تحدث المخرج عمار الخليفي في «كهف» ابن رشيق مساء الخميس الماضي في اللقاء الذي نظّمه نادي محاورات عن تجربته السينمائية وعن رؤيته لواقع السينما التونسية اليوم. الخليفي سرد محطات من ولادة التجربة السينمائية في العالم وبداياتها في تونس وذكر أنه كان من مؤسسي أول جمعية سينمائية في تونس سنة 1959 ولم يبق من بقيّة الأعضاء ممّن مارس السينما سواه وذكر أنه واكب معركة بنزرت وصوّر جزءا كبيرا منها كما أنجز مجموعة من الاشرطة القصيرة والوثائقية وذلك بعد عودته من باريس. وتحدث الخليفي عن ظروف ولادة شريطه الأول «الفجر» وأيام قرطاج السينمائية وكانت هذه المحطات بعد المجلس الوزاري المنعقد في 1965 والذي أقرّ خلق صناعة سينمائية في تونس بعد أن كانت مقتصرة على «الاحداث التونسية» التي ورثناها عن فرنسا وذكر أن اختيار الطاهر شريعة لرئاسة مصلحة السينما في وزارة الثقافة كان بإقتراح من السيد عبدالحكيم عبدالجواد الذي كان رئيسا لديوان الأستاذ الشاذلي القليبي وكان ينحدر من مدينة صيّادة التي ينحدر منها الطّاهر شريعة أيضا وكان وراء تقديمه للأستاذ الشاذلي القليبي وقد كان أنذاك رئيسا للجامعة التونسية لنوادي السينما وأستاذ عربية في صفاقس. الخليفي قال إن المرحوم الطاهر شريعة مناضل حقيقي مهووس بالسينما وقد حكم عليه بالسّجن بسبعة أشهر بسبب إختياره لاسم «مهرجان» الذي كانت تحتكره شركة أمريكية وتأسّست الدورة الاولى لأيام قرطاج سنة 1966 وفيها تم تقديم شريطه «الفجر» وهو أول شريط تونسي لحما ودما ينجز بإمكاينات متواضعة وتم عرضه في 20 مارس سنة 1967 في قاعة المونديال بالعاصمة وقد حقّق إقبالا كبيرا من الجمهور المتعطّش لمشاهدة شريط سينمائي تونسي. ليست تونس الخليفي قال إن أفلامه كانت معبّرة عن تاريخ تونس وعن النضال ضدّ الإستعمار وطموح بناء الدولة مثل «الفلاّڤة» و«صراخ» و«الفجر» إلخ... وذكر أن ما يقدم في السينما التونسية في أحيان كثيرة لا يعبّر عن الواقع التونسي وإعتبر شريط «كحلوشة» و«الأوديسة» و«الدوّاحة» من بين هذه الأفلام التي تشوّه الواقع لأنها تنطلق من حالات معزولة لتعمّمها على المجتمع التونسي في حين أنّ هناك نماذج إيجابية في المجتمع التونسي تجاهلتها كاميراوات المخرجين. ففيلم «عصفور السطح» مثلا ماذا يبقى منه إذا ألغيت مشاهد الحمام وقال إنه شعر بالإستياء عندما شاهد ملصقات الدعاية في باريس تقول ما معناه «شاهدوا المسلمين عراة». الاعتزال عمار الخليفي قال في هذا اللقاء إنه اعتزل الإخراج السينمائي بسبب ما لقيه من بعض زملائه من أذى وقال إنه ممتن بالتكريم الذي لقيه من سيادة الرئيس زين العابدين بن علي الذي أنعم عليه بالتكريم وهي لفتة لن ينساها وقد كان سعيدا بالصدى الذي لقيه كتابه عن التغيير الذي قاده سيادة الرئيس زين العابدين بن علي كمشروع إصلاحي أراد أن يقدمه للشباب الذي لم يعش السنوات السابقة للتغيير. وأكد الخليفي أنه لم يحصل على الدّعم الذي يقدم الآن للأفلام التونسية وهو يعتبر أنّ فعله السينمائي فعل نضالي وليس ترفا فنيا وقد جاء الوقت ليواصل الشباب مسيرة السينما التونسية وهو سعيد بأن يكون صاحب أوّل شريط تونسي إذ يصل عدد الأفلام التونسية اليوم الى 120 شريطا تقريبا.