... ايطالي نزل ضيفا على قرطاج التاريخ والحضارة... فأهداه أروع الاحاسيس وأرقى المقاصد وأبلغ المعاني... وجاد عليه قرطاج بنسائمه العليلة وأتحفه بقطرات نداه المعطرة... فتعانق المجدين وتكاملا ليفصح كل منهما عن تاريخه العريق في لحظة تماهي بين قرطاج العريق ونجم الموسيقى الايطالية الفنان العالمي ايروس رامازوتي الذي أحيا سهرة مساء أمس الاول على مسرح قرطاج الاثري في اطار الدورة 46 من مهرجان قرطاج الدولي. غابت الاضواء وحل الظلام على المكان ومن بين تلك الخطوط السوداء التي غطت جدران قرطاج تسلل صوته الى الآذان لينير ظلمة المكان فاستراحت لصدى صوته القلوب وتنهدت له النفوس واسترخت على ايقاعه الاجساد ثم استفاقت على صورة ذاك الفنان يصعد الركح على هتاف الجمهور وصراخه... واشتعلت فجأة الانوار وراحت تراقص تلك الموسيقى المنبعثة من تلك الآلات، وبموسيقى الروك استهل ليلية على ركح قرطاج وغنى «I osto cont» و«sono sosi» وdave ce musica»... وغنى معه الجمهور الذي أثبت في تلك الليلة أنه جمهور يفقه في كل اللغات... وتفاعل مع تلك الايقاعات الايطالية التي عانقت الرومنسية في ليلة استثنائية أمنها فنان أراد أن يدون اسمه على حجارة قرطاج ويوثق مسيرته بين أسطر تاريخه فكان له ما أراد وستذكر الاجيال ليلة رامازوتي الايطالي على ذاك المسرح الروماني... للسلم غنى... صاحب ال10 ألبومات غنائية تحدث لجمهوره وقال «يسرني أن أكون في قرطاج...» وقبل أيادي معجباته وأهدى جمهوره أروع ما غنى «una storia importante» وتفاعل معها كل من اختار أن يكون في تلك الليلة ضيفا في قرطاج فارتحل مع فنان روما الى عالم اختلطت فيه المعاني وتشابكت المقاصد فغنى للسلم «se bas tassi una sola cazame». وتمنى لو الاغنية تبعث الامن والسلام في العالم. بالرومنسية تغنى رومنسي غنى للعشاق... انساني تغنى بالسلم والامان... عاشق غنى للمرأة والجمال... فنان أراد أن يكون للموسيقى وقع ولكلماتها صدى. فاستغنى على فرقته واصطحب قيتاره وحلق في سماء قرطاج ونادى بأعلى صوته «unaltra come te» فتاة مثلك أين أجدها؟» فزاد في هيجان الجمهور الذي أثبت هو الآخر أنه فنان... غنى مع رامازوتي ورقص... وجلس... واستمتع بأغانيه وتأثر بها وتفاعل مع ايقاعها... «ديو» على ركح قرطاج رامازوتي لم يكتف بالغناء الفردي بل اصطحب معه 3 فتيات «كورال» وغنى معهن وجسدن لوحة راقصة متناسقة عانقت الابداع وقطعت مع تلك الحفلات الكلاسيكية التي اعتادها الجمهور عندما يكون الركود مخيما على المكان. تناسق كبير وانسجام أكبر بين الموسيقيين والكورال والفنان. حركية على الركح وأضواء خافتة تنقطع من حين الى آخر... فبدا لنا ركح قرطاج لوحة فنية تعجز ريشة أكبر الفنانين عن رسمها. صاحب الموسيقى الحالمة والكلمات الراقية والاحاسيس النبيلة تحدث بالعربية وقال لجمهوره «شكرا» وردت تحيته بالهتاف والتصفيق... ومثلما أطل على جمهوره من وراء الظلام غادرهم متسترا بظلمة المكان ووسط أصوات يصعب فك رموزها من فرط شدتها مصدرها جمهور قرطاج يعيش حالة وداع لفنانه الايطالي رامازوتي الذي كان قبل حين فوق ذاك الركح يغني لآلاف الناس التي تعددت جنسياتهم واختلفت أديانهم. نجوى الحيدري كواليس الحفل رصدتها نجوى الحيدري شخصيات رسمية حضرت حفل رامازوتي أمس الاول بقرطاج مجموعة من الوجوه السياسية ومن بينهم سفير المغرب وسفير مصر في تونس. وغاب سفير ايطاليا. «موضة الدجينز» خير رامازوتي أن يكون مرتديا الدجينز في سهرة مساء أول أمس ونفس الشيء بالنسبة للكورال المصاحب له ولعل ذلك يعود الى تسهيل حركتهم على الركح وفي نفس الوقت اضفاء جانب جمالي على العرض. أمطار اصطناعية بعض الفتيات لم ينصتن الى رجاء بعض الجماهير ومطالبتهم بالجلوس حتى يتمكنوا من مشاهدة الفنان مما دفعهم الى رميهن بالماء حتى أنهن خلن أن الامطار بدأت تنزل ورفعن رؤوسهن الى السماء واستغربن مصدر ذاك الماء ودخلن في نقاش وجلسنا وهن يلتفتن يمنة ويسرة، فهل أن وقع الماء أشد من لغة الكلام...؟! نزل الاقامة عند مغادرته مسرح قرطاج توجه الفنان ايروس رامازوتي الى نزل الاقامة بقمرت أين سيقضي ليلته ليعود الى بلاده أمس الجمعة وهو ما تقتضيه ضرورة عمله لأنه يعيش حاليا دورة فنية عالمية. جنسيات متعددة جمهور رامازوتي لم يكن تونسيا فقط وانما تعددت جنسياته من فرنسا وايطاليا وألمانيا ومن افريقيا الجنوبية... هكذا هو الفنان العالمي أين يحط الرحال يتبعه جمهور من كل مكان.