لو علم الفنان فوزي بن قمرة مسبقا ان نمنمات أناشيده الصوفية التي تناغمت مع صوته وروحه فأخرجها بذلك الجمال الساحر، سترضي سماع الجماهير ولو علم مسبقا ان حب الجمهور (القيرواني) له ولأناشيده وابتهالاته سيكون بذلك الحجم، لتمنى لو انه خاض تجربة الانشاد الروحي منذ زمن.. لان عرض «جوهر الحسن» جمع بين التميز الفني والصفاء الروحي والطرب والحضور الجماهيري بشكل منقطع النظير بالقيروان. تجلى ذلك في أمسية رق نسيمها وتندى بأمطار الخريف في السهرة الختامية لمهرجان المدينةبالقيروان في دورته العاشرة الذي انطلق يوم 19 أوت. فأسدل الستار على عرض حقق النشوة والابهار طيلة ساعتين. ونجح رهان هيئة المهرجان التي ائتمنت الفنان المنشد، بن قمرة الذي كان أمينا مبدعا في ارضاء تعطش الجماهير القيروانية بما يليق بشغفها وتطلعها الى عرض يصالحها مع المركب الثقافي الذي قلما شهد، لكثافة حضوره، مثيلا فقدم عرضا جميلا حقق الامتاع وأطرب السماع. نشوة الروح فوزي بن قمرة الذي كان مصحوبا بفرقته المتألفة من12 عنصرا (5 منشدين و7 عازفين) بقيادة الفنان مهدي البحري أنشد مدائح وأذكار وابتهالات من ألبومه «جوهر الحسن»، قدمها الشاعر حسين القهواجي بخواطر تصوفية وافتتحت بسورة القدر ثم انشد بن قمرة وأطلق العنان لصوته الجميل القوي يطرق به عنان السماء بكلمات هفهفت بعذوبتها أرواح الجمهور في تجليات ايمانية فتفاعل وانشد وهلل وكبر وانتشت الأنفس حتى سمت. حفل اختتام مهرجان المدينة كان أحسن ختام بعطر المسك. ذلك لأنه تم مساء جمعة مباركة وفي سهرة رمضانية عطرة ممطرة وكذلك لان نجمه كان الفنان المنشد الصوفي فوزي بن قمرة في ثوبه الأبيض الناصع كمولود جديد ثم لأن العرض كان في القيروان التي استقبلت ضيفها بالتهليل والقبل.. فود كثير ممن حضر ان يتكرر العرض ألف مرة.. ولا يمل. بن قمرة: تجربة... أجمل وأصدق وفي لقاء خص به الشروق، ذكر الفنان فوزي بن قمرة ان عرضه «جوهر الحسن» هو عرض ديني مطور موسيقيا يجمع عدة ايقاعات تونسية وهندية ولاتينية وبين انه عرض جديد فيه بحث موسيقي للأناشيد الدينية. وبين ان ألبومه يتضمن أناشيد جديدة وأخرى قديمة تمت اعادة توزيعها فنيا. وعن تجربته مع الانشاد الديني التي بلغ فيها عامه الثالث ذكر بن قمرة انها تجربة «حلوة جدا» واصفا اياها بكونها أمتع وأكثر راحة نفسيا وجسديا من تجربته مع الفن الشعبي وان تجربته مع الانشاد الديني تتوفر على جانب كبير من الطمأنينة. كما اكد بن قمرة ان بعض الأناشيد والابتهالات والتضرعات التي يؤديها هي تعبر عن تجربته الشخصية التي عاشها مؤخرا. موضحا ان انشاده ليس مجرد أداء للاغاني وانما هو تعبير عن حقيقته الروحية مضيفا ان الانشاد الديني يتطلب وجدانيات وانسجاما بين النفس والكلمات لتحقيق الصدق في العمل. عقبات وطموحات بن قمرة أكد أيضا وجود صعوبات اعترضت تجربته «الصوفية» التي قطعت مع الفن الشعبي بشكل جذري وبين انها صعوبات طبيعية ومنتظرة في كل عمل وتجربة. مؤكدا انه استفاد من القاعدة الجماهيرية القديمة التي انتقلت الى تجربته الجديدة وبين انه استفاد كثيرا من حب الناس له وتفاعلهم مع عرض «جوهر الحسن». وختم بن قمرة لقاءه مع الشروق بالحديث عن جديد أعماله بين اطلاق البوم جديد للانشاد الديني بعد عيد الفطر وتقديم عروض خارج الوطن الى جانب التعامل مع منشدين بارزين مثل المنشد احمد جلمام الذي اعتبره من أفضل المنشدين في الساحة. كما أكد بن قمرة انه يطمح الى الاضافة في تجربته «الروحية» وتطوير الانشاد الديني شكلا ومضمونا وبين ان هناك أعمالا جديدة موجهة للشباب التونسي في الداخل والجالية التونسية بالخارج.