* بقلم: الأستاذ هشام عبد الخالق (تونس) يقول الكاتب والعالم الفرنسي «برنار تسنون» Bernard Thesnon في المجلة الفرنسية «العلم والحياة» Sicence et vie لقد اتفق علماء الفيزياء والفلك والذرة منذ أكثر من عشرين سنة أن نسبة خلق الكون يرجع إلى «الانفجار الأكبر» Big Bang الذي نتج عنه طاقة هائلة تحولت بسرعة إلى مادة وذلك بعد برودها {أو لم ير الذين كفروا ان السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما} (الأنبياء آية 29) واكتشفوا أيضا ان الكون في اتساع مستمر حسب نسبة «دوبلار Doppler وHenry Fiseau وذلك حسب الاشعاعات الصادرة من النجوم المتحركة وميلانها إلى الاحمرار كلما ابتعدت. هذا الاتساع الكوني وحركته نعلمه نحن المسلمون رعات الابل منذ أربعة عشرة قرن وذلك في قوله تعالى {والسماء بنيانها بأيد وأنا لموسعون} (الذاريات آية 46) وما يسمونه ب lصexpansion de lصunivers {والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم} (يس) أما محتوى الكون وذراته فاكتشف ان عنصره الأساسي لايجاد الحياة فيه هو «الهيدروجان» إن تحوّل إلى ماء وجدت الحياة وان بقي على هيكله الأصلي أي البروتونات والنوترونات والفوتونات والالكترونات والبوزيسيونات والدوتريونات وغيرها فلا سبيلا أصلا للحياة فمع الهيدروجان والأكسيجان يتكون الماء ومنه مصدر كل شيء حي {وجعلنا من الماء كل شيء حي} ثم اعلم ان حسب نسبة وحدة الوجود المكتشفة عام 1983 la théorie de la grande unification (PROTON) الذي منه باقي الذرات المنتشر في أنحاء المعمورة الكونية سيضمحل بعد 32 10 سنة (اثنان وثلاثون صفر بعد الواحد) فلو قرأت كتاب الفتوحات المكية للشيخ محيي الدين ابن العربي المتوفى سنة 638 هجري أو كتاب فصوص الحكم أو غيره من كتبه لوجدته يتكلم بوضوح على هذه الوحدة «la théorie de la grande unification» (وحدة الوجود). وها هم علماء الغرب يلقون في هذا القرن التلسكوب العملاق «هابل» HUBBLE في الفضاء لدراسة النجوم والكواكب والمجرات وعلماء أئمة المسلمين مثل هذا الشيخ الجليل يبين كل صغيرة وكبيرة في هذا الميدان بفتح رباني. يقول صلى اللّه عليه وسلم: «اتقوا فراسة المؤمن فإنه يرى بنور اللّه» أليس الانسان كونا وعالما بذاته فهل نحن في حاجة لانفاق أموال طائلة بحثا عن حقيقة وأسرار الكون والكل كائن فينا «سنريهم آياتنا في الافاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق» «وفي أنفسكم أفلا تبصرون» وهذا كله باستطاعتنا كشفه بعنصر واحد فقط ألا وهو «التقوى» {واتقوا اللّه ويعلمكم اللّه} (فصلت آية 52) ثم ان هناك مسألة وحقيقة كونية أثارت جدالا كبيرا في الأوساط العلمية الحديثة ألا وهي «التجانس الكوني» lصhomogéneité de lصunivers وبمعنى ثان وجود نفس التشابه الخلقي الذراتي الحراري في كل جزء من أجزاء مكونات المعمورة. فحيث ما نظرت في الكون تجد نفس الأشعة المتكونة منها ذوات الاجرام على نفس المقياس الحراري 3 K: أي ثلاثة كلفين 3 kelvein (0 K = -273 centigrade) أي ان في بدء الخلق بقيت الاجرام بعد اضمحلال الحرارة من الانفجار الأكبر Big Bang وما نسميه نحن ب»كن فيكون» المقدر حسب العلماء العصريين الغربيين ب 43- 10 أقل من الثانية أي حوالي 4.7 بليون بليون بليون بليون المليار أقل من الثانية هذا مع العلم ان عمر الأرض قدروها حسب التقريب ب 4.7 مليون سنة 6 10 فبقيت الاجرام بعد مرحلة تحولها إلى مادة في حرارة 4000 k مستقرة لا تزيد ولا تنقص على 3 k في كل شبر من أجزاء الكون فكيف يكون ذلك مع العلم ان الكون في حركة واتساع مستمر؟ فيأتي القرآن ويجيب «بل هم في لبس من خلق جديد» ويعتقد العلماء ان سبب ذلك غير مفهوم إلا أنهم يحتملون ان هذه الحقيقة المزعجة لا تفسير لها سوى ان عند تفرع الفوتونات photons من جزيئاتها (الفوتونات هي عبارة عن أشعات ضوئية) تسمى عندنا ب»النور أو التجليات الالهية» وهذا التفرع حسب العلماء حدث في أقل من مليار من الثانية وهو ما يسمونه بالمرحلة الهدرونيكية Ere hardonique وعند الصوفية بالناسوت انظر إلى فهرس الفتوحات المكية للشيخ محيي الدين ابن العربي لتفسير معنى الناسوت فيطول علينا شرحها هنا. أما المرحلة اللبتونيكية Ere leptonique التي تسمى عندنا باللاهوت فلقد استغرقت 4- 10 من الثانية أي 10.000 مرة أقل من الثانية تكونت خلالها النوترونات والبروتونات. أما المرحلة التالية وما يسمونها بEre radiatif رادياتيف «الجبرون» عندنا استغرقت 13- 10 أقل من الثانية ما يقابل ب10 آلاف مليار أقل من الثانية وفي توقيتنا الدنيوي تساوي 1.000.000.000 سنة وهنا التصحيح القرآني في قوله تعالى في محكم تنزيله في صورة الحج اية 46 {وان يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون} فتوقيت دنيوي يقابله توقيت الاهي فالعلماء قابلوا هذه النسبة 13- 10 ثانية ب 9- 10 سنة ونحن وحسب الآية نقول ان مقابلها يكون 6- 10 وليس 9- 10 كما هو حسابهم أي مليون سنة فقط. ثم بعد ذلك ظهرت المرحلة الستالارية «Ere Stellair» «ملكوت» عندنا دامت 5- 10 سنة أو في التوقيت الالهي 5- 10 من الثواني أي 100.000 ثانية عندنا وهو ما يقابل 27 ساعة ونحن نصحح ونقول هذه الفطرة وهي خلق الأرض وما عليها من أقوات لا تكون إلا كما قال عز وجل {وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام} (فصلت آية 9). ومن قبل يقول «خلق السماوات والأرض في ستة أيام» فيا ترى هل نسي أو غفل العلماء الغربيون في حسابهم على باقي الخلق أو باقي المرحلتين الأخرىين التي يسمونها بالجزء المختفي من الكون la face caché de lصunivers ثم اعلم ان انكار وعدم فهم التجانس الكوني للعلماء الغربيين لهذه المسألة يفسرها الشيخ محيي الدين في فتوحاته قائلا: تضاربت الأسماء والصفات لتعلقها على وفق مراد الذات فكل يطلب ما تقتضيه حقيقته مثلا اسمه تعالى المنتقم يطلب الانتقام ومضاده اسمه الغفار يطلب الغفران كما ان اسمه القابض يطلب القبض واسمه الباسط يطلب البسط الخ... والحق قادر على أن ينزّل الأسماء منازلها فتجلى لكل اسم بما يقتضيه تجليا منه إليه فتفرعت الموجودات عن الأسماء والصفات والكل راجع إلى الذات «وإلى اللّه تصير الأمور» فأعطى كل ذي حق حقه فيكون مثلا تجلياته باسمه المنتقم على من عصى وطغى وباسمه الكريم على من أناب واستغفر وهنا نرى تفسير العلماء بأن الحل الوحيد لافتراض «التجانس الكوني» لا يكون إلا بالاتصال المباشر للفوتونات بعضها ببعض وهذا ما نسميه نحن بتضارب الأسماء والصفات سموه ب harmonisation des particules فكما هو مبين في الفطرة الهردونيكية كان هناك تضارب وصراع بين الذرات اللبتونية والذرات البوزيسيونية والنوتروييونية حتى انتهى بهم إلى تغلب الأكثرية الساحقة عندنا الأسماء الجمالية على أسماء الجلالية حتى استقر الحال إلى ما نسميه نحن لجوء الأسماء والصفات إلى اسم الذات «اللّه» وكما قلنا انفا فأعطى سبحانه كل ذي حق حقه وبقيت تلك الأسماء على ما هي عليه (3 k) أي انفعالها الحراري الذاتي إلى يومنا هذا قائمة في الكون (أي هذه الذرات) وانفعالاتها على الانسان خاصة. فلا تتعجب يا انسان لو وجدت فيك أو حواليك شيء من هذه الذرات فالهواء مكون من ذرات الاكسيجان والهيدروجان والهيدروجان مكون من ذرات البروتونات وهذه الأخيرة مكونة من نوترونات والنوترونات مكونة من أكترونات electron واياك ثم اياك أن تلمس سلك كهربائي فيه الكترونات يرجع أصلها إلى بروتونات خلقت منذ مليارات من السنين بعد مرور مرحلات «اللاهوت والناسوت والجبروت والملكوت» كان ذلك في الزمان الالهي في أقل من 4.7 بليون بليون بليون مليار من الثانية «كن فيكون» فتصدم في ثوان (توقيتنا الدنيوي) بصدمة كهربائية تقضي على حياتك وخاصة أن فينا تلك الطاقة الكهربائية بعد النشأة الأولى (ونفخنا فيه من روحنا) (فقعوا له ساجدين) فأفهم ترشد هذه السجدة الأولى هي اشارة إلى سجود المخلوق لخالقه بكيانه كله لا الملائكة فحسب بل سجود الذرة فينا لخالقها ومع السجود يكون التسبيح (وأنا لنحن المسبحون) فالحاصل ان العين نضرت بنفسها إلى نفسها إلى مرأة الوجود وقالت «لمن الملك اليوم» فلم تجب سواها لأن ليس لسواها مكان معها فأجابت قائلة «للّه الواحد القهار».