لم يتوقع الكثيرون خاصة ممن تابع أصداء عرض الحضرة 2010 بمهرجان قرطاج أن تحقق هذه السهرة الختامية لمهرجان قفصة الدولي (والمؤجلة أصلا) الغايات المنشودة على الأقل جماهيريا ثم فنيا... لكن الذي حصل ليلة الاثنين الماضي 23 أوت الجاري بمسرح الهواء الطلق بالبرج الاثري بقفصة كذب كل التوقعات، وحسنا فعل المهرجان بتأخير هذا الموعد ليقام في ليالي رمضان والذي شهد اقبالا كبيرا ونجاحا فنيا وتنظيميا عانق الروعة زادته الشماريخ المضاءة في نهاية الحفل والأضواء التجميلية وحسن الفضاء متعة اضافية. ويجوز القول إن عرض الحضرة كان استثنائيا بكل المعاني حيث كانت المجموعة طوال ساعتين في تناغم تام مع الجمهور الحاضر بكثافة ليلتها فكان يرقص مرة ويزغرد أخرى ويصفق ثالثة ويصمت رابعة في سكينة تامة مع بعض الاناشيد في مشهد لا يخلو من دهشة وذهول في مواقف معينة. ولم يخل العرض من الدفء والحميمية إذ لم يستطع الجزيري اخفاء فرحته في ختام العرض حتى أنه خاطب الجمهور من قلب الركح ومعروف عنه قلة الكلام والظهور معبرا عن سعادته القصوى بهذا الاداء والتفاعل وكأن العرض ولد من جديد أو أن صاحبه عاد الى بداياته الاولى في السبعينات هنا في ربوع قفصة، وهو الانطباع الذي حصل لكامل عناصر مجموعته التي لاحظنا حماسة غير عادية في مجمل أدائها تجلت بوضوح في ختام العرض حين بقوا على الركح متفاعلين مع الجمهور ومكررين بعض الايقاعات. وقد تولت هيئة المهرجان مشكورة تكريم الجزيري بإهدائه شعارا منحوتا للدورة وقطعة من المرقوم المحلي في شكل بخنوق بوسعدي الى جانب باقات الورود والمشموم. هذا ويجدر التذكير ان الاستاذ محمد نجيب الشايب والي قفصة كان حاضرا طيلة العرض ومتابعا لحيثياته منذ البداية ساهرا على حسن تنظيمه وذلك الى جانب الاطارات الجهوية والمحلية والهيئات السابقة للمهرجان وجمع من المثقفين والفنانين الذين استمتعوا بهذا العرض الضخم، كما لا يفوتنا ان نذكر حضور الفنان عبد القادر مقداد رفيق درب البدايات للفاضلين بمسرح الجنوب بقفصة وقد قدم يد المساعدة خصوصا في المعدات الضوئية. وهكذا فقد كسب المهرجان رهان الاختتام بعد أن جاء الافتتاح كذلك (زهرة الاجنف) وحازت مجمل العروض على الرضا عدا بعض السهرات المحتمشة ولكن اجمالا فقد حققت الدورة أهدافها رغم طبيعة الظرف الحالي (كأس العالم وشهر رمضان) الذي ضيّق فرص الحضور المتواتر كما السنوات الفائتة مما يدعو الى التفكير في صيغ وأطر جديدة للتفاعل مع هذه المتغيرات العامة في علاقة مع طبيعة أهل الجنوب في الترفيه والاستمتاع.