تزامنا مع عرس السينما في تونس هذه الأيام ومع دورة جديدة لأيام قرطاج السينمائية استبشر كل المولعين بالفنّ السابع بهذا الحدث الذي يعود ككل عام بأجمل الأفلام ويخلق حراكا ثقافيا فتنشط العدسات ويسيل حبر الأقلام تهليلا وتطبيلا لهذا العرس الذي يعاد ولكن بأيّ جديد وبأيّ فائدة للمتابع و«المستهلك» الذي من أجله تصرف المليارات وتجهّز القاعات أو ما تبقّى منها في العاصمة وداخل المدن الكبرى التي اكتفت بالفرجة من بعيد وانتظار ما تجود به أيام قرطاج السينمائية عليها. فهل في زمن قرصنة الأفلام والأقراص المدمجة ثمّة من تستهويه وتستدرجه بعض قاعات السينما بشكلها الحالي الذي لم يعد يستجيب لتطلعات مرتاديه خاصة مع تحول بعض قاعات عرض الأفلام في الدول المتقدمة سينمائيا إلى ما يشبه المركبات الثقافية ذات الإبهار الجذّاب والمظهر الخلاّب إلى جانب عرض آخر الأفلام وأي أفلام؟ المولعون بالفنّ السابع في «تونس الداخل» يتابعون هذا الحدث عن بعد وهم متأكدون أن الأيام هذه ستمر كعادتها وتعود قاعات العرض إلى طاحونة الشيء المعتاد وسيعمّ «الصمت القصور» عفوا «القاعات» وستهدأ هذه العاصفة الإعلامية حول السينما التونسية بعد توزيع الجوائز واشتعال الحروب بين الفائز وغير الفائز والخوف كل الخوف أن تظلّ كلّ مشاكل السينما بلا حلول وبلا طرح ساخن مثلما يحدث هذه الأيام و الذي قد يكون مجرد «سينما» أو مجرّد زوبعة في فنجان لأجل أن ينفض الغبار على سينيمائيين لفهم النسيان وهم يعيشون على أفلام زمان تلك التي طاردتنا فوق السطوح وبين جدران المنازل القديمة وداخل الحمام ووسط أفنية البيوت القديمة. وفي نفس اليوم الذي احتفت فيه العاصمة بعرس السينما تجولت بخيالي في شارع بورقيبة لأرى تلك الوجوه السعيدة المحتفية بهذا العرس متجولة بين القاعات التي احتفت أيما احتفاء بالعارضين والمتلقين وقد عجّت المقاهي بالضيوف والمضيِفين (بكسر الياء) وبلادنا كعادتها معروفة بسخائها وبتبجيلها للمبدعين في شتّى المجالات ولكن هذا السخاء لم تعترف به وخلال عرس السينما قنواتنا التلفزية فعرضت علينا يوم الافتتاح فلمين تونسيين على 21 وتونس7 شاهدناهما مرارا و تكرار حتى ألفنا تفاصيل الأحداث التي كعادتها كانت تدور داخل نفس الفضاءات ولنفس الوجوه فما ضر لو عرضت تلفزتنا لمتابعيها في تونس «الداخل» أفلاما جديدة لم نشاهدها من قبل حتى نشعر أننا فعلا نعيش أيام قرطاج السينمائية في دورتها 23 وليس في دورتها 10 أو 12 أو الرابعة ولمَ لمْ تبرمج التلفزة سهرة سينمائية حية تطرح خلاله أبرز شواغل السينما بحضور بعض ضيوف تونس وما ضر لو أتحفتنا قنواتنا بأفلام تونسية وغير تونسية متوجة سابقا وهل صعب على قناة 21 الفضائية أن تتخصص كليا ووقتيا لهذا الحدث ليرى العالم بالصوت والصورة أيام قرطاج المسرحية ونعرّفه بحسن التنظيم لدينا ونعرض له لقطات من الأفلام المشاركة ونعرفه ببعض الوجوه الحاضرة لينطلق عام السينما فعليا من هذا الحدث الهام حتّى لا يمرّ من ديارنا مرور الكرام.