مثّل حصول الكاتب البييروفي فراغاس يوسا على جائزة نوبل للأداب أثناء معرض فرنكفورت مفاجأة سارة للنّاشر والقّاص وليد سليمان الذي أصدر قبل عام ترجمة لكتابه «إيروس في الرواية»مع مقدّمة خاصة للقرّاء العرب . كيف كانت مشاركته في معرض فرنكفورت ؟وكيف عاش لحظة فوز يوسا بنوبل؟ «الشروق» التقته في هذا الحوار: ٭ كيف تقيّم مشاركتك في معرض كتاب فرنكفورت؟ أعتبر مشاركتي في معرض فرنكفورت للكتاب ناجحة تماما على جميع الأصعدة. وأشير إلى أنني قد تلقيت هذه الدعوة من إدارة المعرض نظرا للسمعة الممتازة التي تحظى بها «منشورات وليدوف» في تونس وخارجها، وهي دعوة تأتي في إطار برنامج خاص موجّه لدور النشر المتميزة والواعدة. ورغم تواضع الإمكانيات المادية لمنشوراتنا الشابة إلا أننا نلنا استحسان المنظّمين والجمهور على السواء حتى أن إدارة المعرض اختارتني لإلقاء كلمة بالانڤليزية في حفل اختتام المعرض أمام مسؤولين مرموقين من وزارة الخارجية الألمانية ومن إدارة المعرض. وهنا أشكر وزارة الثقافة التونسية التي مكّنتنا من شحن كتبنا لتكون حاضرة في الجناح الذي أهدته لنا إدارة معرض فرنكفورت للكتاب، وخاصة السيد بوبكر بن فرج رئيس ديوان وزير الثقافة الذي حرص على أن يتم ذلك في وقت سريع جدا. ٭ كيف كان الحضور التونسي في المعرض؟ يؤسفني القول ان الحضور التونسي كان شبه معدوم في معرض فرنكفورت للكتاب، فلم أر أي جناح تونسي أو حضور مادي أو معنوي، وهذا مؤسف جدا لأن هذا المعرض هو الأهم والأكبر في العالم ويعتبر بوابة عالمية ومفترق طرق لصناعة الكتاب. وما يؤلم أكثر هو أن هذه الوضعية ممتدة منذ سنوات عديدة (باستثناء عام 2004 حيث كان العالم العربي ضيف شرف في معرض فرنكفورت للكتاب). ولكن لحسن الحظ أن مجلة «بانيبال» البريطانية المرموقة قد قدّمت عددا خاصا بالأدب التونسي خلال هذه الدورة لاقى حفاوة كبيرة من قبل الأوروبيين والأجانب المهتمين بالأدب العربي والذين تساءلوا عن غياب الأدب التونسي في مثل هذه المحافل الدولية. وقد نُظمت خلال المعرض بهذه المناسبة ندوة لتقديم المجلة والتعريف بالأدب التونسي أدارها محرر المجلة صامويل شمعون وشارك فيها الروائي التونسي المقيم في باريس الحبيب السالمي ورئيس اتحاد الناشرين النوري عبيد، كما دعيت إلى هذه الندوة نظرا لتواجدي في فرنكفورت في نفس الوقت. وكنت أتمنّى أن تتوفر امكانيات مادية أكبر فلا تضيع هذه الفرصة النادرة ويكون حضور تونس أبرز، فمن المؤسف مثلا أن امكانيات مجلة «بانيبال» لم تكن تسمح مثلا بتكليف مترجم فوري أثناء الندوة لكي يتمكّن الحضور من متابعتها بالانقليزية، ولكن الحمد لله أنني كنت موجودا وتطوّعت بالترجمة الفورية بين العربية والانقليزية، إضافة إلى مداخلتي ككاتب. ٭ والعربي؟ الحضور العربي في معرض فرنكفورت متفاوت جدا. فهناك دول عربية غير حاضرة تماما، ولكن في المقابل هناك بلدان عربية حاضرة بشكل بارز مثل الإمارات العربية المتحدة والسعودية. وقد أعجبني مثلا أن رئيس اتحاد الناشرين المغربي قد اتفق مع إدارة معرض فرنكفورت على أن يتم تخصيص جناح جماعي مغربي لتقديم الإصدارات الجديدة ولكي يتمكّن الناشرون المغاربة من التعريف بكتبهم والاحتكاك بدور النشر والوكالات الأدبية العالمية. ٭ ما هو شعورك عندما اختارك التلفزيون الألماني للحديث عن بارغاس يوسا؟ كان حصول ماريو بارغاس يوسا على جائزة نوبل للآداب 2010 أثناء تواجدي في معرض فرنكفورت للكتاب مفاجأة سارة من العيار الثقيل، فقد كان ذلك كافيا لكي أخطف الأضواء وأشرّف وجود تونس في هذا المعرض العالمي، خاصة وأنني الوحيد الذي تمكّن من الحصول على مقدمّة خاصة من ماريو بارغاس يوسا قبل حصوله على نوبل. وقد حاورتني قناة ZDF الألمانية باعتباري مترجم وناشر هذا الكاتب العالمي بالعربية وأعجب الألمان كثيرا بجودة طباعة الكتاب وأناقته. وأعتبر هذا التشريف دفعا معنويا كبيرا لي كناشر ومترجم لأنني أسفت لعدم اهتمام التونسيين بهذه الكتاب المهم بشكل كاف، فحتى المبيعات كانت متواضعة جدا مقارنة بأهميته. ٭ أنت أوّل من ترجم يوسا ترجمة قانونية بالحصول على حقوق التأليف وشرائها، كيف تلقيت استقبال الوسط الثقافي التونسي لكتابك المترجم إلى العربية؟ لقد فتحت هذه الترجمة عيني على أمور كثيرة، أهمّها أن المثقف التونسي مازال يتردّد في اقتناء الترجمات المنشورة في تونس رغم أن المترجمين التونسيين مشهود لهم بالكفاءة والدقة، فهناك من يفضّل الترجمات التي تأتي من المشرق العربي، ولعلّ هؤلاء لا يعلمون أن أغلب دور النشر العربية تنشر ترجمات مقرصنة دون الحصول على إذن الكاتب أو الناشر الأصلي، في حين أننا في تونس نحترم حقوق المؤلف الأجنبي ونعمل بشكل قانوني. وبخصوص استقبال الوسط الثقافي التونسي لترجمة كتاب يوسا، صحيح أنه كان هناك بعض المتابعات والمقالات إلا أنني بصراحة كنت أتمنّى أن يكون هناك اهتمام أكبر بهذا الروائي الكبير الذي يعتبر من أهم الكتاب الأحياء في العالم. ٭ هل تعتقد أن الوسط الأدبي في تونس يعجّ بالظواهر المرضية؟ هذا سؤال صعب. فأنا أخشى إن قلت العكس أن اتّهم بالمغالطة. والأكيد هو أن هناك ظواهر غير صحيّة في الوسط الأدبي التونسي، وهي ظواهر تسيء إلى الثقافة التونسية بشكل عام. هناك أيضا غياب شبه تام للتضامن والتآزر بين الكتاب، مما يعني أن المشكلة الحقيقية تأتي من الأدباء أنفسهم وليس من وزارة الثقافة أو المؤسسات الرسمية التي لا ننكر أنها تبذل مجهودات كبيرة. أنا لا أحبّ التشاؤم في العادة ولكن كل انسان نزيه يجد نفسه مجبرا على الاعتراف بأن وضعية الأدب التونسي مقلقة جدا والذنب الأساسي في ذلك هو ذنب أهل الأدب الذين يشتّتون جهودهم في قضايا ومعارك تافهة لا تمتّ للأدب بصلة. وفي هذا السياق اتفق مع الكاتب الكولمبي الشهير غابرييل غارسيا ماركيز تماما عندما قال: «الالتزام الحقيقي للكاتب هو أن يكتب جيدا».