هذا هو الزمن المعكوس.. زمن تصطف فيه تونس كرويا في المركز الأخير وراء بوتسوانا والطوغو والمالاوي والتشاد.. أو ثمة أرذل من هذه المرتبة.. أو ثمة أكثر من هذه الحقارة الكروية في زمن مازال بعضنا يتحدث عن العالمية ويطبّل للموجود رغم ان بيتنا الكروي صار أوهن من بيت العنكبوت.. فمن يوقف هذه المهزلة.. ومن يضع حدا لهذا العبث.. ومن يملك حقا شرف البدء في محاسبة العابثين بشرف الكرة التونسية وهل هو موجود أصلا أم أننا سنظل نذرّ الرماد على العيون بدعوى خوض تجربة جديدة مع مدرب جديد ومكتب جامعي جديد.. في وقت لا أحد فيهم جديد بل ان أكثرهم أقرب إلى متحف باردو منه إلى ادعاء الشباب والفتوة والمطالبة بأن نصبر على أخطائهم التي نعرفها منذ عرفناهم.. وبالتالي فإن كل التبريرات كانت مردودة على أصحابها طالما ان الأخطاء هي.. هي وان تغيرت وجوه المخطئين. ذلك كان الكلام الذي سبق مباراة الأمس بين المنتخبين التشادي والتونسي وذلك هو الكلام الذي فرض على المدرب بارتران مارشان المغامرة باللعب بنفس هجومي واضح بإقحام جمعة والذوادي وبن خلف اللّه كمثلث هجومي مدعوما بلاعبي ارتكاز هما خالد القربي ومهدي النفطي وبظهيرين طائرين هما عمار الجمل وأنيس البوسعايدي وبالتالي فإن التوازن كان ملحوظا على هذه التشكيلة التي دخلت في صلب الموضوع منذ البداية ورفعت شعار ردّ الاعتبار للكرة التونسية وإعادة تثبيتها في المواقع الأمامية رغم البداية السلبية مع بوتسوانا. لم تمض الدقيقة الثامنة حتى نجح خالد القربي في زيارة الشباك التشادية قبل أن يضيع الدراجي هدفا اثر تسديدة على العارضة رغم موقعه المناسب بما يجعل المدارج تشتعل خاصة ان أبناء التشاد كانوا يبحثون عن التعادل فيما كان أبناؤنا يبحثون عن الضربة القاضية النفسانية التي توصلوا إليها قبل دقيقة واحدة من نهاية الشوط الأول عن طريق عصام جمعة بعد امداد رائع من زهير الذوادي الذي وضع زميله أمام شباك فارغة (2 0). المنتخب المحلي حاول مجاراة النسق لكنه كان يصطدم بالجدار الأول للدفاع حيث فقد كثيرا من الكرات رغم اقترابه في بعض الأحيان من شباكنا اثر أخطاء فردية من مدافعينا لعلّ أخطرها جاءت عن طريق «كارل ماركس» الذي كاد يغالط القصراوي عند تواجدهما وجها لوجه لكنه أخطأ المرمى تلته محاولة من «ماريوس» الذي سدّد صاروخا في الوقت البديل تصدى له حارسنا بثقة كبيرة. ماذا حدث في الشوط الثاني؟ كان من الطبيعي أن يلعب المنتخب التشادي الكل في الكل في بداية هذا الشوط في محاولة لتعديل الأوتار وتقليص النتيجة إلا أن الدفاع التونسي عرف كيف يمتص العشرين دقيقة الأولى بفضل خبرة عناصر في قيمة حقي وعلاء الدين يحيى والبوسعايدي وأيضا القربي والنفطي.. المدرب مارشان تفطن إلى عزلة الذوادي وعدم قدرته على فعل شيء يذكر فعوّضه بزميله الشرميطي الذي اعتمد على سرعته سواء في بناء الهجومات أو في مؤازرة الدفاع كما حاول مارشان ضخ المزيد من الدماء الهجومية باقحام ياسين الشيخاوي مكان الدراجي لكن حصل المكروه بإصابة الشيخاوي في أول لمس للكرة مما جعل المباراة تتوقف وسط عاصفة من الاحتجاج الجماهيري أو في الوقت الذي كان الجميع ينتظرون صفارة الحكم بعودة اللعب بعد اخراج الشيخاوي من أرضية الملعب واقحام تراوي سارع لاعبو التشاد بلعب الكرة تحت بهتة الجميع وفاجأوا الدفاع والحارس القصراوي بهدف احتج عليه لاعبونا طويلا لكن بلا فائدة (1 2) بعد اصرار الحكم الايفواري على صحة الهدف بما جعل المباراة تدخل المنطقة الحمراء سوى فوق المدارج أو فوق أرضية الملعب بما كلف أحد المدافعين (عباس) الورقة الحمراء بعد اعتدائه على الشرميطي (دق 76) وكان لا بدّ لمنتخبنا أن يخرج من هذا الضغط خاصة ان الملاعب الافريقية كثيرا ما فاجأتنا بأعمال وأهوال ما نزل اللّه بها من سلطان.. وهو ما آمن به اللاعب بن خلف اللّه الذي تقدم وسط دفاع المنافس ليسدّد كرة سهلة لكنها «قاتلة» ماتت في الشباك التشادية (دق 80) ليكون الهدف الثالث الذي تنفس به لاعبونا الصعداء. الحكم الايفواري أضاف خمس دقائق كاملة سعى خلالها المحليون إلى كسب أكثر ما يمكن من الكرات في محاولة لارضاء جمهورهم الغفير لكن خبرة الدفاع التونسي غلبت طموح زملاء «أبايا» الذين قبلوا الأمر الواقع ورضخوا لمنطق الأقوى. الخلاصة منتخبنا قدم مقابلة بطولية بالنظر إلى عدة معطيات أهمها ضرورة العودة في الحساب أمام منتخبات من العيب أن تكون أمامنا في الترتيب وهو ما جسّده أبناؤنا بكل بسالة في مباراة صعبة جدا خاصة من الناحية المعنوية وبالتالي فإن فوز الأمس أهلنا منطقيا لاستعادة مكاننا الطبيعي في انتظار الاستحواذ على المركز الأول مع تقدم التصفيات وهذا طبيعي ومنتظر. ٭ أبو نضال ماذا قال حقّي ؟ أكد كريم حقي في نهاية اللقاء ان الحديث عن الأخطاء التحكيمية أصبح عاديا جدا.. ولا جديد فيه لكن الأخطر ان لا يرفع طاقم التحكيم شعار «سلامة اللاعبين أولا» عند اصابة اللاعب ياسين الشيخاوي بما جعل بعض الأطراف تتدخل وسط الملعب لترفع الشيخاوي بطريقة أقل ما يقال عنها أنها لا رياضية خاصة ان الاصابة كانت خطيرة وكان الاسعاف ضروريا داخل الملعب قبل أي شيء آخر.. وأملنا ألا تكون اصابة لاعبنا الشيخاوي خطيرة بما يعيده إلى أحبائه بسرعة. الترتيب الحالي ل ن بوتسوانا 2 6 تونس 2 3 المالاوي 1 1 الطوغو 2 1