تعتبر هذه التحفة من فن الأثاث الإفريقي، أقدم منبر بالعالم الإسلامي وهو لا زال موجودا بعين المكان. يتكوّن هذا المنبر المصنوع من خشب الساج المستورد من الهند، من درج ذي إحدى عشرة درجة، وهو مصنوع من أكثر من 300 قطعة منقوشة تم تجميعها بعد صنعها تتميز اللوحات بفنها الزخرفي الفريد الذي يبين تعدد المشارب التي استوحى منها الصانع نماذجه. يرمز هذا المنبر الذي يوجد على يمين المحراب ويستند إلى حائط القبلة إلى المنصة التي يخاطب منها الرسول (عليه السلام) المسلمين كما يرتبط بالكرسي الذي يستعمله قائد الجيوش الساسانية عند استعراضه لجيشه. وقد يكون المنبر من الخشب، كما هو الأمر هنا، أو من الحجر (العالم العثماني والهندي) أو من الآجر (العالم الإيراني) أو حتى من الطابية (ليبيا). يقول بعض الكتاب اعتمادا على التجيبي القيرواني الذي ذكره ابن الناجي وعلى دقة عمل الخشب، أن هذا المنبر لم يصنع بإفريقية وعلى غرار تربيعات الفخار المذهب بالمحراب، يحتمل أن يكون قد استقدم من بغداد. أما الزخرفة الدقيقة والمتنوعة فتحيلنا على تقاليد متعددة ويمكن أن يكون صنعه قد تم جزئيا على يد صناع إفريقية، لأنه يقدم تشابهات مهمة مع مفارش خشبية معاصرة له عثر عليها بمسجد ابن خيرون بالقيروان (866م).