عاجل/ الداخلية: لسنا السبب في التهشيم بدار المحامي    الكاف: إخماد حريق بمعمل الطماطم    عاجل/ فرنسا: قتلى وجرحى في كمين مسلّح لتحرير سجين    أبطال إفريقيا: موعد الندوة الصحفية للترجي الرياضي قبل النهائي    تونس تصنع أكثر من 3 آلاف دواء جنيس و46 دواء من البدائل الحيوية    جلسة عمل بمقر هيئة الانتخابات حول مراقبة التمويل الأجنبي والمجهول المصدر للمترشحين والأحزاب والجمعيات ووسائل الإعلام    العجز التجاري يتقلص بنسبة 23,5 بالمائة    عاجل/ مطار قرطاج: تفكيك شبكة تستغل الفتيات لتهريب الهيروين    قابس : اختتام الدورة الثانية لمهرجان ريم الحمروني    بن عروس: جلسة عمل بالولاية لمعالجة التداعيات الناتجة عن توقف أشغال إحداث المركب الثقافي برادس    نبيل عمار يشارك في الاجتماع التحضيري للقمة العربية بالبحرين    وزير الشؤون الدينية: 22 ماي 2024 اول رحلة حج الى البقاع المقدسة.    صفاقس: وزير الفلاحة يفتتح غدا صالون الفلاحة والصناعات الغذائية    تفاصيل القبض على تكفيري مفتش عنه في سليانة..    تأجيل النظر في قضية ''انستالينغو''    منطقة سدّ نبهانة تلقت 17 ملميترا من الامطار خلال 24 ساعة الماضية    الكاف: يوم تحسيسي حول التغيرات المناخية ودعوة إلى تغيير الأنماط الزراعية    ستشمل هذه المنطقة: تركيز نقاط بيع للمواد الاستهلاكية المدعمة    جندوبة: حجز مخدّرات وفتح تحقيق ضدّ خليّة تنشط في تهريبها على الحدود الغربية للبلاد    الخميس القادم.. اضراب عام للمحامين ووقفة احتجاجية امام قصر العدالة    بعد تغيير موعد دربي العاصمة.. الكشف عن التعيينات الكاملة للجولة الثالثة إياب من مرحلة التتويج    فستان ميغان ماركل يقلب مواقع التواصل الاجتماعي ؟    كأس تونس: تحديد عدد تذاكر مواجهة نادي محيط قرقنة ومستقبل المرسى    الرابطة الأولى: الكشف عن الموعد الجديد لدربي العاصمة    وادا تدعو إلى ''الإفراج الفوري'' عن مدير الوكالة التونسية لمكافحة المنشطات    أول امرأة تقاضي ''أسترازينيكا''...لقاحها جعلني معاقة    عقوبة التُهم التي تُواجهها سنية الدهماني    باجة: خلال مشادة كلامية يطعنه بسكين ويرديه قتيلا    مدنين: انقطاع في توزيع الماء الصالح للشرب بهذه المناطق    تونس: 570 مليون دينار قيمة الطعام الذي يتم اهداره سنويّا    في إطار تظاهرة ثقافية كبيرة ..«عاد الفينيقيون» فعادت الحياة للموقع الأثري بأوتيك    المعهد النموذحي بنابل ...افتتاح الأيام الثقافية التونسية الصينية بالمعاهد الثانوية لسنة 2024    عاجل/ مستجدات الكشف عن شبكة دولية لترويج المخدرات بسوسة..رجلي اعمال بحالة فرار..    تحذير من الديوانة بخصوص المبالغ المالية بالعُملة الصعبة .. التفاصيل    بقيمة 25 مليون أورو اسبانيا تجدد خط التمويل لفائدة المؤسسات التونسية    هام/هذه نسبة امتلاء السدود والوضعية المائية أفضل من العام الفارط..    مع الشروق ..صفعة جديدة لنتنياهو    الاحتفاظ بنفرين من أجل مساعدة في «الحرقة»    عاجل : أكبر مهربي البشر لأوروبا في قبضة الأمن    مبابي يحرز جائزة أفضل لاعب في البطولة الفرنسية    برشلونة يهزم ريال سوسيداد ويصعد للمركز الثاني في البطولة الإسبانية    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني على غزة الى أكثر من 35 ألف شهيد وأكثر من 79 ألف جريح..    بادرة فريدة من نوعها في الإعدادية النموذجية علي طراد ... 15 تلميذا يكتبون رواية جماعية تصدرها دار خريّف    نقابة الصحفيين تنعى الزميلة المتقاعدة فائزة الجلاصي    منها زيت الزيتون...وزير الفلاحة يؤكد الاهتمام بالغراسات الاستراتيجية لتحقيق الأمن الغذائي ودعم التصدير    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    الهند: مقتل 14 شخصاً بعد سقوط لوحة إعلانية ضخمة جرّاء عاصفة رعدية    القصرين : عروض الفروسية والرماية بمهرجان الحصان البربري وأيام الإستثمار والتنمية بتالة تستقطب جمهورا غفيرا    نابل..تردي الوضعية البيئية بالبرج الأثري بقليبية ودعوات إلى تدخل السلط لتنظيفه وحمايته من الاعتداءات المتكرّرة    سليانة: تقدم عملية مسح المسالك الفلاحية بنسبة 16 بالمائة    جراحة التجميل في تونس تستقطب سنويا أكثر من 30 ألف زائر أجنبي    نور شيبة يهاجم برنامج عبد الرزاق الشابي: ''برنامج فاشل لن أحضر كضيف''    وفاة أول متلقٍ لكلية خنزير بعد شهرين من الجراحة    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مذكرات سياسي في «الشروق»: الأستاذ أحمد بن صالح وأسرار وخفايا تكشف لأول مرة (الحلقة الأخيرة): «الشروق» والتاريخ المباشر
نشر في الشروق يوم 10 - 08 - 2010


بقلم: فاطمة بن عبد الله الكرّاي
بكل إعتزاز وفخر، أنهينا حلقات المذكرات، مذكرات الأستاذ أحمد بن صالح... كانت الحلقات التي تجاوز عددها الثلاثمائة وعشرين، نتاجا للقاءات مباشرة مع «سي أحمد» أحيانا تكون الحصص التي تتمحور حول السؤال والجواب، يومية وأحيانا أخرى تكون متفرقة وموزعة ومتباعدة...
صباحا مساء، وأحيانا كنت أحمل السؤال إلى «سي أحمد» يوم أحد... فقد كان قد تنبأ منذ الأيام الأولى ونحن نجري اللقاءات بالقول في شكل فكاهة : يعني، أنت تريدين «حكايات أمي سي سي» أو هي «خرافة»، أي من فن الحكايات القديمة... حكايات الجدة التي نطلق عليها في تونس كلمة «خرافة» مع سكون فوق الحرف الأول...
قلت بكل فخر واعتزاز لأن الحلقات والشخصيات التي مرت عبر هذا الركن، تعاملت معها بنفس الطريقة، لقاءات حوارية مباشرة، ولا شأن لهذا الركن بمذكرات ذاتية كتبتها أو كتبت للشخصية المستضافة هنا، إلا من باب الإستفادة من أحداث ربما تكون موضوع سؤال.
هنا، أجدني أؤكد أن المذكرات، على أعمدة «الشروق» كانت كلها في تفاصيلها وفي عمومياتها، نتيجة أسئلة «الشروق»... فيما جاء قسم آخر، تمثل في أسئلة القراء حين فتحنا المجال أمامهم لأيام متعددة...
«الشروق» و«التاريخ المباشر»
نعم، لأول مرة يحدث، أن تتناول مؤسسة صحفية في «المكتوب» التعامل مع التاريخ المباشر، التاريخ الذي مازلنا نعيش فيه، وشخوصه موجودة ومن عايشهم موجودون...
مؤسسة «دار الأنوار» كانت رائدة ولم تبدأ من اليوم... كان ذلك منذ أكثر من عشرين سنة، وعلى أعمدة جريدة «الأنوار» وبتشجيع من العميد الأستاذ صلاح الدين العامري، حيث اقتنص لحظة سقوط المحظور، فكان أن كلفني فشرفني بفتح ملف «حركة 1963» أي المحاولة الانقلابية التي قادها المناضل المرحوم الأزهر الشرايطي...
«الشروق» التي فتحت ملف «التاريخ المباشر» تختم اليوم حلقات كاشفة لأكثر من «حقيقة»، حقيقة جعلها المساهمون من القراء والشخصيات، في هذا الحوار والجدل مع شخصية غير عادية، أسهمت في تاريخ تونس بشكل غير عادي، إذن جعلها (الحقيقة) كل هؤلاء تخضع إلى غربال هو أقرب إلى غربال المؤرخين، بأن بسط حقائق موثقة، ما أحوج المجتمع التونسي إلى معرفة حقائقها...
النبش في التاريخ المباشر L'histoire directe ليس سمة عربية بالتأكيد، رغم أن أول من دعا إلى البحث في حقائق التاريخ والتحقيق فيه هو عربي : العلامة عبد الرحمان ابن خلدون...
وهو على كل حال شأن جديد في أوروبا ذاتها... ولقد رأت صحيفة «الشروق» وعموما «دار الأنوار» أن تتناول هذا الأمر بهدوء، من خلال الحوار الصحفي المهني، الذي يعطي الكلمة إلى صاحب الشأن في الأحداث، وإلى من له دلو يدلي به في المجال. بكل هدوء أيضا ولا تشنج ولا عصبية... فهذه فرصة، اقتنصناها، لنبسط أحداثا من التاريخ المباشر على صفحات جريدة يومية، هي «الشروق»...
الشخصية الرمز...
في هذه المذكرات، التي انتهت فصولها على صفحات «الشروق» ولاتزال أحداثها محل جدل ورواية، تناولت شخصية رمزا... لطالما أحدثت جدلا بين «أهل» السلطة... وبين «أهل» الثقافة وبين «أهل» العامة من الناس ولا نذكر هنا أهل الإعلام... لأنني أعتبر أن الإعلام لم يكن له «أهل»...كان فاقدا لأهله... وإلا بماذا يمكن أن نفسر ذاك الانقلاب السريع على «الشخصية» حيث حدث ذلك بين عشية وضحاها، والإعلام لم يطرح سؤال حيرة...
ففي حين كان مفهوما أن ينقلب «أهل» السياسة على ما جعل بورقيبة ينقلب عليها بتلك السرعة، فإن الإعلام، كان حري بأهله، أن يبقوا على جزء من شخوصه...
المهم، نحن هنا، لسنا في وارد النقد في مجال، قد نكون كلنا بخصوصه، مسؤولين...
الشخصية التي تناولنا معها وعلى لسانها كل الحقائق التي وردت طوال الحلقات التي دامت سنة ونيفا من الزمن، هي شخصية رمز، إذ لأول مرة يختار بلد مستقل حديثا منهجيا اقتصاديا له بعد اشتراكي وتعاضدي وتضامني بين كل فئات المجتمع... مجتمع يتلمس خطاه ليقطع مع مظاهر البؤس الذي ناله من مستعمر، حاول بعد معركة «ديان بيان فو» في الفيتنام، أن يكون «الحرير» عوض الرصاص، هو الذي يخنق به مستعمره (إسم مفعول) حد الإعدام...
بلد، تلمس طريقه للتنمية، خارج مدار المستعمر، قاطعا بذلك مع تلك الحقيقة التي قدمها «فرانس فانون» عند حديثه عن المستعمرات، ومصير المستعمرات... التي عادة ما تركز «الاستقلالات» طبقة سياسية تحمل اختيارات تنموية تدور في فلك البلد الذي قام باستعمار البلد المستقل حديثا... وذلك لكي يحافظ «الاستعمار» على مصالحه...
كانت الصراعات على أشدها، بين نمطين يقول «سي أحمد» بن صالح، متطرّفين : هما الرأسمالية والشيوعية... وكان أن توفقت تونس بداية من الستينات إلى نمط هو طريق ثالث استطاعت من خلاله أن تجمع في عملية تواصلية وجدلية بين القطاعات الثلاثة : المبادرة الخاصة والتعاضدية والقطاع العمومي...
كما استطاعت التجربة، التي وضعتها الحلقات الفارطة، في مدار التمحيص والتحليل، أن تؤمن لتونس علاقات تعاونية وشراكة مع بلدان خارج السرب التقليدي ونقصد فرنسا...
فكانت السويد وبلدان أوروبا الشمالية حاضرة، وكانت المؤسسات المالية الدولية حاضرة، وكانت دول أوروبية بقوة، خفضت من الحضور الفرنسي...
أفشلت التجربة، لظروف سياسية بحتة، ولم تكن كذلك لأن الخيار الإقتصادي أو النهج التنموي فشل... فكان أن كشف لنا صاحب المذكرات، كيف «تضافرت» إرادات مضادة للمسيرة، من الخارج ومن الداخل، فلم يفهم الشعب ما حدث، واكتفى باستهلاك ما سوقه له «السياسي» عبر «الإعلامي»... إلى حد «الغصة» (بالدارجة)... لكن صاحب المذكرات، لم يواجه الأمر بندية، بعد أن أطيح به في السجن، بلا مبرر قانوني، لأنه حسب من يعيد استذكاره دوما، وقال له صالح بن يوسف :«إنت نية ياسي أحمد» وهذا يعني أن الحيلة السياسية كانت تنقص الرجل...
كان «سي أحمد» وفي كل لقاء حوار، مع «الشروق» لاينسى أن يكشف نواياه الشخصية تجاه التجربة : بكل صدق... الحالم... وصدق الوطني الذي جاب البلاد شمالا جنوبا وشرقا وغربا، أراد أن يغير ذاك الوضع الذي جعله إلى اليوم يذكر في أواسط الخمسينات، كيف رأى في الجريد، أطفالا وقد كسا الذباب وجوههم، وأصابت الأمراض عيونهم...
حاول أن يحلم بمجتمع متوازن، على طريقة تحليل «ابن خلدون» لا غالب فيه ولا مغلوب... الجميع يعمل ويكد والجميع يتقاسم الإنتاج...
حلم، بمجتمع متعلم، وبمناهج تربية تقد الإنسان مواطنا، له حقوق يدافع عنها وواجبات يلزم بها نفسه بنفسه، دون أن نصل إلى تطبيق القانون...
هكذا هو «سي أحمد» بن صالح، مازالت النكتة على لسانه... ومازال يذكر التفاصيل «الغابرة» من الطفولة إلى يوم الناس هذا...
بن صالح الشاعر... بن صالح الصوفي... وبن صالح ابن خلدون... كلها مدارس ومناهج أثرت فيه وتأثر بها «لأن أساس الغذاء الجاف للسياسي وللاقتصادي إذا لم يكن فيه الشعر والتوق لاكتشاف الذات (الصوفية مثالا)، يصبح أمرا آخر..».
الشعر... كما الصوفية، كما «مقدمة ابن خلدون» يعتبرها «سي أحمد» إلى الآن غذاء في أي مسؤولية ولأي مسؤول... حتى ينكر ذاته.... ويعمل من أجل الآخرين...
وقبل إعلان السلام عليكم، نقول إن لنا إن شاء الله لقاءات مع شخصية أخرى، تدخل كذلك ضمن سياق البحث في «التاريخ المباشر»ليشهد مجتمعنا تطارحا بالفكرة، بين الفاعلين في تاريخ وبينه... ديدننا في ذلك السؤال المهني والتوق إلى كشف الخفايا...
كل الشكر إلى كل من ساهم في إثراء هذا المنبر للحوار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.