السيدة انجيلا ميركل مستشارة المانيا حرصت ان ترعى بنفسها حفلا ل«تكريم» الرسام الدانماركي الذي نشر رسوما مسيئة لرسولنا الكريم صلى الله عليه وسام عام 2006 ،متباهية بان اوروبا هي المكان الوحيد في العالم الذي يسمح بذلك ومشيدة بماسمته «حرية التعبير والصحافة» ،متناسية ان روجي غارودي حوكم وادين في اوروبا نفسها وهو لم يتهجم على انبياء بل لمجرد انه شكك في عدد من قتل من اليهود فيما يسمى « المحرقة» أو (الهولوكوست)... ولم يمر طويل وقت على هذا الحفل التكريمي حتى اقام قس في أمريكا الدنيا باعلانه انه سيتولى في بيت الدين الذي يشرف عليه احراق نسخ من القرآن الكريم في الذكرى التاسعة لاحداث 11 سبتمبر 2001 .. وحصل ما نعرف جميعا و«اقتنع» هذا القس بالتخلي عن «مشروعه» بعدما حقق لنفسه ولكنيسته المغمورة نصيبا وافرا من الدعاية بل حاول الابتزاز السياسي بطلب مبادلة التخلي عن الحرق بالتخلي عن بناء مركز اسلامي في نيويورك غير بعيد عن برج التجارة العالمي المدمر. هذه الكنيسة التي وصفها اعلامهم بأنها صغيرة لأنها لا تتبع الكنائس المعروفة الاخرى والتي توجد في فلوريدا تابعة لمؤسسة «دينية» تسمى (مركز حماية التواصل في العالم) الذي انشئ عام 1986 والذي تتبعه كنيسة مماثلة في كولونيا بالمانيا وله اكاديمية تحمل الاسم نفسه .. وقد اسس المركز مبشر عمل في جنوب افريقيا طويلا ومات عام 96 تاركا الارث لزوجته التي تقاعدت عام 2004 واستبعدها القس الحالي المدعو تيري جونز الذي اشرك زوجته ايضا في رعاية هذه المؤسسة .. هذا « التيري» يبدو انه آلى على نفسه ان يحصر مهامه «الدينية» في محاربة الاسلام بشتى الطرق ..من ذلك انه نشر كتابا سماه (الاسلام هو الشيطان) وهو شعار رفعته كنيسة فلوريدا منذ مدة وروجت له بشتى السبل ، بالكتابة على اللافتات والطباعة على القمصان وعن طريق الانترنت .. وكان نشر الكتاب في اوت الماضي أي قبل ايام من الاعلان عن «مشروعه» بحرق المصاحف. كلنا نعرف ان التهجم على الاسلام ومحاربة نبيه والطعن في كتابه الكريم ليس وليد اليوم بل انطلق منذ بزغ فجر الدعوة من طغاة قريش ويهود المدينة .. وظل هذا الموقف على مر العصور قائما يخفت عندما تشتد قوة المسلمين ويقوى عندما يتردى حالهم ويمرون بفترة ضعف وهوان ..ويحدثنا التاريخ على سبيل المثال لا الحصر عن قيام محاكم التفتيش في الاندلس بحرق المصاحف بل وحرق كل من يخفي مصحفا عندما ضيع ملوك الطوائف الأرض الاسبانية.. وفي القرنين السابع والثامن للميلاد ألف المدعو (يوحنا الدمشقي) كتابا ضد الرسول الكريم.. وكتب (لوثر كينغ) عدة مقالات في القرن السادس عشر تهجم فيها ايضا على سيدنا محمد ے ... وكان أحد رجال الكنيسة يحرض الصليبيين المتوجهين الى الشام قائلا (اذهبوا واغسلوا ايديكم بدماء المسلمين الكفار). وذكر ان الجندي الايطالي الفاشي المتوجه الى ليبيا كان ينشد لأمه قبل السفر (لا تبكي بل اضحكي وتأملي انا ذاهب الى طرابلس فرحا مسرورا ..سأحارب الديانة الاسلامية ..سأقاتل بكل قوتي لمحو القرآن).. وعندما استسلم المجاهد المغربي الخالد عبد الكريم الخطابي كتبت جريدة فرنسية عام 1926 ( الحدث مهم فهو يضرب الاسلام في الصميم وبوسعنا الآن ان نفتك بهذا الدين الفتك الكبير).. وقال الجنرال الفرنسي «بيجو» وهو يستعد لاحتلال الجزائر(ان ايام الاسلام الاخيرة قد اقتربت في الجزائر). وقريبا قريبا كان الهندي الفاشل «سلمان رشدي» وكتابه (آيات شيطانية ). و«زل» لسان بوش الابن فأعلنها حربا صليبية في سبتمبر 2001 وغبار برج نيويورك لم ينجل بعد.. ونشر احد الحاقدين كتابا سماه ( نبي الخراب).. ومن بعده كانت رسوم الدانماركي «المكرم» في المانيا ومعه صحف عديدة في اوروبا.. ثم فيلم «الخضوع» للهولندي القتيل (فون غوغ)... وتلقف الغرب كل مرتد حاقد من امثال البنغالية المغمورة (تسليمة نسرين ) والصومالية التي تسابقوا لمنحها اللجوء والجنسية، والعربية(؟) الاخرى التي افترت على الدين الحنيف فصنفتها مجلة ( تايم ) الامريكية بين المائة شخصية الأكثر تأثيرا في العالم، الخ... خلاصة القول ان ما جرى في فلوريدا ليس الا حلقة في سلسلة بدأت منذ فجر الرسالة ولا شك انها ستستمر خاصة وقد حذر تقرير اعده ألف خبير عام 2005 لحساب وكالة المخابرات المركزية عن توقعاتهم لعام 2020 من ان واحدا من سيناريوات اربعة محتملة هي بروز اسلام حديث يحارب العولمة وقد سمي في التقرير (الخلافة الجديدة).. وما حصل يفرض عدة استنتاجات: أولها ان هناك حقدا دائما ضد الاسلام وحملة مسعورة ضد نبيه وكتابه تجد مدخلها في معظم الاحيان وللاسف الشديد في ممارسات من هنا وهناك لا تمت لجوهر الاسلام ولا لروحه بصلة يقوم بها اناس لم يكونوا يوما قيمين على الاسلام ولا قادرين على ذلك. الثاني ان الحملة التي قام بها سياسيون ومفكرون ضد الجريمة التي هددت كنيسة فلوريدا بتنفيذها قد تبشر بوجود كثير من العقلاء، الا اذا كان منهم من دفعه الى ذلك الخوف من ردة الفعل وتداعياتها في ظل الظروف الميدانية الحالية في العالم الاسلامي. الثالث ان على قادة العالم الاسلامي ومفكريه الواعين ان يكثفوا نشاطهم لتبيان سماحة ديننا الحنيف والتركيزعلى ذلك في اطار ما يسمى الحوار بين الحضارات واستخدام اجهزة الاعلام والاتصال الحديثة لهذا الغرض بدل التركيز على تخصيص قنوات لا تحصى لفتاوى تتهاطل علينا من كل حدب وصوب وتتناقض بين ملتح وآخر. الاستنتاج الرابع والأخير انه مهما حقد الحاقدون وتهجموا وهرطقوا فان الله سبحانه تعهد بحفظ كتابه ونصرة نبيه واتمام نوره الذي يحاولون اطفاءه بافواههم ..ومثلما قهر ابو لهب وامية بن خلف وكعب بن الاشرف في البدء فسيبوء كل (آباء جهل) بالخيبة حاضرا ومستقبلا ..والجبل لا تهزه ريح.