مؤشرات عديدة ومتتالية تثبت أن منظومة التربية والتعليم في طريقها الى مسار تصحيحي جديد يقيم «الواقع» ويقوم كل المظاهر السلبية به ويفتح الطريق لنجاعة أفضل بعد تجربة السنوات الأخيرة. وزارة التربية أقرت العودة الى مبدإ «الارتقاء بالاستحقاق» لتلاميذ السنتين الأولى والثانية من التعليم الابتدائي، وهي خطوة أولى في طريق التخلي عن فلسفة «الارتقاء الآلي» والتي يبدو انها أحد أسباب تراجع المستوى التعليمي. الارتقاء بالاستحقاق يعني عودة «دفاتر الأعداد» الى شكلها المعتاد من حيث المعدلات والرتب وهو ما سيضمن استعادة أجواء التنافس بين التلاميذ لنيل المراتب الأولى في مختلف الأقسام والمستويات وعلى مراحل تدريجية لاحقة. مبدأ المراجعة والتقييم لمختلف أشكال وآليات تحديد حجم المعارف والعلوم والتمكن منها لدى التلميذ مبدأ هام جدا لأنه يتفاعل مع حقائق الواقع ويفتح الباب لاقرار الاصلاحات اللازمة كلما كان ذلك الأمر مطلوبا. جدوى وفاعلية الى ذلك كانت وزارة التربية قررت في وقت سابق الغاء مناظرة «الكاتريام» بعد أن ثبت انها لم تحقق الأهداف المرجوة منها بحكم حداثة سن التلاميذ المستهدفين وعدم جدوى ذلك الاختبار في مثل تلك السن. ومع التوجهات الاصلاحية الجديدة يعاد وككل مرة طرح مسألة المناظرات الوطنية والتي خبا بريقها لفترة طويلة واستحالت الى عتبات اختيارية لقلة من المتفوقين ونجباء التلاميذ الراغبين في الالتحاق بالمعاهد أو الاعدادية النموذجية وفي هذا الاطار تطارحت عدة مقاربات جدوى اقرار اختيارية مناظرتي «السيزيام» و«النوفيام» بمعنى أن التلميذ يبقى لأكثر من 13 سنة حتى يجتاز اختبارا تقييميا وطنيا اجباريا والمتمثلة في مناظرة ختم المرحلة الثانوية (أي الباكالوريا). رؤية وآفاق ومن الواضح أن التوجه نحو وضع رؤية ومقاربة شاملة لهذه المناظرات الوطنية أصبح اليوم أكثر من مطلوب لاقرار عودة ممكنة لمناظرة وطنية موحدة وشاملة لكل تلاميذ السنة السادسة من التعليم الابتدائي على النحو الذي كانت عليه سابقا مناظرة «السيزيام»، مناظرة توفر قدرا هاما من التقييم لقدرات وامكانيات التلاميذ وتوضح بشكل جيد أمامهم وأمام أوليائهم مسالكهم الدراسية اللاحقة سواء في التعليم العام النموذجي أو العادي أو التعليم التقني والمهني. وكانت آراء عديدة منها ما تم تداولها في رحاب مجلسي النواب والمستشارين وعديد الفضاءات الحوارية الأخرى قد عبرت عما يشبه «الحنين» لعودة مناظرة السيزيام الى بريقها المعتاد ووهجها المألوف. وربما بالاستماع الى آراء مختلف الأطراف والاستناد الى آراء ومقاربات الخبراء والمختصين ستتوفر لهياكل وزارة التربية الأرضية المثلى لاتخاذ القرارات الملائمة في هذا الصدد بالجرأة والصراحة المطلوبتين.