أكثر من اربعين سنة من التجربة في صنع منتوجات من العود الرقيق (السمار) اهلتها لتكوين اكثر من 100 حرفي وحرفية والمساهمة في تقييم اختيارات الكفاءة المهنية بالجهة... مسيرة مهنية ناجحة انطلقت فيها من مساعدة والديها في سن مبكرة قبل ان تصبح مرجعا اساسيا لحرفيي صناعة «السمار»... عن هذه التجربة تحدثنا امباركة كريم التي تجاوزت الثالثة والستين من عمرها وما زالت تتقد حيوية ونشاطا يفتقدها الكثير من ابناء العشرين. في سن الخامسة عشرة قررت امباركة كريم اصيلة مطوية قابس الانقطاع عن الدراسة والتفرغ ل»صنعة الجدود» وتطويرها تدفعها رغبة التميز لابتكار تصميمات جديدة بل وابتكار منسج حديدي عمودي الشكل سهل الاستعمال من كل راغب في تعلم الحرفة وان كان معوقا.. تحصلت سنة 1980 على الجائزة الاولى في مسابقة الصناعات التقليدية بقابس وهو ما فتح لها ابواب النجاح فكانت انطلاقتها الحقيقية سنة 1982 بعد تجربة استمرت 15 سنة عندما طلب منها بعض المسؤولين بمناسبة عيد ميلاد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة اعداد ألف محفظة تجمع بين الاصالة والتجديد و هو ما مثل لها تحديا نجحت فيه بالتعاون مع 50 عائلة من اهالي المطوية كانت تعطيهم النموذج وتمر بينهم لتصلح ما افسدته اياد غير مدربة... ومنذ ذلك التاريخ انتشرت هذه النوعية من المحافظ وتوسعت حرفة الالياف النباتية وبعثت مشروعا تشغل فيه اكثر من 10 حرفيات من قابس وتطاوين وقبلي بالاضافة الى 30 حرفية يعملن في منازلهن في اطار المناولة ان صحت العبارة. منتوجات «السمار»... في نيويورك تحصلت طوال مسيرتها المهنية على جوائز جهوية ووطنية ودولية منها ميدالية التكريم الجهوي سنة 1994 احتفالا باليوم الوطني للصناعات التقليدية وجائزة احسن حرفية مشاركة في معرض الحرفيات بالكرم سنة 2002 وجائزة جهوية للابتكار في الصناعات التقليدية ضمن فعاليات مهرجان العين بالمطوية سنة 2006 وشهائد تقديرية عن مشاركاتها في مختلف التظاهرات الوطنية والجهوية والمحلية وشاركت ابتكاراتها من السعف والسمار مؤخرا في معرض نظمته الغرفة التجارية التونسيةالامريكية بالتعاون مع مركز النهوض بالصادرات اقيم بنيويورك من 29 نوفمبر الى 3 ديسمبر الجاري وحسب آخر الاصداء فقد لقيت هذه المنتوجات التقليدية رواجا في الاسواق الخارجية. تكوين أكثر من 100 حرفي تجربة 40 سنة اهلتها لتكوين اكثر من 100 حرفي وحرفية من عائلتها والاجوار وخريجي المعهد العالي للفنون والحرف ولا زالت تكون اجيالا متعاقبة من الشبان من بينهم معوقون كما انها تساهم في تقييم اختبارات الكفاءة المهنية لحرفيي صناعة «السمار» تحت اشراف المندوبية الجهوية للصناعات التقليدية. الجودة والابتكار لضمان الترويج تتحدث امباركة كريم عن حرفتها بكثير من الدراية والخبرة باسرارها بدءا بموسم قص «السمار» الذي يتراوح بين 15 ماي وبدايات شهر اوت فقط ويتم تجميع المحاصيل في شكل «عولة» لاستعمالها طوال السنة ثم يقع «نشره» الى ان يجف تماما قبل ربطه في «حزم» يتم خزنها بطريقة لا تعرضها للرطوبة ويقوم الحرفيون بصبغ بعضها وفق طريقة معينة لا تترك اثر الصبغ في يد الحرفي او في المنتوج. ولاعطاء قيمة مضافة لمنتوجات «السمار» تدخل عليها الحرفية مواد اخرى كالنحاس والقماش والحرير والجلد فتتغير اشكالها واحجامها وجماليتها تأقلما مع متطلبات العصر والسوق وقد ساعدتها مشاركاتها المستمرة في التظاهرات الاقتصادية وخاصة المعارض في التعريف بمنتوجاتها وبيعها دون «وساطات» تستغل مجهودها وتم خلق مجمعات ترويج للوقوف في وجه «السماسرة». وبعد ان كان 80 % من المنتوج يتم ترويجه للسائح تغيرت خارطة الاستهلاك لتشمل المستهلك التونسي والاسواق الخارجية وساهمت في ذلك عوامل عديدة اهمها الابتكار والتجديد والتعريف بالمنتوج عبر المشاركة في التظاهرات الاقتصادية المحلية والجهوية والدولية وقد سبق لامباركة كريم ان شاركت في تظاهرة ترويجية للصناعات التقليدية اقيمت سنة 2002 على متن باخرة تربط بين تونس ومرسيليا. الولد سر... امه حب هذه الصنعة شربها ابناؤها وتمكن احدهم من اصحاب الشهائد العليا من الانتصاب لحسابه الخاص وتطوير مشروع امه التي اصبحت «مستشارة فنية» لكل مراحل الانتاج وتصر على متابعة نشاطها رغم تجاوزها سن الستين ضاربة مثلا رائعا في الكفاح والرغبة في النجاح رغم محدودية الامكانات... هذا الابن شارك مؤخرا في معرض بايطاليا للتعريف بحرفة فتحت مواطن شغل عديدة لابناء المطوية.