قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع فقال : إن المفلس من أمّتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإذا فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار) رواه مسلم. قد يظنّ كثير من الناس أن المفلس من ليس له مال أو من قلّ ماله أو من فقده بسبب صفقة تجارية خاسرة أو سرقة موصوفة أو جولة من جولات طاولات القمار وليست هذه حقيقة المفلس؛ لأن هذا أمر يزول وينقطع بموته، وربما ينتهي إفلاسه بثروة جديدة كوّنها بعد ذلك في حياته، وإنما حقيقة المفلس ، هو الهالك الهلاك التام والمعدوم الإعدام المفظع, ولهذا تساءل النبي صلى اللّه عليه وسلم أو سأل عن المفلس من أمته فقال : أتدرون ما المفلس ؟ فكان جواب جماعة من أصحابه المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع (كل ما ينتفع به من الدنيا) ولكن النبي الكريم وبأسلوبه الفريد في الوعظ والإرشاد والذي أثار الرغبة والشغف في المعرفة لدى الصحابة بيّن حقيقة المفلس وعدّد أوصافه وصفاته :وهو أنه إمريء بذيء اللسان يشتم و يسبّ الناس , و يقذفهم بالباطل والبهتان فيرمي المرأة العفيفة ويتهمها بالزنا ويقذف الرجل العفيف ويتهمه بالزنا غرضه في ذلك التشفي والإنتقام, دافعه في ذلك الحقد والكراهية وسوء الظن. كما أن من صفات المفلس الاعتداء على الناس في أبدانهم فيقتل هذا ويعتدي على ذاك مخلفا له أضرارا في بدنه كما أنه يسلب أموال الأفراد والمجموعات بشتى أنواع الطرق والوسائل من البطش والقوة إلى التحايل والخداع. إن هذا المفلس الذي تحدّث عنه النبي صلى الله عليه وسلم في الحقيقة قصير النظر سطحي الفكر لا يفكّر إلآ في دنياه ونسي عاقبة أمره عندما يقف يوم القيامة بين يدي الله للحساب وماذا سيفعل أمام خصومه المظلومين الذين يقفون أمامه لاسترجاع حقوقهم المسلوبة ؟!إن الله جلّ وعلا الذي حرّم الظلم على نفسه وجعله محرّما بين عباده سيقتصّ من هذا الظالم لهؤلاء المظلومين المستضعفين فيُعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أُخذ من خطاياهم وطرحت عليه، ثم طرح في النار. وتلك هي عدالة ربنا يوم يقوم الأشهاد.