المشهد الاول مياه صافية ترى من خلالها الأصداف الصغيرة المتراصفة تحت القاع... رمال ذهبية تلمع تحت أشعة الشمس... حاويات للفضلات وأواني أزهار فخارية لبقايا السجائر.... المشهد الثاني... شاطئ هو الآخر لا تكاد تلامس رجليك مياهه حتى تتعثر في الطحالب التي تعيقك عن السير... لا رمال موجودة على حافة الشاطئ الممتد... ممّا جعل الاماكن التي من المفروض أن يجلس فيها المواطن ممرا للسيارات... ومرتفعات قريبة لا يمكنك الاقتراب منها الا حين تكون مسلحا بحذاء يمكنه حماية رجليك من بقايا القوارير الخمرية المهشمة على كامل المساحة بالشاطئ وعلى حافة البحر والاغطية والفضلات والي غير ذلك.... الفرق الوحيد بين المشهدين أن الاول يقع في مدينة ياسمين الحمامات وتحديدا حيث يؤجر الشاطئ بأكمله الى النزل التي تتعهد بالصيانة والتنظيف والمشهد الثاني بشاطئ سيدي الرايس حيث الشاطئ غير مؤجر وتنقصه العناية لاستعادة رماله المفقودة. كثيرون مع تأجير الشاطئ للنزل له عدة ايجابيات على مستوى المشهد السياحي.... وعلى المستوى الصحي والبيئي... لكن حرمان المواطن العادي من هذه الشواطئ هو النقطة الوحيدة السوداء التي تجعل من هذه الاماكن حكرا على حرفاء النزل دون غيرهم. تأجير الشواطئ المميزة كيف يراه المواطن؟ وكيف يتقبله ولماذا يقبل به البعض ويرفض به البعض الآخر، وهل نحتاج الى تأجير كل الشواطئ حتى نتمكن فعلا من السباحة بأمان! تقدمت خطوات حافية القدمين الى حافة الشاطئ حيث تراصفت المظلات المصنوعة من الخشب، لم تتكبد عناء جلب الكراسي المخصصة للاستلقاء، فقد تعهد بالامر احد العمال أو بالاحرى منقذ السباحة التابع للنزل... كل الخدمات الفندقية متوفرة على الشاطئ... بيوت راحة... أدواش... كراسي.... طاولات... أطباق حسب الطلب وغذاء مفتوح... نادل... ومياه بحر محروسة... ودورية أمنية متجولة صيفية على متن «الكوادا» دراجة نارية رباعية الدفع يطلق عليها أحيانا اسم الدباب. السيدة نزهة حريفة نزل من فئة النجوم المتعددة هي وأسرتها الصغيرة التي ترافقها. هي موظفة حكومية في حين يعمل زوجها بأحد البنوك. تقول: «بالطبع أؤيد تأجير الشواطئ رغم ما يحمله في طياتها من تفرقة بين من يقيم داخل نزل وبين من يزور الشاطئ نهارا فالايجابيات صراحة أكثر.... مضيفة أنا أتمتع براحتي السنوية صيفا واستعد لها ماديا منذ بداية السنة، وعن طريق الوكالات أحجز لنفسي ولعائلتي الصغيرة (4 أفراد) داخل النزل... وحين آتي الى الشاطئ أكون مرتاحة البال. صراحة لدينا مكان للجلوس وللغذاء وللحصول على نصيب من الراحة والخصوصية مع زوجي في حين يسبح أطفالي في محيط محدد بتلك البالونات الصفراء وبوجود منقذ سباحة احس بالامان وهذا الفرق بين شاطئ مأجور وآخر مفتوح. على الاقل لا يوجد اكتظاظ أو أوساخ.... فأنا موظفة وزوجي أيضا وبعد مجهود عام كامل من حقنا التمتع بالاجازة حتى لو اضطرتنا الظروف للاقتراض من البنك.» على بعد عدة أمتار من مكان تواجد السيدة النزهة... استقر أفراد عائلة تونسية أخرى في المساحة المخصصة لنزل ثان من فئة 3 نجوم كان جميعهم بمن فيهم البنتان يؤيدون تأجير الشاطئ للنزل ولحرفائه فقط من أجل الحماية ليس الا. هكذا علقت الفتاة سندة طالبة جامعية وشقيقتها بالقول: «على الاقل حين نكون في شاطئ مأجور نتأكد من عدم تورط والدنا في المشاكل... في أحيان كثيرة نتعرض لمضايقات من طرف بعض الشبان على الشاطئ وهو أمر حدث لنا سابقا وكاد ينتهي بمأساة باعتبار أن من أقلق راحتنا كان بحالة سكر على الشاطئ وتشابك مع والدي ولو لا ألطاف الله لحدثت مأساة ومنذ ذلك التاريخ صرنا نختار الشواطئ التي تكون محمية ونقيم بالنزل على الاقل يكون المرء محميا من التجاوزات الاخلاقية ومن التحرشات ويمكنه السباحة في مياه نظيفة ويمشي على رمال حقيقية حافي القدمين..» والد الطالبة سندة السيد منجي أيد تصريحات ابنته مؤكدا أن دفع المال مقابل الحصول على مثل هذه الخدمات حلال في حلال خاصة وأنه عايش عدة مشاكل بالشواطئ مع الشبان المراهقين الا أنه لم يتردد في ذكر البعض من هذه السلبيات التي تجعل من الشاطئ المأجور حكرا لأناس دون غيرهم بالقول: «أكثر الأمور سلبية هي أن المواطن البسيط والعادي والذي يعيل اسرة كبيرة العدد ولا تسمح له امكانياته المادية بالاقامة داخل نزل لا يمكنه التمتع فعلا بمثل هذه الشواطئ النظيفة والمهيأة ويحرم منها.» ندفع المقابل .... كراء مكان بالشاطئ هو بمقابل مالي دون اعتبار اجراءات التنظيف واعمال المراقبة والعناية اليومية... فهي تكاليف باهظة يدفعها النزل مقابل تقديم خدمات في مستوى السياحة لحرفائنا» هكذا رأى الأمر السيد عماد مدير عام احدى النزل مضيفا كون ادارة النزل توفر كل شيء لحريفها وليس معقولا أن تترك المكان الذي جهزته للغرباء فلا يجد الحريف مكانا له للاستجمام.» تختلف الآراء والمواقف تأجير الشواطئ له ايجابيات كبيرة لا خلاف عليها لو لا ان من لا يمتلك المال لا يمكنه الاستفادة منها... اعتبارا لكون الأولوية للحرفاء المقيمين فقط.