رئيس الوزراء الاسرائيلي، بنيامين نتانياهو قال في افتتاح المفاوضات المباشرة، انه يريد حل النزاع بصفة نهائية، داعيا الى «الدفاع عن السلام ضد اعدائه». وحل النزاع بصفة نهائية، من منظور نتانياهو وطبقا لممارساته، تعني انهاء القضية الفلسطينية وتصفيتها بعد ان تصبح مجرد قضية داخلية ل«أقلية» داخل اسرائيل .. اذ لم يبرهن رئيس الوزراء الاسرائيلي الحالي ولا من سبقوه من المسؤولين الاسرائيليين، عما من شانه ان يؤيد الادعاءات الاسرائيلية بالعمل من اجل السلام. والواضح ان الدورة الجديدة للمفاوضات المباشرة، ستشكل حلقة جديدة في مخطط اسرائيل الدؤوب لتذويب القضية الفلسطينية. فلا شيء يترك للصدفة في هذا المخطط، وما ستشهده هذه المفاوضات من مناورات، ستكون تتمة لما تقوم به الحكومات الاسرائيلية منذ أوسلو، من استدراج للمفاوضين الفلسطينيين، ومن تلاعب بسقف المطالب والمواقف الفلسطينية. ويكفي في هذا المجال استعراض الأسس التي انطلقت عليها «عملية السلام» منذ أوسلو، وتدرجها نحو اللاشيء، كما هو الامر حاليا، حيث جاءت الكلمات التي استهلت بها مرحلة المفاوضات المباشرة الجديدة في واشنطن، خالية من كل المرجعيات الاساسية التي ارتبطت بالقضية الفلسطينية، وخاصة منها قرارات الاممالمتحدة. وبذلك أطلقت ايدي نتانياهو مرة أخرى، وبدون اي ضوابط للعبث بحقوق الشعب الفلسطيني، وبرعاية امريكية، كما «جرت العادة». والاسرائيليون الذين ضربوا عرض الحائط بكل الضمانات السابقة ، وتجاهلوا كل «الشهود» الذين «باركوا» محطات المفاوضات السابقة، لن يدخروا جهدا في مواصلة ابتزاز الموقف الفلسطيني، وصولا الى «حل النزاع بصفة نهائية» كما يريد نتانياهو. ولن يجد الاسرائيليون، اطارا زمنيا افضل مما هي عليه اوضاع العرب والفلسطينيين حاليا، للاجهاز نهائيا على القضية الفلسطينية، في ضوء الامر الواقع المفروض على الارض، وفي ضوء لامبالاة البعض من العرب، من ناحية، وتهافت البعض الآخر منهم من ناحية أخرى، وهؤلاء يدركون جميعا، ان لا نتانياهو ولا غيره من الاسرائيليين، قادرون على التقدم فعلا على طريق سلام حقيقي، يفترض «تضحيات» اسرائيلية حقيقية، مع ان اسرائيل المحتلة والمعتدية، مطالبة بالتخلي عما استولت عليه وليس بالتضحية. «الحل النهائي» من منظور نتانياهو، اذن، هو الاستيلاء على القدس ومزيد زرع الضفة بالمستوطنات، وتشتيت الفلسطينيين داخل معازل، وانهاء حلم الدولة الفلسطينية المستقلة.