ختمت الدورة السابعة ل«أيام حضرموت لفن الممثل» بسوسة تميّزها بتكريمها مسرحية «حقائب» إنتاج المسرح الوطني، نصّ الأستاذ يوسف البحري وإخراج جعفر القاسمي وذلك نذير تتويجها مؤخرا بمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، كما خصّصت هذه التظاهرة أيضا فقرة تكريمية للأستاذ يوسف البحري. الى جانب التميز الذي عرفه أداء مختلف الممثلين وبالأخص سماح الدشراوي ونبيلة قويدر وسماح التوكابري واللاتي أكدن جدارتهن بتتويجهن كأفضل ممثلات بمهرجان القاهرة، فإن المسرحية عرفت منذ عرض القاهرة انضمام المسرحي الصادق حلواس نظرا لالتزامات مهنية حكمت على معوضه محمد ساسي الغربالي بسبب مشاركته في فيلم أجنبي ولم يكن هذا الحضور لمجرد سدّ فراغ بل عكس من جهة تميّز هذا الاختيار لأن عملية تعويض ممثل في وقت قياسي ليست بالأمر الهين تتطلب قدرات خاصة من الممثل والمخرج ومن جهة أخرى دعّم هذا التعويض مدى إبداع الصادق حلواس الذي أعطى إضافة واضحة للعرض ككل بفضل حضوره الركحي وبراعته في فن الممثل فلم يشأ أن يكون نسخة من معوّضه بقدر ما حرص على توظيف خصوصياته الفنية فاستحق التميّز عن جدارة. تتويج ليس ككلّ التتويجات حرص جعفر بعد التكريم على تثمين تتويج القاهرة متوجها الى الجمهور الحاضر والذي غصّت به قاعة المركز الثقافي بسوسة قائلا: «ليس من اليسير التتويج في مهرجان مهم مثل مهرجان القاهرة الدولي بحضور لجنة تحكيم أجنبية وبحضور 31 دولة وسط 34 عرضا وقد ترشحنا لأربع جوائز من بين ست وفزنا بأربع منها قبل عروض أوروبا الشرقية التي تعتبر مثل البرازيل في الكرة، وما جعلنا نتوج هو المحبة والايمان فدائما نتهم هذا الجيل بالتفاهة وعدم العمق فأكدنا العكس تماما». اعترافات جعفر! من خلال فقرة النقاش التي خصّصت للتحاور بين الجمهور وجعفر لم ينسج هذا الأخير على منوال البعض ممن يصيبهم داء الغرور بسبب أو بدونه يجعلهم يترفعون عن حضور حلقات النقاش مع الجمهور ليس لهم من مبرّر سوى عدم الثقة بالنفس، فلم يكتف جعفر بالرد على مختلف ردود الأفعال والتي كانت جدّ إيجابية أثنت على العمل المقدم واعتبرته ربط صلة وثيقة بين الجمهور والفن الرابع بعد أن تسببت بعض الأعمال المسرحية في فتور هذه العلاقة بل نقد القاسمي ذاته معتبرا أنه لم يقدم شيئا خارقا للعادة قائلا «لم نأت بشيء جديد ولكن سعينا صحبة المجموعة الى توظيف أبسط الامكانيات بالاعتماد على الثقة المتبادلة والمصداقية بين مختلف أطراف العمل»، وأقرّ جعفر في تواضع كبير برفعة مستوى بعض الممثلين المتواجدين في «حقائب» قائلا: «هناك ممثلون في حقائب من يقرّيني»، وحول نفسه صرّح جعفر للجمهور: «أنا أتأرجح بين التفاهة والعمق، في داخلي شخصان واحد تافه والآخر عميق والتافه يشكل دفعا للعميق، كنت متواطئا مع الممثلين ضد جعفر القاسمي»، كما أثنى جعفر على مختلف الأعمال المسرحية التي وجد فيها معرّجا على تجربته مع منير العرقي وعز الدين قنون مؤكدا على مكانة المسرح التونسي في البلدان العربية.