جدال لا ينتهي وآراء في كل اتجاه، غاب الحسم وتاهت الحقائق واكتشف الجميع أن المصالح هي التي تحرك كل الأطراف بما في ذلك الذين ليس لهم في الأمر ناقة ولا جمل.. هكذا الحال في «قضية» حقوق البث التلفزي للمقابلات الرياضية التي ظفرت بها مؤسسة التلفزة التونسية بمفردها (الرابطة الأولى وكأس تونس والرابطة الثانية والمنتخب وأصناف الشبان)!!! بأكثر من 7 مليارات وذلك في الوقت الذي وقفت فيه قناتا «حنبعل» و«نسمة» في صف المتفرجين والمنتظرين. الجديد في هذا الأمر اقدام قناة «حنبعل» في بحر هذا الأسبوع وتحديدا يوم 26 أكتوبر الماضي على تقديم عرض مالي قدره 600 ألف دينار لفائدة مؤسسة التلفزة التونسية مقابل تمكينها من حق الدخول والتغطية التلفزية (لقطات من المقابلات مع إجراء الحوارات والروبورتاجات قبل المقابلات وبعدها). ومازالت قناة «حنبعل» تنتظر موقف مؤسسة التلفزة التونسية وموافقتها على هذا الأمر. «الشروق» رصدت مختلف المواقف فخرجنا بالتحقيق التالي: هل ترضخ التلفزة أمام الأمر الواقع؟ خزينة مؤسسة التلفزة التونسية تكبدت الكثير من المال (أكثر من 7 مليارات) من أجل تقديم المباريات الرياضية لذلك كان من الطبيعي أن تمارس نوعا من «الاحتكار» خاصة وأنها عانت الأمرين خلال الموسم الماضي بسبب عدم حصولها على حقوق بث الرابطة الثانية وكذلك كأس تونس ولكن في المقابل اصطدمت مؤسسة التلفزة بعدّة معطيات واقعية قد تجبرها على التفريط في جزء من هذه الحقوق لفائدة احدى القنوات الخاصة («حنبعل» أو «نسمة») أو لكليهما والمعطيات هي التالية: التلفزة التونسية اصطدمت بضيق الحيّز الزمني المخصص للمقابلات الرياضية على شبكة هذه القناة. محدودية الامكانات التقنية إذ لا يمكنها بأي حال من الأحوال التوفيق في تصوير هذا الكم الهائل من المقابلات. الأصوات المتعالية في الآونة الأخيرة من قبل جميع الأطراف صلب الرابطة المحترفة الثانية بحجّة «تهميشها» وهي التي تعودت خلال الموسم الماضي على التمتع بتغطية اعلامية محترمة. اعتبارات مادية، إذ أن الاقدام على بيع جزء من حقوق البث التلفزي وإن اقتصر على التفريط في حق الدخول والتواجد سيمكن التلفزة التونسية من استعادة جزء مهم من المصاريف التي تكبدتها. كما أن هذه الخطوة ستجعل الأندية التونسية تتحصل على فوائد مالية محترمة. هل أذنب المكتب الجامعي؟ يبدو أن ما وصلت إليه قضية حقوق البث التلفزي تتحمل مسؤوليتها العديد من الأطراف وكان من الطبيعي أن يكون المكتب الجامعي أحد هذه الأطراف بما أنه يمثل الجهة التي فرّطت في حقوق البث التلفزي. فالمكتب الجامعي الجديد أقدم على تغيير كراس الشروط الخاص بهذه الحقوق، ولعل المأزق الذي تسبب في هذا التغيير يكمن أساسا في التعامل مع طرف واحد أن بيع حقوق البث التلفزي لجهة واحدة على عكس ما ينص عليه كراس الشروط في السابق (لا يمكن لأي مؤسسة تلفزية اقتناء أكثر من جزءين كأن تشتري مؤسسة التلفزة التونسية حقوق بث مقابلات الرابطة الأولى والمنتخب مقابل شراء قناة حنبعل أو قناة أخرى لحقوق البث الخاصة بمقابلات الرابطة الثانية والكأس أو العكس). وبذلك نلاحظ أن المكتب الجامعي ساهم بدوره في الورطة التي تعيش تلفزاتنا على وقعها حاليا والملاحظ أن المكتب الجامعي فكر في استخلاص المال وفي اعتقاده الراسخ بأن التعامل مع طرف واحد أفضل من التعامل مع عدّة أطراف؟!! وهنالك ورطة أخرى وضع المكتب الجامعي نفسه فيها وتتمثل في صبغة العقد المبرم بين الجامعة ومؤسسة التلفزة. فهو يمتد الى حدود 3 سنوات أي الى غاية (2013) في الوقت الذي تنتهي فيه أعمال هذا المكتب في عام 2014 وهو ما يعني آليا أنه سيضطر الى توقيع عقد ثان عام 2013 وبالتالي سيتحمل المكتب الجامعي الموالي التزامات المكتب الحالي؟!! ماهو موقف العربي نصرة؟ رصدنا أيضا موقف قناة «حنبعل» ممثلة في باعثها السيد العربي نصرة، فأمدنا السيد محمد الحبيب نصرة محامي القناة بأبرز النقاط التي يتضمنها موقف باعث القناة التي ترى في نفسها مؤهلة شأنها شأن قناة «نسمة» للدخول الى الملاعب وتصوير مقتطفات وإجراء حوارات قبل المباريات وبعدها مع العلم أن هذا الحق كان يندرج ضمن الحقوق ثابتة السعر (غير قابلة للمزايدة المالية) وقد اقتنته قناة حنبعل في السابق بحوالي 300 ألف دينار للموسم الرياضي الواحد وللمصور أن يختار ما يبثه لمدة زمنية معقولة.. وقد أبدت قناة حنبعل عدّة احترازات على كراس الشروط الجديد بما أنه لا يضمن عدم احتكار الصورة من طرف واحد ولم يقع التنصيص على فوز طرف واحد بحقوق البث التلفزي على عكس ما كان متعاملا به في كراس الشروط السابق (وضع مباريات المنتخب والرابطة الأولى والكأس والرابطة الثانية في لزمة واحدة). وظهر هذا الكراس متناقضا بما أن المشتري اعتقد أنه بالاضافة الى بث المقابلات بامكانه الاستحواذ أيضا على حق الدخول والتواجد وهو ما آثار دهشة واستغراب الساهرين على قناة «حنبعل». كما أن الجامعة التونسية لكرة القدم لم تحدّد شروطا معينة بالنسبة الى التلفزة التونسية في ما يتعلق بما يمكن بيعه للقنوات الأخرى سواء على مستوى المحتوى أو العنوان والثمن وهي ثغرة أخرى. ومع ذلك فقد اقترحت القناة تمكين التلفزة من 500 ألف دينار للتمتع بحق الدخول والتواجد (باعتبار أن اقتناء التلفزة لمباريات الرابطة والمنتخب في حدود 5 مليارات أي 10٪ من أصل الحق الأصلي وهو المتعامل به في البلدان الأخرى). خاصة أن القناة حريصة على إزالة «التهميش» عن الرابطة الثانية ولأن القناة على علم بأن التلفزة التونسية ستعجز عن بث فعالياتها بسبب كثرة المادة الرياضية قبل أن تقوم قناة حنبعل بالترفيع في العرض الى حدود 530 ألف دينار. في المقابل حددت التلفزة التونسية حق الدخول والتواجد ب3 دقائق مقابل 1 مليون دينار (والأمر ينسحب هنا على قناة «نسمة» أيضا) ولكن القناة استغربت أحد مقترحات التلفزة التونسية بأن تتولى هي تصوير المقابلات وارسالها على المباشر الى قناة حنبعل!! وخلاصة القول، فإن حنبعل تعتبر حق الدخول والتواجد حقا مكتسبا. الهادي لحوار (عضو جامعي): نعم خيرنا التعامل مع طرف واحد تحدثنا الى السيد الهادي لحوار العضو الجامعي المكلف بالاستشهار. فأكد ما يلي: «الجامعة التونسية لكرة القدم ليس لديها أي اشكال مع جميع التلفزات المحلية دون استثناء وكل ما في الأمر أن كراس الشروط القديم أدى الى العديد من الاشكاليات في السابق. وارتأى المكتب الجامعي الجديد ايجاد أفضل الآليات لاستخلاص معاليم حقوق البث التلفزي لذلك كان من الطبيعي أن يكون التعامل مع طرف واحد أفضل من التعامل مع عدّة أطراف..». مسؤول بارز في مؤسسة التلفزة التونسية: من مصلحة التلفزة التونسية بيع جزء من حقوق البث اتصلنا كذلك بمسؤول بارز جدّا صلب مؤسسة التلفزة التونسية رفض الكشف عن اسمه، فأكد أنه من مصلحة التلفزة التونسية التفريط في جانب من حقوق البث التلفزي لاحدى القنوات الأخرى وقال «إن التلفزة تلقت فعلا عرضا من قناة حنبعل ومؤسسة التلفزة مازالت بصدد دراسته قبل الموافقة عليه، ولكن لا نعلم الوقت التي تتطلبه دراسة هذا العرض». محمد الحبيب نصرة (محامي قناة حنبعل): ينبغي على المكتب الجامعي تدارك الأمر أما بالنسبة الى السيد محمد الحبيب نصرة محامي قناة حنبعل، فإنه أكد ما يلي: «أظن أن الفرصة مازالت سانحة أمام المكتب الجامعي لتدارك الأمر وبيع حق الدخول والتواجد بما أنه مازال على ذمّة المكتب الجامعي وذلك دون المساس من الحقوق التي بحوزة مؤسسة التلفزة التونسية خاصة وأننا سنقوم ببث عملنا الصحفي 24 أو 48 ساعة بعد أن تبث مؤسسة التلفزة التونسية عملها الخاص مع التذكير بأن انجاز الروبورتاجات والحوارات هو جزء مستقل تماما عن نقل مقابلات كرة القدم ومن غير المعقول أن نتفاوض بشأنه مع المنافس المباشر ولكن الأمر يحتم التفاوض مع صاحب الحق الأصلي (الجامعة التونسية لكرة القدم).