آلام مفاجئة بالبطن.. تقيؤ.. شكوك حول الإصابة بالزائدة الدودية.. وعملية جراحية.. انتهت بوفاة مستراب فيها..سيناريو ساعات قليلة بين ليلة السبت والأحد المنقضي قضت على أحلام عائلة بأكملها.. عائلة الحجام.. العائلة البسيطة التي يعاني فيها الأب من أمراض مزمنة أقعدته عن العمل، لكن القدر أبى إلا أنّ يفقد هذه الأسرة عائلها الوحيد.. كريمة مسيّرة آلات الخياطة بأحد المصانع.. مخلفة طفلين في مقتبل العمر بحاجة ماسة للعناية. لم تكن نهاية الأسبوع الفارط عادية.. وأهالي منطقة حي الشهداء القريب من العاصمة يشيّعون صبيحة أمس جثمان الهالكة كريمة الحجام أم في العقد الرابع من العمر إلى مثواها الأخير.. بعد أن دخلت غرفة العمليات لاستئصال الزائدة الدودية لكنها غادرتها.. تحتضر وماتت قبل أن تستفيق من الغيبوبة.. إنها العائل الوحيد .. بكاء ونحيب.. وحيرة.. على مصير الطفلين شيماء وحمدي.. واستياء من الظروف الغامضة التي أدت الى هلاك كريمة.. تقول عنها قريبة الضحية السيدة فوزية بعين دامعة: «لم نكن نعتقد أن عملية بسيطة ستنتهي بهذه المأساة.. كريمة امرأة ليست عادية.. هي بالأحرى مناضلة.. تعمل جاهدة لتجعل من طفليها ناجحين ومميزين.. أقعد المرض زوجها الذي يقضي أيامه بالمستشفى.. أما هي فهي العائل الوحيد لهذه الأسرة.. مساء يوم السبت الفارط وحوالي الساعة السادسة مساء انتابتها آلام شديدة بالبطن.. نقلها طفلها حمدي (15 عاما) الى المستشفى لتلقي الاسعافات.. هناك أشار عليها الأطباء بالبقاء.. وقضت ليلتها هناك حيث تم نقلها لقسم الجراحة.. (تسكت السيدة فوزية لحظات تمسح فيها دموعها) لتضيف: «نعم قضت ليلتها هناك وفي صبيحة يوم الأحد وعلى الساعة التاسعة صباحا تم نقلها الى غرفة العمليات.. لست متأكدة حينها إلاّ من وجود طبيبين متربصين انتظرنا خروجها من غرفة العمليات إلى حدود الساعة الواحدة بعد الزوال موعد زيارة العائلات لمرضاهم المقيمين. في ذلك التوقيت تم احضار كريمة.. كانت في حالة غيبوبة تامة.. اندهشنا من بقائها طيلة تلك الساعات الطويلة بغرفة العمليات.. جلسنا الى جانبها وسألنا الممرض عن موعد استفاقتها من تخدير البنج فأعلمنا أنه مرتبط بدقائق معدودات.. انتظرنا وانتظرنا الى حين انتهاء قارورة المصل ونادينا من جديد على الممرض.. وبعد مدة زمنية لاحظنا أن كريمة في حالة غير طبيعية. ساكنة في البداية ومن ثم احتضرت بين أيدينا لحظات وماتت.. جاء الممرض أخيرا فسألناه إن كانت حيّة فسحب من يدها إبرة المصل، لكن الدم لم يظهر.. وانقطعت أنفاس كريمة.. اسعافات بالمصعد لم تكن تلك اللحظات سهلة فعلا فقد نزفت كريمة من فمها في أكثر من مرة مما أجبر الممرض على القيام بالاسعافات الأولية داخل المصعد ولكن كريمة كانت توفيت ولبت داعي ربها. تحقيق عدلي «إثر وفاة كريمة بعد العملية أصررنا على إعلام الأمن بالموضوع»، يقول السيد محمد علي زوج الضحية مضيفا: «لقد تمّ فعلا فتح محضر بحث في وفاة زوجتي تعهد به أعوان الأمن الوطني بمركز باب سويقة وتم نقل جثتها الى مخبر الطب الشرعي لعرضها على الفحص. لسنا ضد إرادة الله ولكن زوجتي لم تكن تعاني إلا من الزائدة الدودية.. وكانت حالتها الصحية عادية، إلا أنها لم تفق من التخدير وماتت ونحن لا نريد شيئا سوى معرفة الحقيقة وأسباب وفاتها.. فأنا مريض وتعوزني حالتي الصحية التي أقعدتني عن العمل وكريمة كانت العائل الوحيد لطفليها شيماء (9 سنوات) وحمدي (15 عاما). التحقيقات في وفاة السيدة كريمة الحجاج متواصلة في انتظار ما ستسفر عنه الأبحاث لمعرفة إن كانت وفاتها طبيعية أو بسبب خطإ طبي.