بلاغ مروري بمناسبة عطلة عيد الإضحى المُبارك    خلال يوم واحد: 6 حالات وفاة و345 مصاب في حوادث مختلفة    هام/ برنامج استثنائي لأكثر من مليون شخص يستخدمون وسائل النقل العمومي خلال فترة العيد    اعتمادات ب 6 مليار دينار لتأهيل جديد لقطاع النسيج    كانوا يعتبرون أنها استشهدت : عائلة فلسطينية في تونس تحتضن ابنتها    الشركة الجهوية للنقل بنابل تتسلم 4 حافلات رفاهة جديدة    وزير الشؤون الاجتماعية يشدّد من جنيف على ضرورة تكيّف النظام متعدد الأطراف مع المتغيرات    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الجمعة 14 جوان 2024    استثمارات ب 1.6 مليار دينار.. الطريق تفتح أمام مشروع طاقي تاريخي    وكالة النهوض بالصناعة : تطور ب31،8 بالمئة في الإستثمارات الأجنبية المباشرة    مسؤول بشركة النقل بين المدن يدعو إلى الحجز المسبق على خطوط محطة باب سعدون تفاديا للاكتظاظ    البريد التونسي: فتح 76 مكتب بريد استثنائيا غدا السبت    منتدى الاستثمار : الوكالة الفرنسية للتنمية تخصص 80 مليون أورو لفائدة المؤسسات الصغرى والمتوسطة    الكويت: اعتقالات إثر مقتل 50 عاملاً أجنبياً في حريق    عاجل/ وفاة 6 اشخاص جراء أمطار غزيرة وانهيارات أرضية بهذه المنطقة..    إقالة مدرب المنتخب المالي من منصبه    دورة نوتنغهام للتنس: أنس جابر تواجه اليوم المصنفة 139 عالميا    الكشف عن الموعد الجديد لمباراة أنس جابر و ليندا فروهفريتوفا و برنامج النقل التلفزي    الحشّاني يتّجه الى ايطاليا للمشاركة في قمّة مجموعة السّبع    4 تلميذات يتغيّبن عن امتحان البكالوريا بسبب النقل: هذا ما صرّحت به وزيرة التربية    يوم التروية.. حجاج بيت الله يتوافدون على مشعر منى    عاجل : التحذير من زلزال قوي سيضرب 3 دول متوسطية    السعودية تتخذ إجراءات إضافية لحماية الحجاج من الحر الشديد    الجزائر: مُسنّة تسعينية تجتاز البكالوريا    طقس اليوم الجمعة    السعودية: لا حج بدون تصريح و'درون' تلاحق المخالفين في رحاب المملكة    التوقعات الجوية اليوم الجمعة    عاجل/ رئيس الدولة يكلّف رئيس الحكومة بتمثيل تونس في قمة مجموعة السبع    قضية ختان الإناث تدفع بلينكن للاتصال برئيس غامبيا    تأجيل مباراة أنس جابر في ثمن نهائي دورة نوتنغهام للتنس    لا يدخل الجنة قاطع رحم    منها الطاعة والتضحية والتكافل ..أحكام وآداب عيد الأضحى المبارك    تصل إلى 72 درجة.. الصحة السعودية تحذر الحجاج من خطر ارتفاع حرارة الأسطح بالمشاعر المقدسة    تكليف ربيعة بالفقيرة بتسيير وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية    كرة اليد.. لؤي مخلوف يطلق النار على مسؤولي النجم ويوجه لهم اتهامات خطيرة    بعد أكثر من 20 ساعة: السيطرة على حريق مصفاة نفط في شمال العراق    الصحة السعودية تحذر الحجاج من أخطار التعرض لارتفاع حرارة الأسطح بالمشاعر المقدسة    معبر رأس جدير.. عطب في المنظومة الاعلامية من الجانب الليبي يعطل حركة الدخول الى تونس    فظيع في منوبة.. الاحتفاظ بصاحب " كُتّاب " عشوائي لشبهة الاعتداء الجنسي على طفلة    تونس تسجل ارتفاعا في عجز ميزان الطاقة الى 6ر1 مليون طن مكافئ نفط مع موفي افريل 2024..    الرابطة 1 - الترجي الرياضي على بعد نقطة من حصد اللقب والاتحاد المنستيري من اجل تاجيل الحسم للجولة الختامية    الكاف: تقدّم هام في مشروع تعبيد الطريق المؤدية الى مائدة يوغرطة الأثرية وتوقعات بإتمامه خلال شهر جويلية القادم    165 حرفيا ومهندسا داوموا على مدى 10 أشهر لحياكة وتطريز كسوة الكعبة المشرفة    رهانات الصناعات الثقافية والإبداعية في الفضاء الفرنكفوني وتحدياتها المستقبلية محور مائدة مستديرة    كتاب.. لاهوت التعدّدية الدّينية ل عزالدّين عناية    وزارة التربية تتثبّت من معطيات الأساتذة النواب خلال الفترة من 2008 الى 2023    المرسى: بسبب خلاف في العمل...يترصد نزوله من الحافلة ليقتله طعنا    مرضى القصور الكلوي يستغيثون اثر توقف عمل مركز تصفية الدم بمستشفى نابل    رابطة المحترفين تقاضي الفيفا بسبب قرار استحداث كاس العالم للاندية 2025    مفتي الجمهورية: "هكذا تنقسم الاضحية في العيد"    الرابطة المحترفة الاولى: الجولة الختامية لمرحلة تفادي النزول    محمد بن سلمان يعتذر عن عدم حضور قمة مجموعة السبع    البرازيل تتعادل مع أمريكا قبل كوبا أمريكا    بعد استخدامها لإبر التنحيف.. إصابة أوبرا وينفري بمشكلة خطيرة    دواء لإعادة نمو أسنان الإنسان من جديد...و هذه التفاصيل    «غفلة ألوان» إصدار قصصي لمنجية حيزي    صابر الرباعي يُعلّق على حادثة صفع عمرو دياب لمعجب    شيرين تصدم متابعيها بقصة حبّ جديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهمس الصاخب: محمد فريد غازي بين سوق البلاط والحي اللاتيني
نشر في الشروق يوم 24 - 07 - 2010


E-Mail : [email protected]
كانت معرفتي بالصديق أحمد الرمادي في أوائل الخمسينيات من القرن العشرين بمدرسة نهج التريبونال قرب نهج الباشا حيث كانت مدرسة التمثيل العربي تنشط ليلا بإدارة الأستاذ حسن الزمرلي، مع الأساتذة محمد الحبيب وعثمان الكعاك والطاهر قيقة ومحمد عبد العزيز العقربي، وكان الصديق أحمد في ذلك الوقت معلما بمدرسة (نهج الكنز) المتفرّع عن (نهج سوق البلاط) غير بعيد عن جامع الزيتونة، وكنت كثيرا ما أتقابل معه أمام تلك المدرسة، وذات مرة شاهدت شابا ، بدا لي لرصانته كهلا، يدخل تلك المدرسة، يحمل محفظة كبيرة في حجم المحفظة التي رأيتها فيما بعد بيد الدكتور مؤنس بن طه حسين في رحاب جامعة القاهرة في أواسط الخمسينيات من القرن الماضي، وإثر دخول ذلك الشاب الرصين، قال لي الصديق أحمد: هذا الزميل يكتب الشعر بالعربية والفرنسية، وله ديوان شعر باللغة الفرنسية عنوانه: (نايت) Night ومعناه بلغة شكسبير (ليل)، وهو بصدد إعداد أطروحة دكتوراه في باريس، واسمه فريد غازي، وهو يتردد على فرنسا في العطل لإكمال أطروحته في الصربون، وكنت آنذاك حديث عهد بسماع اسم هذه الشهادة وهذه الجامعة.
وتواصلت رؤيتي لفريد غازي داخلا إلى تلك المدرسة أو خارجا منها، ولا أذكر أني سمعت منه كلمة غير السلام السريع عند دخوله أو خروجه، ورغم كثرة رؤيتي له في ذلك المكان دون سواه، فإنَّ صديقي أحمد لم يقدمه إلي، ولم يقدمني إليه، لأني كنت في ذلك الوقت في بداية درب الأدب الطويل، ولم أكن محسوبا في عِداد الشعراء أو الكتاب المعروفين، وقد سمعت، في ذلك الوقت، أن ذلك الشاعر قد أهدى ديوانه المذكور، إلى فتاة يبدأ اسمها ولقبها بالحرف اللاتيني مكررا: A.A وقيل لي إنه يعني بهما (عَلِيَّة العقربي) ع.ع وهي بنت الممثل المعروف محمد عبد العزيز العقربي، التي قالت لي في ذلك الوقت إنها هي المعنية بذلك الإهداء، وقد كان يراها من بعيد، فأعجب بها وأحبها على نمط الشعراء العذريين قيس بن الملوح وقيس بن ذريح وكثير عزة وجميل بثينة.
ثم قرأت لفريد غازي بعض قصائده التي نشرها بالعربية في مجلة (الأديب) البيروتية لأربير أديب قبل وأثناء وبعد صدور مجلة (الآداب) للدكتور سهيل إدريس في أوائل الخمسينيات من القرن العشرين، وفي سنة 1953 بالضبط نشر الطبعة الأولى من روايته (الحي اللاتيني) التي استوحاها من حياته وحياة أصدقائه العرب في باريس أثناء دراستهم في الصربون، وقد شاع بين بعض المثقفين التونسيين إثر صدور الحي اللاتيني أن شخصية (ربيع التونسي) فيها هي شخصية فريد غازي، وأذكر أنني شرعت في قراءة تلك الرواية فور صدورها، لكنها لم تشدني لأن قراءاتي كانت منصبّة على الشعر، وعلى كل ما له صلة به، لذلك انصرفت عن قراءتها.
والآن، وبعد مرور ما يناهز ستة عقود على نشرها، تذكرت أنه عندما زار سهيل إدريس تونس في الثمانينيات أو التسعينيات من القرن الماضي، والتقى بالمثقفين وقرّاء (مجلة الآداب) ومنشوراتها المتنوعة، ذكّروه بشخصية (ربيع التونسي)، فشكرهم على تذكيرهم بفريد غازي، وقد تحدث عن ذلك في مقدمة العدد الذي نشره من مجلته بعد ذلك اللقاء وقال إنه قد نسيه أو كاد ينساه حتى ذكّره به بعض المثقفين التونسيين في ذلك اللقاء.
ومنذ بضعة أسابيع عزمت على الكتابة عن فريد غازي في هذا الركن وتذكرت شخصية (ربيع التونسي) في الحي اللاتيني فأخذت أبحث عن تلك الرواية لأكتب عنه كلمة من خلال ما كتبه عنه سهيل إدريس فيها، وبينما كنت نازلا من المكتبة الوطنية، ذات يوم، إثر جلسة مع مديرتها ألفة يوسف صحبة الأصدقاء محمد مواعدة ومنصف المزغني ومحمد المي للبحث عن مراجع ومصادر آثار مصطفى خريف في نطاق الاحتفال بمائوية ميلاده، عثرت على نسخة من رواية (الحي اللاتيني) في طبعتها رقم 12 بتاريخ 2002 في مكتبة صغيرة بمدخل نهج الباشا فاقتنيتها وأقبلت على قراءتها بحثا عن شخصية (ربيع) فيها، فشدتني شدًّا لم أشعر به عندما حاولت قراءتها فور صدورها، إلى أن انتهيت منها في بضع جلسات وسجلت أرقام الصفحات التي ورد فيه اسم (ربيع) فوجدت أنه ذُكر 18 مرة أحيانا مجرد ذكر، وفي بعض الأحيان يُذكر ذكرا يستحق الذكر والتوقف.
وهذه هي أرقام الصفحات التي ورد فيه اسمه حسب الطبعة المذكورة لمن يريد أن يعرف بالتدقيق ماذا قال عنه سهيل إدريس في كل مرة ورد فيها وهي صفحات: 21 23 24 87 152 153 154 156 180 181 182 184 199 201 223 249 255 281. وعددها 18.
فقد ذكر في المرة الأولى عندما زار راوي القصة سهيل إدريس (وهو فيها الشاعرُ اللبناني) صديقَه (كامل) فقدمه إلى مجموعة من صديقاته الفرنسيات وأصدقائه العرب قائلا له:(اقترب يا عزيزي وصافح كلا منهم، فنحن هنا أسرة، النصف الأفضل (ويعني الجنس اللطيف) أولا: سيمون، جانيت، سوزان، هيلين، و..زينة. إننا نسميها (زينة) لأنها تشبه البدويات، ألا ترى ذلك؟ ولعلك تعرف بعد ذلك هذه الأنصاف الخشنة؟ (ويعني الجنس الخشن أي الرجال): صالح من بيروت وسعيد من دمشق وأحمد من العراق، وربيع من تونس.. برج بابل عربي).
وفي المرة الثانية وصف المؤلف جلسة حميمة انغمس البعض منهم في الرقص انهمك البعض في الأكل.. (وربيع وحده ظل يمضغ لقمة بهدوء، وطيف بسمة يراود شفتيه.
- ولكن أ تظل أنت على وَجَلِكَ؟ انظر إليها: إنها تود أن تراقصك. لا ، لا تخشَ شيئا، ولا تكن بليدا. إنه لا مجال للغيرة هنا. إن جميع الشبان يراقصون جميع الفتيات.
ولكنها قد ترفض دعوتي! ثم إنها..) الخ..
وسأهتم في الحديث القادم بالفقرات التي تستحق الذكر والتنويه والتعليق مما له صلة بشخصية ربيع أو فريد غازي. فإلى اللقاء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.