قرّر مجلس الوزراء اللبناني تقديم شكوى الى مجلس الأمن الدولي بشأن شبكات التجسّس الاسرائيلية، التي يتم الكشف عنها تباعا في لبنان، واتفاق كل التيارات التي تشق المجلس، على نقل القضية الى مجلس الأمن، يعكس مدى خطورة هذه القضية على الأمن اللبناني... غير أن اللجوء الى مجلس الامن الدولي، لن يتعدى مجرّد العلم بالشيء، بالنظر الى الصمم الذي يصيب الهيئات الدولية كلّما تعلّق الامر، بتشخيص ممارسات اسرائيل العدوانية، أو بتجريم تلك الممارسات... وللبنان سجل طويل من الاعتداءات الاسرائيلية ومن السلبية الأممية في مواجهة تلك الاعتداءات، سلبية كادت تتحوّل في بعض المناسبات الى نوع من الشراكة بالنظر الى حجم الضغط الذي خلّفته بعض المواقف او القرارات الأممية على الوحدة الوطنية اللبنانية خاصة، أو على محاولات لبنان استعادة الحقوق التي اغتصبتها اسرائيل، وكذلك على الاساليب والمواقف المنحازة التي جرى التعامل بها مع المقاومة اللبنانية حتى الآن... وربّما سيكون لبنان، معرّضا، خلال هذه الفترة الى أزمة جديدة، بسبب انعدام حيادية تلك الهيئات الدولية ازاء قضايا لبنان، وذلك عبر ما يلوح حاليا من تهديدات مبطّنة قد يتضمّنها تقرير المحكمة الدولية المكلّفة بالتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري... بما ينذر بمخاطر حقيقية قد تطال الاستقرار السياسي في هذا البلد... ربّما أراد اللبنانيون من خلال رفع ملف شبكات التجسّس الاسرائيلية الى الأممالمتحدة، كشف الممارسات والمؤامرات الاسرائيلية ضد لبنان، ولكن لا يمكن رفع سقف التوقعات إزاء أي ردّ فعل أممي حازم ضد اسرائيل، رغم الاعتراف العالمي بخطورة التجسّس باعتباره وجها من وجوه العدوان، ورغم وضوح الاستفزازات الاسرائيلية المستمرة والمتواصلة ضد لبنان، وضد كل المنطقة عموما منذ عدوان 2006 حتى اليوم، وفي أشكال وصور مختلفة عن بعضها البعض. ومن المهم مواصلة كشف اسرائيل وفضح ممارساتها، ولكن الأهم أكثر أن يتسلّح اللبنانيون بالوحدة الوطنية وبالرغبة في العيش المشترك، فذلك هو الحصانة الحقيقية للبنان، إذ طالما عملت اسرائيل وتآمرت لهزّ تلك الوحدة الوطنية وتخريبها، بل ان ذلك يظل أحد أهم أهدافها من أجل اضعاف لبنان وتحييده. وسيكون الموقف ازاء محاولات التوظيف السياسي للتحقيق الدولي في اغتيال رفيق الحريري، امتحانا اضافيا لرغبة اللبنانيين في العيش المشترك. كما سيكون ذلك امتحانا اضافيا لمصداقية الجهات الدولية، التي يستجير بها لبنان، كشف الاعتداءات الاسرائيلية وردّها.