رفع المدرب الاسباني فيشنسي دال بوسكي التحدي وقاد «لاروخا» إلى اللقب العالمي الذي كان إلى وقت قريب الحديث عنه في إسبانيا مجرد حلم صعب المنال خاصة أن هذا المنتخب لم يصل ولا مرة خلال مشاركاته المونديالية السابقة إلى الدور نصف النهائي. حين عوّض دال بوسكي المدرب لويس آراغونيس سنة 2008 كان أمامه تحديان الأول يتمثل في حسن خلافة آراغونيس الذي قاد الاسبان إلى منصة التتويج الأوروبية في «أورو 2008» والثاني تحقيق انجاز كبير في مونديال جنوب إفريقيا 2010 ينسي الإسبان خيباتهم السابقة في المونديال إذ أنهم لم يحققوا أي انجاز يذكر حتى حين استضافوه سنة 82. إرث ثقيل من الصعوبة بمكان أخذ المشعل عن مدرب ناجح هكذا كانت وضعية دال بوسكي حين خلف آراغونيس فهذا الأخير أعاد «الثيران» إلى واجهة الأحداث أروبيا بعد غياب تواصل على امتداد أكثر من 40 سنة وكان من البديهي بعد هذا الانجاز أن يرتفع سقف المطالب أمام المدرب دال بوسكي وازدادت مصاعبه حين فشل في الحصول على كأس القارات السنة الماضية أو حتى الوصول إلى الدور النهائي للمسابقة. رغم هذا وذاك واصل المدرب الهادئ جدا دال بوسكي عمله لينهيه كأفضل ما يكون بوضع إسبانيا على عرش الكرة العالمية. القرار الصعب بعد انحسار أمواج الأفراح في اسبانيا بالحصول على كأس العالم سيكون دال بوسكي أمام خيارين أحلاهما مر فإما الاستقالة وترك منتخب واعد بامكانه أن يجني الكثير في المستقبل خاصة أمام صغر سن أغلب لاعبيه أو المواصلة واحتمال خسارة كل هذا المجد الذي صنعه لأن التجارب أثبتت أن البقاء في القمة أصعب بكثر من الوصول إليها. التاريخ مع قرار الرحيل لو استند دال بوسكي إلى التاريخ فإن قرار رحيله عن المنتخب الاسباني سيكون أكيدا إذ لم يواصل أي مدرب فاز بكأس العالم قبله المشوار بعد التتويج فسنة 74 غادر الألماني شون منتخب «المانشافت» مباشرة بعد التتويج بكأس العالم وفعل نفس الشيء المدرب الأرجنتيني سيزار سينوني بعد أن فاز بالكأس مع «الآلبيسيليستي» سنة 78 أما الايطالي أنزو وبيرزوت فقد اعتزل التدريب مباشرة بعد فوزه باللقب سنة 82 في حين خير كارلوس بيلاردو العمل في الخليج العربي على مواصلة تدريب الأرجنتين بعد أن توج بالكأس العالمية سنة 86 كما اعتزل بيكنباور التدريب نهائيا بعد فوزه بلقب مونديال 90 واختار كارلوس آلبارتو باريرا فرص تجارب أخرى على المواصلة مع «السيليساو» بعد أن أعاده إلى منصة التتويج العالمية أثر غياب دام 24 سنة أما إيمي جاكي فاختار هو أيضا الاعتزال على المواصلة مع منتخب وضع عليه بصمته الخاصة وترك فيه عناصر قوة عديدة أهلته للفوز ب«أورو 2000» واقتدى فيليبي سكولاري بسابقيه حيث ترك البرازيل وهي على قمة الكرة العالمية سنة 2006 ليخوص تجارب أخرى. درس ليبي عامل آخر قد يجعل دال بوسكي يتخذ قرار الرحيل عن المنتخب الاسباني رغم أن عقده ينتهي بعد سنتين هذا العامل يتمثل في الوضعية الصعبة التي يمر بها حاليا مدرب المنتخب الإيطالي مارشيلو ليبي الذي خرج من الباب الصغير جدا رغم أنه قبل أربع سنوات أهدى لقبا عالميا لل«آزوري» لم يكن أكثر الناس تفاؤلا في بلد «البيتزا والسباقيتي» ينتظر حدوثه وكان الخطأ الأكبر في مسيرة ليبي هو قبوله العودة لتدريب المنتخب الإيطالي بعد «أورو 2008» رغم أنه ترك مباشرة اثر مونديال 2006 ليجني خيبة كبيرة لم يجنها أي مدرب قبله إذ لم يسبق لأي متوج باللقب العالمي أن غادر دال بوسكي في دوره الأول... فهل يتعظ دال بوسكي بتجربة ليبي ويغادر «لاروخا» والورود تلاحقه قبل أن يغادره واللعنات تطاره؟.