وجه ايد ميليباند الذي انتخب أمس زعيما لحزب «العمال» البريطاني على حساب شقيقه دفيد ميليباند، وجه انتقادات عنيفة لرئيس الحكومة وزعيم حزب المحافظين دفيد كاميرون، واتهمه باتباع سياسة تضاعف من مأساة فقراء بريطانيا، وتبتعد بالبلاد عن العدالة الاجتماعية. وتأتي انتقادات ميليباند في وقت رجح فيه المحافظون فوز الشقيق الاكبر وزير الخارجية السابق (دفيد ميليباند) بزعامة حزب العمال لكن جاءت النتائج عكس التوقعات. ظل براون ويحسب ايد ميليباند على الحركات النقابية في حزب العمال البريطاني، وهو أكثر ميلا الى نهج رئيس الوزراء السابق غوردن براون. ويرى طوني بلير (رئيس الوزراء الاسبق) أن ايد ميليباند يقود «العمال» الى «مزيد من الانحراف نحو اليسار» وهذا قد يضعف الحزب في المواجهة المستقبلية مع المحافظين لاستعادة السلطة. وايد ميليباند المعروف بكراهيته للرأسمالية الامريكية يرى أن زعيم المحافظين ورئيس الحكومة حاليا دفيد كاميرون يدفع ببريطانيا الى نهج سيزيد من معاناة فقراء البلاد ويضاعف من مأساتهم. ويحاول الوزير السابق إضفاء صبغة انسانية على تحركاته المناهضة للحزب الحاكم والمناوئة للسياسات التي رسّخها طوني بلير في صلب حزب العمال في إطار الاصلاحات التي أدخلها على الحزب خلال فترة رئاسته. وتبدو معركة إيد ميليباند على جبهتين (داخل حزب العمال ومواجهة حزب المحافظين الحاكم) طبيعية، معركة قد تقوده في النهاية الى تثبيت نهجه السياسي داخل حزبه وفي «معركته» مع المحافظين. ويعد إيد ميليباند أحد أعضاء معسكر غوردن براون ومهندس «الانقلاب الداخلي» الذي أطاح بطوني بلير من زعامة الحزب ومن رئاسة الوزراء، وقد خبر طيلة عمله مع براون سبل المناورة والمواجهة. ويراهن شقّ من «العماليين» على إيد ميليباند لاستعادة هيبة الحزب وقيادته مجددا نحو السلطة، في وقت يعمل فيه المحافظون على استغلال انقسام حزب العمال الى تيارين: تيار يقوده الشقيق الأكبر دفيد ميليباند، وآخر يقوده إيد ميليباند. و«الانقسام» الحالي في صلب حزب العمال مردّه اختلاف حول توجهات الحزب سواء في ما تعلق بالسياسة الداخلية أو الخارجية، اختلافات قد لا تضعف حزب العمال، لكنها تبقى في النهاية عامل توتر داخلي. وسبق لإيد ميليباند أن أعلن صراحة أنه سيقود معارضة قوية لدفع الحكومة للتراجع عن سياساتها الحالية. وفي انتظار اعلان برنامجه السياسي للحزب والاصلاحات التي سيطرحها لإصلاح ما «أفسده» طوني بلير، يبدو إيد ميليباند عازما على خوض معركة على جبهتين، واحدة مع الحكومة، وأخرى مع الشق المناوئ لتوجهاته في صلب حزب «العمال» ذاته. موحّد المحافظين دفيد كاميرون الذي قاد حزب المحافظين خلال السنوات القليلة الماضية والذي نجح في استغلال انقسامات العماليين، وتوظيفها في انتخابات ماي 2010 لينهي بذلك 13 عاما من حكم حزب العمال، يعمل حاليا على تعزيز مكانة حزبه وتحصينه من الهزات السياسية التي قد تضعفه في مواجهة العماليين. وتشير السيرة الذاتية لدفيد كاميرون الى أنه شديد الحذر، لا حدود لطموحه السياسي، وهو شخصية غامضة، وقد مكنته تلك الصفات من الصعود سريعا على سلم السلطة. ويحسب لكاميرون نجاحه في توحيد صف المحافظين وقيادة الحزب مجددا الى السلطة وإنهاء سيطرة «العمال» على الحكم لما يزيد على 13 عاما. وفي خضم التطورات الاخيرة وفوز إيد ميليباند بزعامة حزب العمال، لا يبدو دفيد كاميرون قلقا من خصمه الجديد لاعتقاده أن حزب العمال فقد الكثير من هيبته وشعبيته بسبب مشاركة بريطانيا في الحرب على العراق إبان حكم طوني بلير، والارجح أن كاميرون يراهن على الارث الثقيل الذي خلّفه بلير لمن خلفوه في زعامة الحزب، وقد يحتاج ميليباند الى سنوات لاعادة توحيد صف العماليين ومعالجة التصدعات السياسية في حزب «العمال». المواجهة بين إيد ميليباند ودفيد كاميرون تبقى مفتوحة على كل الاحتمالات في ظل التطورات المتوقعة للمشهد السياسي الدولي، واحتمال اندلاع حرب جديدة (على إيران) تكون فيها بريطانيا طرفا.