الكثير من الشباب المغاربي الممثل لتونس والجزائر والمغرب في هولندا يعيشون أزمة حادة وكبيرة، ومصابون بمرض انفصام الشخصية بل إن نسبة هؤلاء المرضى تفوق بحوالي خمس مرات نسبة المرضى من أصل هولندي... وبالرغم من أن مرض انفصام الشخصية في صفوف الشباب الذين يعيشون ببلدانهم الأصلية في المغرب العربي ليس بهذه الحدة فإنه في صفوف المقيمين في هولندا وبالأحرى المولودون هناك أصبح ظاهرة... في دراسة أعدتها الأخصائية النفسية «ايندرا بوديارت» نشرت هذه الأيام عبر المركز الصحي «ميكادو» جاء أنه بالرغم من أن مرض انفصام الشخصية ناتج عن الجينات إلا أنه غالبا ما يصاب به المرء نتيجة ظروف اجتماعية وهو الحال في الغالب لدى الجيلين الثاني والثالث من أبناء شمال إفريقيا الذين يشعرون بعدم الانتماء ويعيشون أزمة هوية حقيقية وعميقة مقارنة ببعض الجنسيات الأخرى. تقول الدكتورة «ايندرا» : كثير من المغاربة «المجرمين» مصابون بمرض انفصام الشخصية، لديهم مشاكل سلوكية وغالبا ما يلجؤون لاستخدام العنف للتعبير عن شعورهم بالإحباط، وهذا بالفعل ما ينطبق على أحد الشبان المغاربة الذي قتلته شرطية دفاعا عن النفس والذي اتضح فيما بعد أنه كان يعالج من مرض انفصام الشخصية. وتضيف الدكتورة «بوديارت» من مركز «ميكادو» الصحفي : ينتمي هؤلاء المراهقون إلى طبقة اجتماعية دنيا... يتعرضون للتمييز ويتلقون تربية صارمة وأحيانا لا يشعرون بأي ارتباط مع آبائهم ولهذا السبب يسخطون على المجتمع... ويفقدون السيطرة على أنفسهم ويقعون في شرك أصدقاء السوء من الشباب الهولندي. وتظهر أعراض مرض انفصام الشخصية في الغالب عند نهاية مرحلة المراهقة كما هو الحال لدى شباب حي «سلوترقارت» وهي مجموعة لا يتعدى عددها الخمسين مراهقا يخربون في الحي ويحرقون ويدمرون ليس حزنا عمن مات ولكن تعبيرا عن شعورهم بالإحباط كما يقول عنهم رئيس بلدية «سلوتر قارت» أحمد بركوش وهو من أصل جزائري. انها مجموعة تستغل أية مناسبة لتفرغ إحباطها وتعبر عن نفسها باستعمال العنف ليس بدافع الحزن والأسى وإنما بدافع السلوك الثابت فيهم وهذا السلوك تشخصه الدكتورة «إيندرا» بانفصام في الشخصية ولكن المسؤول البلدي يقول عن هذه المجموعة من المراهقين «إنهم أنذال... حثالى... ومجرمون». ممنوع الكلام وتقول ايندرا بوديارت إن الأولياء غالبا ما لا يتعرفون على أعراض انفصام الشخصية، لدى أبنائهم بالإضافة إلى ذلك فإن المهاجرين يعتبرون الحديث عن المشاكل النفسية نوعا من الممنوعات، ومن يعاني منها فهو أحمق والكثير من الآباء لا يعرفون ما يشغل أبناءهم فهؤلاء يكبرون في وسط تكون فيه إرادة الأب قانونا، في حين يتعلمون خارج البيت وفي المدرسة أنه بوسعهم طرح أي شيء والتحدث فيه وهذا يسبب لهم نوعا من التضارب.... وقد خرجت الأمهات بشكل جماعي مرارا عديدة إلى شوارع «سلوترقارت» في تظاهرة احتفالية ليؤكدن أن حيهم ليس بضاحية في باريس أو مرسيليا حيث الإجرام والدعارة وأشياء أخرى، ولكنها مجموعة صغيرة أضلت الطريق، يطلبن لهم الهداية، فهن بهذه الطريقة على حد وصف الدكتورة ايندرا بوديارت يرغبن في إعادة الاعتبار للحي وتحسين سمعته، إلا أن الاباء ليسوا وحدهم من يتحمل المسؤولية فللتضحيات النفسية أيضا أخطاء... كما في حال أحد الشبان من أصل تونسي يدعى بلال حيث حملت عائلته المسؤولية فيما أوقع هذا الشاب وبما حدث له في المصحة، وتضيف الدكتورة غالبا ما يتم تشخيص الحالة خطأ ويزج بالشاب المجرم في المصحات وبالمرضى النفسانيين في السجون... والصورة السائدة عن شباب المغرب العربي هي أنهم مجرمون أكثر من كونهم مرضى، لأنها الصورة التي يثبتونها أنفسهم على أنفسهم... وغالبا وفق الدكتورة ايندرا... ان لم يكن دائما ما ينطبق الأمر على الفتيان وليس الفتيات اللواتي اخترن منهجا آخر في حياتهن وهو ارتداء النقاب والتدين... وتساءلت الاخصائية النفسية وبحيرة كبيرة لماذا الشباب المغاربة هم المعنيون بالذات رغم أن هولندا تضم خليطا من جنسيات مختلفة وقالت ايندرا يكون نتاج ذلك الإهمال الأسري فهذه حقيقة ثابتة، ليست هناك إحاطة بالمرة للأبناء...