أعتقد أن الضاحية الجنوبية تأتي في مقدمة المدن التونسية التي تعشق كرة القدم بجنون لذلك نجزم بأن «الهمهاما» بعراقتها وتاريخها الطويل (أكثر من 66 عاما) ليست «صغيرة» بما قدمته من مواهب كروية فذّة على غرار كرموس وهنية والحزامي والعرفاوي والسهيلي وغيرهم وما أحرزه الفريق من ألقاب قبل حصول البلاد على استقلالها وبعده.. ففريق «بوقرنين» ليس أقل من الفرق التي تنافس علي المراتب المتقدمة وذلك بالنظر الى ما يملكه الفريق من لاعبين وهو ما أكده زملاء القائد أنيس بن شويخة طيلة الجولات السبع الماضية حيث غنم النادي 13 نقطة ولم ينهزم منذ الجولة الثانية ويخطئ من يتصور أن هذا النجاح الباهر جاء مصادفة أو بضربة حظّ أو بتوفيق لاعب معيّن مثل الغاني «كاري كاري» لأن المسألة أكبر من أن نربطها بحذاء لاعب، وإنما الفريق شهد تغييرا جذريا شملت الادارة والاطار الفني والزاد البشري والحشد الجماهيري فكان النجاح حليف «الهمهاما» الى حدود الجولة الماضية وهي التاسعة وهذا الرقم اقترن في أذهان الجماهير الخضراء والبيضاء بإقالة المدربين في مثل هذه الجولة بالتحديد خلال الموسمين الماضيين (إقالة رضا عكاشة موسم 2008/2009 وفتحي العبيدي موسم 2009/2010). «الشروق» رصدت أهم العوامل التي ساهمت في هذا النجاح الذي حققه فريق «بوڤرنين» في انتظار التأكيد طبعا خلال الجولات القادمة فكان التحقيق التالي: مدرب من نوع خاص النجاح الذي حققه نادي حمام الأنف جاء في بداية الأمر بفكر تدريبي عال للمدرب الصربي «دراغان» الذي نجح خلال فترة عمله القصيرة كيف يستفيد جيدا من امكانات لاعبيه وحسن توظيفها لفائدة الفريق وراهن «دراغان» على المواهب الشابة على غرار الغاني «كاري كاري» ولاعب المنتخب الأولمبي محمد أمين المهذبي و«المرغني» وحمدي الجبالي.. وحرّر قائد الفريق أنيس بن شويخة بعد تلك «المضايقات التكتيكية الكبيرة» التي وجدها من قبل المدرب السابق للفريق جيرار بوشي خلال الموسم الماضي وذلك لأن «دراغان» اقتنع بأن بن شويخة هو العقل المدبر للفريق انطلاقا من خط وسط الميدان وقد تميّز عمل هذا الرجل بقدر عال من الاحترافية والتزامه بالصمت والهدوء حتى وإن حاول بعض زملائه في المهنة إزعاجه من خلال تواجدهم على المدرجات أثناء المقابلات الرسمية! وفي هذا الصدد اختار المدرب «دراغان» اللاعب السابق للفريق عبد الرحمان المسكيني مساعدا له مما ساهم أيضا في الانسجام الواضح بين الرجلين خاصة وأنهما يشتركان في عدّة خصال في مقدمتها الهدوء والإتّزان. انتدابات ناجحة وتألق «كاري كارى» والزيتوني فرّط الفريق في نهاية الموسم الماضي في أبرز لاعبيه على غرار المرزوقي وصابر خليفة واللطيفي ومعتوق وسلامة.. ومع ذلك فقد نجح في التعاقد مع عدة لاعبين بارزين ساهموا في نجاح الفريق خلال الموسم الحالي وخاصة المهاجم الغاني «كاري كاري» (20 عاما) الذي كان حاسما في الخط الأمامي للفريق هذا بالاضافة الى العودة القوية لبعض لاعبي النادي على غرار أحمد حرّان وحمدي الجبالي وتفجّرت أيضا بعض المواهب الكروية الأخرى مثل شمس الدين الذوادي وماهر الحداد ووجد الفريق في شخص حارسه الأول أنيس الزيتوني صمّام أمان في جميع مقابلاته ومؤكدا أن هذا التألق ساهم فيه أيضا مدرب حراس المرمى عادل بن منصور. أهمية التربصات المغلقة والجرايات في الموعد دأب فريق «بوقرنين» خلال هذا الموسم علي إجراء تربصات مغلقة تسبق المقابلات الرسمية للفريق (سوسة، قمرت، جربة..) وهو من العوامل التي ساهمت في ضمان قدر عال من التركيز على المقابلات وذلك بغض النظر عن التكاليف المرتفعة لهذه التربصات حيث تصل كلفة التربص الواحد في بعض الأحيان حوالي 10 آلاف دينار. ومن جهة أخرى أصرّت الهيئة المديرة للفريق على الإيفاء بالتزاماتها تجاه اللاعبين من خلال توفير جميع سبل الراحة وفي مقدمتها تأمين مستحقاتهم المالية في مواعيدها المحددة. غياب الصراعات والخلافات اتسمت الأجواء الداخلية لفريق «بوڤرنين» خلال الموسم الحالي بصفائها ومتانتها ين مختلف الأطراف تقريبا على عكس الموسم الماضي على غرار الخلاف الشهير وغير العلني بين المدرب فتحي العبيدي ورئيس فرع كرة القدم السيد طلال من مصطفى آنذاك أو كذلك الخلاف الباطني الفني بين بن شويخة وجيرار بوشي وأيضا ما حدث بين الحارسين الزيتوني والجواشي. عمل هذا الرجل انطلقت تحضيرات الفريق بصفة متأخرة وكان النادي يفتقد الى معد بدني لذلك تعاقدت الهيئة المديرة مع خليل عبيد الذي قام بعمل بدني جبّار اتضحت معالمه طيلة الجولات الماضية وهو ما انعكس إيجابا على التطبيق التكتيكي لجميع الخطط التي يضعها المدرب «دراغان» علما وأن التغييرات التي أجراها النادي أثناء المقابلات كانت كلها فنية باستثناء اللاعب أحمد الحامي بما أنه كان مطالبا باستعادة لياقته بصفة تدريجية ولعل أبرز المستفيدين من العمل البدني والاختبارات التي قام بها المعد البدني نذكر ماهر الحداد والجبالي و«كاري كاري» والحامي والذوادي. ماذا قال أبناء الفريق؟ تحدثنا في بداية الأمر الى رئيس النادي عن النجاح الذي حققه فريقه الى حدّ هذه اللحظة بحكم أن إدارة «الهمهاما» أحسنت اختيار الاطار الفني وتوفير المناخ المناسب وعدم التدخل في عمله واختيار قائمة من الأسماء المتعاونة والمتجانسة في الادارة وهو ما يعني أن إدارة الفريق ليست سوى حلقة من الحلقات المساهمة في نجاح النادي. المنجي بحر (رئيس الفريق): «أعتقد أن فريقنا نجح الى حدّ اللحظة في تحقيق نتائج ايجابية في سباق البطولة ولكنني في المقابل حذّرت اللاعبين من الوقوع في فخّ الاستسهال أو الاستسلام للغرور لأن المشوار مازال طويلا أمام الفريق وقد ساهم اختيارنا للمدرب «دراغان» بشكل واضح في هذا النجاح إذ أنه لا يتمتع بالكفاءة فحسب بل لاحظنا أنه متعاون جدا ويصرّ على الأخذ بالرأي الآخر ويتسم بالهدوء أيضا لذلك نطمح الآن الى بلوغ مرتبة مشرفة وأعتقد أن الفريق مازال أمامه الكثير من العمل». نبيل طاسكو (لاعب سابق): «لاحظت تحسّنا واضحا في أداء الفريق الذي أوجد آليات اللعب الذي يرتكز بالأساس على التمرير ات القصيرة ولاحظت أيضا انسجاما كبيرا بين اللاعبين واستعاد بن شويخة أسلوبه المعتاد بعد أن كان مقيّدا جدا خلال الموسم الماضي من قبل المدرب السابق «جيرار بوشي» وتألقت عدة عناصر مثل حرّان و«كاري كاري» و«الذوادي».. وأعتقد أن الفريق لم يعد يفتقد في الوقت الراهن إلا الى مهاجم مع العلم أن الزيادي بإمكانه أيضا إفادة الفريق». يوسف المزوغي (محبّ): «أبهرني أداء الفريق خلال مقابلة الملعب التونسي ولكن مع ذلك فإن الفريق مازال في حاجة الى بعض الانتدابات وبالتحديد الى مهاجم إضافي بإمكانه مساندة «كاري كاري» وكذلك تعديل الأوتار على مستوى الرواقين الأيمن والأيسر». صعوبات وآفاق سعت هيئة الأحباء بقيادة السيد حسن الرباعي الى حشد أكبر عدد ممكن من الجماهير لمساندة فريقها حيث بلغ عدد المشتركين الى حدّ كتابة هذه الأسطر 336 مشتركا ومع ذلك فإن مداخيل الفريق مازالت متواضعة جدا فعائدات مقابلة الفريق أمام الملعب التونسي لم تتجاوز 1300 دينار كما أن الفريق حقق هذه النتائج الايجابية دون أن يلعب مقابلة على أرضية ميدانه المغلق الى أجل غير معلوم! لذلك لا يمكن لجماهير فريق «بوڤرنين» الذي لا تتجاوز ميزانيته المليار و300 ألف دينار إلا أن تفاخر بما حققه زملاء «سيسي» الى حدّ الجولة التاسعة ذهابا نقول هذا لأن المشوار مازال طويلا ومؤكدا أن ما حدث لفريقي الملعب التونسي والاتحاد المنستيري خلال المواسم الماضية مازال في البال.