٭ بألم نور الدين صمّود (تونس في 11 11 2004) إذا كنتَ قد متَّ حقًّا ولم يقتلوكْ فذلك أمرُ الإلهْ وأمرُ الإله مُطاعْ وما الموتُ إلا حقيقية ُ هذي الحياهْ وكلُّ هروبٍ من الموت سعْيٌ مُضاعْ، ولكنْ أخاف وأجزع من أنْ يكونَ الذين حمَوْكْ وبالدّمِ والروح دهرًا فَدَوْكْ همُ القاتلوكْ ومن سَمّموكْ ومَنْ لِيَدِ الموت قد سَلّموكْ ولم يفعلوا أيَّ شيءٍ لكي يُنقذوكْ، ومِن بعد موتك قد أهملوكْ. فكيف تُرى عشتَ في الأسر هذي السنينْ ؟ وكيف تُرى كنت، رغم قيودك، كالليث يحمي العرينْ ؟ ويحميه ذاك العرينْ.. وراء المتاريسِ، رغم الكوابيسِ، رغم العناءْ ؟ وكيف صمدتَا أيا جبلا لا تهُزُّكَ، وسْط َالعواصف، هُوجُ الرياحْ ويا رجلا ظل يضحكُ رغم أَليمِ الجِراحْ لكي ما يذلل كلَّ المصاعبْ ويسخر من مبكيات المصائبْ ويا أملا بشَّر الأعيُنَ النائماتِ بنورِ الصباحْ ؟ وكيف ابتسمتَا، أيا أغربَ الشهداءْ، أمام المخاطرِ بين البنادقْ ؟ وأسلحةِ الموت خلفَ الخنادقْ ؟ ولم يتسللْ إليك مَلاكُ المَنونْ ؟ وريبُ المنونْ وكنتَ، برغم الحصارْ، تَشِعُّ وتسطعُ مثل المنارْ ؟ فهل أرسلوك إلى المنقذينْ ؟ ترى أو رموك إلى القاتلينْ ؟ وقد نصبوا المقصلهْ ومأساتنا أصبحت مهزلهْ بها حُلَّتِ المشكلهْ وتلك هي المسألهْ ٭ ٭ ٭ حُرِمْتَ من القدس حيًّا ومَيْتَا وكم قد رفعتَا بحقِّ الرجوع إلى القدس، صوتَا وكم في الطريق إليها مشيتَا وفي الدرب كم قد عثرتَا فصفق بعضٌ وصفّر بعضٌ وثبّت بعضٌ وثَبَّطَ بعضٌ وكم في خطاك اضطربتَا وكم قد زعمتَا بأنك، في كل ما قد فعلتَا، على الغاصبين انتصرتَا وأعلنتَ أنك سوف تصلِّي بمسجدها يوم نصر ٍمبينْ وأنك سوف إليها تولِّي مع المؤمنينْ بحق الرجوعْ لأرض الوطنْ مع الرافضينْ لكل خضوعْ برغم المِحَنْ مع القادمينْ مع الزاحفينْ إلى «القدس»من كل مِصر وفجٍّ عميقْ ومن كل قطر شقيقْ. وفي الأفْق كم، من علامةِ نصر رسمتَا وكم بالرجوعِ، وحق الرجوعِ، لتلك الربوعِ، هتفْتَا ولكنهم من صلاتك في القدس قد منعوكْْ ومِن أن تعود إلى أرضها حرموكْ وفي حضن أمك لم يدفنوكْ فقد قهر الشعبَ هذا الدخيلُ الغريبْ وقد ظل هذا الخضوعْ يلوح على وجه كل صديق قريبْ ورحنا نُسائل: مَن يا تُرى القاتلونْ ؟ همُ الأبعدونْ ؟ أمِ الأقربونْ ؟ أمِ الوارثونْ ؟ أمِ العملاءْ ؟ أم الدخلاءْ ؟ أم الشامتونْ؟ أم القادمونْ.. لكي ينصروكْ؟ ومَن فيهمُ انْدَسَّ كي يقتلوكْ ؟ فضاعت دماؤكَ بين الشعوبْ وخيّم طيفُ الأسَى في رُعاةِ السلامْ ودبَّ الرضا في دعاةِ الظلامْ وقلنا: مَنِ القاتلونْ ؟ وحيرنا ذا السؤالُ الغريبْ وخيَّم فوق المسامع صمتٌ رهيبْ. ٭ ٭ ٭ ستبقَى لك القدسُ أُمًّا حَنونْ بها قد وُلِدتَا وفيها نشأتَا ومن ثديها قد رضعتَا رحيق الحياة ْ وحبَّ الحياة ْ.. لأبناء هذا الوطنْ طَوالَ الزمنْ برغم المحنْ ورغم الذي نشروا من دمارْ فأنت تحب الحياة ْ وتمنح حقَّ الحياة ْ وحقَّ الوجودْ لكل الأولَى نبتوا فوق أرض الجدودْ بلادِ النبوءاتِ أتباعِ «موسَى الكليم ْ» وأنصارِ «عيسَى» الرحيم ْ وشيعةِِ «أحمدَ» ذاك النبيّ العظيم ْ فهذا الترابْ لأبناء هذا الترابْ ويلفظ ُأجداثَ مَن أقبلوا من بعيد الديارْ ويرفض ضمَّ رفات الذين أتوْا كفُلول الجرادْ لكي يزرعوا في ترابِ البلادْ.. بُذورَ الفسادْ فكلُّ غريبٍ غريبْ وأنت القريبُ القريبْ برغم إرادة «تيمورَ» قائدِ جيشِ «التتارْ» و»جنكيز» رافع جمجمة الموت رمز ِالدمارْ ومنجلِ حصد الرؤوسْ وزهق النفوسْ. وتلك الفلولْ أتت مثلما جاء جيش «المغولْ» حَداها «هولاكو» المقيتْ وفيها الهلاكُ المميتْ ومنها سَرَى الهدمُ والرعبُ في كل دارْ وصبَّ على شرف العُرْبِ نارا وعارْ * * * فكيف تأمَّرَ في القدس مَن ليس مِن أرضِها ؟ وكيف تُرَى عاثَ في عِرضِها ؟ وكيف تنمَّرَ في قدس أقداسنا مَن عهِدناهُ قطًّا جبانْ ؟ فسُحقًا لمن أطلقوا للجبان العِنانْ وتَعْسًا لمن قهرونا بهذا الزمانْ من البُعداءِ: عُداةِ العبادْ أوِ الأقرباءِ: رُعاةِ البلادْ وكلهمُ من دُعاةِ الفسادْ. ٭ ٭ ٭ سيَرفعُ أطفالُ هذي البلادِ العلمْ وتُنشرُ راياتُ هذا الوطنْ وتبقى مرفرفة ًفوق أسوارِها ومهما توالت عليها الظُّلَمْ ومهما، عن ِالحق، طال السكوتْ وعشش، في كل أركاننا، العنكبوتْ ستسطع شمس البلاد بأنوارها وسوف تبوح الحياة بأسرارِها وتََفتَح للحق درب الخلودْ وسوف تعودْ إلى القدس حيًّا فأنتَ الشهيدْ وكلُّ شهيدٍ، مدى الدهر، ليس يموتْ ٭ ٭ ٭ ولكن أجِبْني وقلْ لي تُرى مَن تكونْ ؟ فقد عشتَ عمرَكَ أنتَا ولم تكُ أنتَا وخلف حدودِ بلادِ الجدودِ وُلِدْتَا وكنت المقدّسَ طورًا وكنت المدنَّسَ حينًا وكنت، لدى الناس، رمزَ الأمانهْ وكنت لدى البعض رمزَ الخيانهْ وكنتَ، لدى الأذكياءِ، الذكيّ وكنت، لدى الأغبياءِ، الغبيّ وكنت كما شاء خِلٌّ وَدودْ وكنت كما شاء خصمٌ حَقودْ فأنت الصديق اللدودْ وأنتَ العدوُّ الودودْ وأنت الرئيس وأنت الحبيس وأنت السعيد وأنت التعيس وأنت الرخيصُ..وأنت النفيسْ وكنت الجدير بجائزة لدعاة السلامْ وأصبحتَ عندهمُ من رعاة الظلامْ فحينا رأوْك ملاكْ وحينا رأوْكَ مثال الهلاكْ وقد كنت دهرا كسدٍّ منيعْ به يحتمي ويلوذ الجميعْ وأصبحتَ في أعيُنِ الأنفس الخائفهْ تُعطِّلُ، كالصخرة الواقفهْ، مَسيلَ المياهْ فأودتْ بكَ الموجة ُالزاحفهْ وأقبلتِ الرجفة ُ الراجفهْ تُلاحقها الرادفهْ. ٭ ٭ ٭ ومنذ رحيلك ظلَّ يُلِحُّ عليَّ السؤالْ إلى أن سرى في دماغي الكَلالْ: فمَن أنتَ؟ قلْ لي تُرى مَن تكونْ ؟ فأنت الذي، منذ كنتَا، تُحَيِّرُ كل الظنونْ وكنتَ مثالَ الزعيم السياسي يرى شعبَه رازحا في دجى القهر دهرا يُقاسي وتَلقاه يضحكُ حتى أمام المآسي فمِن أي شيء، ألا أيهذا الذكيُّ، تُرى قد سخرتَا ؟ ومن أي شيء، ألا أيها الألمعيُّ تُرى قد ضحكتَا.. طَوالَ السنينْ «وكم في الحياةِ من المضحكاتِ ولكنه ضَحِكٌ كالبكا» فهل سوف نضحكُ مثلكَ ضَحْكَ انتصارْ ؟ تُرَى أم سنضحكُ ضَحْكَ انكسارْ ؟ وشرُّ البليَّةِ ما يُضحكُ