مع أذان المغرب، وعوض أن يعجلوا بالافطار، عجل «الحارقون» بتشغيل محرّك السفينة في اتجاه جنوب أوروبا، لكن أعوان الحرس البحري ب«القراطن» من جزيرة قرقنة كانوا لهم بالمرصاد، ليتمكنوا من إيقاف 25 شابا على ذمة العدالة بتهمة محاولة اجتياز الحدود خلسة. «الحارقون» بعضهم من قرقنةوصفاقس والبعض الآخر من العاصمة وسوسة والقيروان وغيرها من مناطق البلاد، لكن بالرغم من بعد المسافة الفاصلة بينهم، إلا أن الاتفاق بينهم حصل على الابحار خلسة من جزيرة قرقنة وفي وقت الافطار. الاتفاق الذي حصل بين ال25 شابا، كان عن طريق رأس مدبر تمكن من تنظيم كل تفاصيل العملية والتنسيق بين جميع الحارقين، مع الاختيار المدروس للزمان والمكان للإبحار خلسة في اتجاه إيطاليا وربما منها الى بعض الدول الأوروبية الأخرى. تمّ تحديد الموعد من حيث الزمان والمكان، وفعلا وصل «الحارقون» الى جزيرة قرقنة عن طريق «اللود» الرابط بين صفاقسوقرقنة منفردين وفي شكل مجموعات غير عالمين أن أعوان الحرس البحري بالقراطن يراقبونهم. وصل الجميع الى الجزيرة وأغلبهم صائمون، وقد فضل بعضهم التخفي عن أعين الأمن تحت النخيل الباسق، في حين خيّر البعض الآخر قتل وقت الانتظار بالسباحة في البحر الصافي مع التنسيق فيما بينهم بالهواتف الجوالة حول معلوم الحرقة وغيرها من التفاصيل المعروفة في مثل هذه العمليات. اقترب موعد الأذان، ومعه تحرك الجميع في اتجاه المركب الراسي بمنطقة القراطن والمعد سلفا للحارقين، صعد الجميع على ظهر المركب حاملين أدباشهم والبعض من المأكولات المعلبة وغير المعلبة.. شغل «الربان» المحرك وعدل بوصلته على جنوب أوروبا وأضوائها.. اشتغل المحرك مع الأذان، وتحرك المركب بعض الأمتار فقط، ليتفطن «الحارقون» أن أعوان الحرس البحري بالقراطن يحيطون بهم من كل جانب غير مهتمين بإفطارهم وموعده الذي حان، وقد تمكن الأعوان من إيقاف كل الحارقين الذين اتضح أن بعضهم من ذوي السوابق العدلية وقد علقت بأحدهم قضايا خطيرة من ضمنها تعاطي الزطلة والاعتداء بالعنف الشديد والسرقة وغيرها من القضايا. المتهمون الآن رهن الإيقاف في انتظار إحالة الجميع على العادلة لتنظر في شأنهم في عملية «حرقة» رمضانية.