو ما جعل رئيس نيجيريا يسارع بالاستسلام للواقع ويعدل عن قرار تجميد نشاط «النسور الخضر» بمجرد تهديد صارم من «الفيفا»!!! «الشروق» تناولت الأبعاد القانونية لهذا القرار استنادا إلى الأستاذ المحنك في ميدان التشريع الرياضي والذي لم يعد في حاجة الى ديباجة للتعريف به وهو الأستاذ فتحي المولدي الذي تحدث إلينا بقلب مفتوح فقال: «يبدو أن بعض الأطراف تتجاهل إلى حدّ اللحظة بأن «الفيفا» تشكل قوة مالية وسياسية وأن السيد جوزاف بلاتر يعتبر من أقوى رجالات السياسة في العالم وأذكر جيدا ذلك اليوم الذي خاطب فيه الأمين العام السابق للأمم المتحدة السيد كوفي عنان، جوزاف بلاتر وقال له بالحرف الواحد «أنت الرجل الأقوى على الاطلاق»، وعنان لم يكن يبالغ أو يهذي إذا عرفنا أن عدد الاتحادات المنضوية تحت «الفيفا» يبلغ 201 اتحادا في الوقت الذي لا يتجاوز فيه عدد الدول المنضوية تحت لواء الأممالمتحدة 196 دولة.. وهو ما يجعل قراراتها صارمة كما حدث بالنسبة لنيجيريا التي سارعت في التراجع عن قرار تجميد نشاط المنتخب النيجيري بعد القرار المرتجل الذي اتخذه رئيس البلاد والذي لم يتعظ بما حدث في السابق مع عدّة اتحادات في العالم مثل الكويت ولبنان والبرتغال واسبانيا وبلونيا وكذلك تونس.. فلوائح «الفيفا» واضحة وتنص على عدم تدخل رجال السياسة في الشأن الرياضي ضمانا لاستقلالية الرياضة وفي صورة حدوث تجاوز ما مثلما حدث مؤخرا بالنسبة لنيجيريا فإن «الفيفا» توجّه انذارا أوليا للطرف المخالف مرفوقا بمهلة زمنية محدّدة فإمّا أن يقع التراجع عن هذا التدخل (وهو ما حدث بالنسبة لنيجيريا) أو أن تقوم «الفيفا» بتجميد نشاط منتخب ذلك البلد محليا وقاريا وعالميا.. وهو إجراء صارم وحازم في نظري لأنه ليس من المنطقي أن يطالعنا في كل مرة أحد رجال السياسة ويركب رأسه ويتخذ قرارات متسرعة مثلما فعل رئيس نيجيريا لأنه لو أن «الفيفا» سمحت لكل رئيس دولة أن يقوم بذلك لأصبحت التظاهرات الرياضية مضحكة جدا لأنها قد تشهد غياب المنتخبات نفسها في الوقت الذي تشكل فيه هذه المنتخبات عماد كل التظاهرات الرياضية.. لكن للأسف الشديد يبدو أن رجالات السياسة أصبحوا يستغلون الأحداث الكروية ليهموا الرأي العام أن تدخلهم في الشأن الرياضي تبقى أهدافه «رياضية» بحتة لكن في حقيقة الأمر فإنّ هذا التدخل يخفي وراءه مآرب أخرى فالرئيس النيجيري اتخذ قرار التجميد لامتصاص غضب 130 مليونا نيجيريا.. كما هو الحال في فرنسا أيضا فتدخل السلطة الفرنسية ممثلة بالخصوص في الرئيس الفرنسي ساركوزي ووزيرة الرياضة «باشلو» كان يهدف الى تلهية بعض الأطراف لتمرير قانون خاص بنظام التقاعد قبل أن يفتضح الأمر!! وهو ما ذكرني شخصيا بما حدث معنا في تونس عندما أجلت الأفراح التي عاش على وقعها منتخب 1978 «أزمة الخبز»..».