اعتبر مراقبون أن إقدام كوريا الشمالية على قصف جزيرة كورية جنوبية بالمدفعية الثقيلة مؤخرا رسالة واضحة لسيول مفادها ان وريث السلطة المرتقب كيم يونغ أون لن يحيد عن سياسة والده العليل كيم يونغ إل وأسلافه . وسبق ان أشارت مصادر اخبارية إلى أن كيم يونغ إل زار المنطقة التي انطلقت منها القذائف المدفعية باتجاه جزيرة كورية جنوبية. كيم الابن الذي لا توجد عنه معلومات كثيرة ولا صور حديثة باستثناء واحدة التقطت له عام 2009 وأخرى لدى حضوره استعراضا عسكريا رفقة والده وأثناء منحه رتبة جنرال ضمن تحضيرات توريثه السلطة لن يحيد عن سياسة المؤسسة العسكرية، ولن يخرج عن خط المواجهة مع الشطر الجنوبي، وهو مرشح بقوة الى إدارة البلاد بقبضة من حديد أشد من قبضة والده الزعيم العليل كيم يونغ إل. وفي كوريا الجنوبية يتحسب الجميع لقدوم هذا «الزعيم» الشاب ولا يتوقعون منه انفتاحا على ملف الجوار المضطرب، أو القيام بخطوات للتهدئة. وتقول مصادر كورية جنوبية ان كيم الابن أشد غموضا من والده، وأن القيادة العسكرية والسياسية في كوريا الشمالية تعمدت إبقاءه في دائرة الغموض لدواع أمنية، ولإعداده لتولي السلطة. وتؤكد عيون المراقبة ان كيم يونغ أون نسخة طبق الاصل من والده من حيث الشبه في ملامح الوجه والبنية الجسمانية، وكأننا أمام استنساخ للزعامة شكلا ومضمونا. وفي انتظار انتقال السلطة الى كيم يونغ أون، تبقى العيون الكورية الجنوبية وعيون الدول المعنية بنزاع الكوريتين تراقب هذا الزعيم الشاب الذي استهل مهامه بوصفه جنرالا حديث الترقية، بزيارة المنطقة القريبة من الحدود مع الجارة الجنوبية عقب الاشتباكات المدفعية الأخيرة. تثبيت ويعتقد أن إقدام كوريا الشمالية على قصف جارتها الجنوبية رسالة من الزعيم العليل لأعضاء حزبه، مفادها تثبيت نجله وريثا للسلطة. وأيا كانت الرسائل المراد ارسالها الى الجارة الجنوبية وحلفائها الأمريكان أو الى داخل بيونغ يانغ ذاتها، فإن الوضع في شبه الجزيرة الكورية سيبقى على حاله أي إبقاء حالة التوتر على سالف عهدها. ومعلوم انه ومنذ تقسيم كوريا الى منطقتين شمالية وجنوبية وقيام حكومتين في كل منطقة منهما، واندلاع الحرب بينهما عام 1950 ثم توقيع اتفاق هدنة بينهما في 1953 تشكلت خارطة تحالفات في المنطقة حيث قامت الولاياتالمتحدة بدعم الشطر الجنوبي فيما دعمت الصين الشطر الشمالي. رئيس مجلس إدارة لي ميونغ باك الذي تولى رئاسة كوريا الجنوبية عام 2007 وعد في أول خطاب له بالحفاظ على علاقات التحالف والمصالح مع الولاياتالمتحدة وأيضا العمل على حل الازمة التاريخية مع الجارة الشمالية لكن سارت الرياح بما لا تشتهي السفن، حيث لم تشهد البلاد في عهده استقرارا مع كوريا الشمالية والهدوء في المنطقة يعدّ استثناء خاصة أن بيونغ يانغ تستخدم التصعيد ورقة للضغط على الولاياتالمتحدة في كل مرة تقوم فيه الأخيرة بحشد المجتمع الدولي للضغط على القيادة الكورية الشمالية سواء في ما تعلق بالملف النووي، او بملف حقوق الانسان. وينظر للرئيس الكوري الجنوبي على أنه منفذ للسياسات الأمريكية وأنه كما قال هو ذاته «رئيس مجلس إدارة البيت الازرق» والبيت الأزرق هو مقر الرئاسة في سيول. وطالما تعاهد البيتان الابيض والازرق على مواجهة «المارد» الشمالي لكن ومع كل تصعيد شمالي، تبقى الحرب كلامية، ولم تقدم الجنوبية ولا حليفتها أمريكا على ردّ عسكري حاسم يعيد «المارد الشمالي» الى قمقمه. ويواجه لي ميونغ باك هذه الايام ضغوطا داخلية شديدة بسبب عدم إقدام إدارته على ردّ عسكري يعيد للجنوبيين هيبتهم. ويبدو ان لي ميونغ باك لا يملك سلطة القرار ليعلن الحرب او ليرد على اي استهداف شمالي، فالقرار أمريكي بدرجة أولى ولا يملك رئيس مجلس إدارة كوريا الجنوبية سلطة قرار الحرب أو السلم. ويمكن توصيف المشهد الحالي في شبه الجزيرة الكورية بأنه مجرد جعجعة مدافع، وطحين سياسة: جعجعة المدافع التي أقضت مضاجع القيادة الكورية الجنوبية وأفزعت الحليف الغربي، بروفة لتثبيت الزعيم الجديد لكوريا الشمالية.