تزخر تونس بالعديد من الملاعب بمختلف أنواعها (الصلبة والمعشبة والاصطناعية) وقد ازداد عددها بشكل قياسي منذ عام 1987 ولكن بقيت هذه الملاعب تواجه إشكالا كبيرا يتمثل في غياب الصيانة حسب الطرق العلمية المتعارف عليها في البلدان المتقدمة وهو ما جعل بلادنا خلال هذا الموسم مثلا تعيش على وقع أزمة حقيقية تمثلت في غلق العديد من الملاعب. كلّ هذه المعطيات ساهمت في دفع بعض الجمعيات الرياضية وفرق رياضة وشغل وأصحاب مراكز التكوين وهواة كرة القدم بصفة عامة إلى البحث عن حلول بديلة وناجعة لممارسة رياضتهم المفضلة وإن كلفهم ذلك دفع معاليم مرتفعة جدّا لأصحاب هذه الملاعب المأجورة. «الشروق» فتحت ملف هذه الملاعب المأجورة حيث تحدثنا إلى بعض روادها واستفسرنا أصحابها ورصدنا أنواعها فكان التحقيق التالي: أرضيات مختلفة لاحظنا خلال تحقيقنا أن هذه الملاعب المأجورة تختلف أرضياتها من مكان إلى آخر فبعضها يدخل في خانة الأرضيات الاصطناعية (الجيل الثاني والثالث والرابع) وبعضها الآخر في شكل أرضيات معشبة كما لاحظنا أيضا محافظة بعض أصحاب هذه الملاعب على الأرضيات الصلبة تختلف أيضا من ملعب إلى آخر فالملاعب المعشبة مثلا تتطلب صيانة دورية على عكس الأرضيات الاصطناعية وهو ما يجعل الأرضيات المعشبة في حاجة إلى أخصائيين في العشب. من هم أصحاب هذه الملاعب؟ تعود هذه الملاعب المأجورة بالنظر إلى عدة أطراف منها إدارات المركبات الرياضية (مثل الملاعب التابعة للحي الأولمبي أو الملاعب التابعة للمركب الرياضي ببرج السدرية) وهناك الملاعب التابعة للمعهد الأعلى للرياضة بقصر السعيد (أرضية صلبة يتم إيجارها إلى الجمعيات الرياضية) وأيضا الملاعب التابعة إلى الخواص كما هو الحال لبعض قدماء اللاعبين. أسعارها هذه الملاعب لا تختلف أرضياتها فحسب وإنما تشهد أيضا تفاوتا كبيرا على مستوى الأسعار حيث يحدد أصحابها سعر الحصة التدريبية الواحدة ب70 دينارا ولكن هذا السعر قد يرتفع ليصبح في حدود 200 دينار. هذا بخصوص الملاعب التابعة إلى جهات معروفة (المركبات والمعاهد الرياضية...) أما بخصوص الملاعب التابعة لقدماء اللاعبين والرياضيين فإنهم يرفضون الكشف عن الأسعار الحقيقية التي يتم من خلالها تأجير ملاعبهم للآخرين. وهنالك صيغة أخرى للإيجار تكون بشكل شهري كما هو حال ملاعب المعهد الأعلى للرياضة بقصر السعيد (400 دينار شهريا وهو الرقم المعمول به حاليا مع إحدى الجمعيات الرياضية المختصة في تكوين الشبان بمقابل) وكذلك ملاعب المركب الرياضي ببرج السدرية مثلا (800 دينار شهريا وتبلغ تكلفة المقابلة الودية حسب ما أفادنا به مصدر موثوق به حوالي 140 دينارا). ماذا قال روّاد هذه الملاعب؟ ارتأى لطفي حسني (28 عاما) متحصل على الأستاذية في التربية البدنية أن يبعث مشروعا في شكل جمعية رياضية في تكوين الشبان بمقابل (30 دينارا شهريا بالإضافة إلى 15 دينارا سنويا كمعلوم على التأمين) لكنه وجد نفسه مضطرا إلى إبرام اتفاقية شراكة مع المعهد الأعلى للرياضة بقصر السعيد لكونه الجهة التي ستوفر له الملعب حيث سيتدرب حوالي 85 طفلا ناشطا صلب هذه الجمعية ويدفع لطفي حسني حوالي 400 دينار شهريا لإدارة المعهد. تحدثنا إلى السيد لطفي فقال: «تضم جمعيتنا أربع مجموعات من الشبان مواليد (1995 1997) و(19981999) و(200020012002) و(20032004) وقد أبرمنا اتفاقية شراكة مع إدارة المعهد الأعلى للرياضة بقصر السعيد التي وفرت لنا الملعب بمقابل وذلك بمعدل 3 حصص في الأسبوع وقد عملت إدارة المعهد على توفير جميع سبل النجاح وخاصة مدير المعهد السيد نزار السويسي وقد تمكنا في ظرف وجيز من تكوين العديد من المواهب الكروية التي انتدبتها في مرحلة لاحقة الأندية التونسية المعروفة ونذكر من بين هذه الأسماء غسّان الجلالي (الترجي الرياضي) وحمزة الجلاصي ومحمد الكوكي وماهر الورغمي وسيف العواضي وخالد فارس ومالك عبود (الملعب التونسي). تحدثنا كذلك إلى الحارس السابق نوفل اليازيدي فقال: «قمت رفقة فؤاد بسيس وبمساعدة السيد شاذلي الحمروني كذلك ببعث مركز لتكوين الشبان منذ حوالي 4 سنوات وهو ما جعلنا أمام حتمية إيجار ملعب لذلك اخترنا أحد ملاعب المركب الرياضي ببرج السدرية وذلك مقابل 70 دينارا للحصة الواحدة وحوالي 800 دينار شهريا لذلك أعتقد أن الإشكال الأكبر الذي يواجهنا في الوقت الراهن يتمثل في ارتفاع تكلفة كراء هذه الأرضيات خاصة وأنه لدينا العديد من الالتزامات الأخرى كأجور المدربين وإجراء بعض التربصات (في الحمامات والجزائر.. وغيرها). وفي السياق نفسه تحدثنا أيضا إلى السيد محمد العجنقي صاحب مركز تكوين للشبان أيضا فقال: «إننا نضطر إلى كراء بعض الملاعب الاصطناعية والمعشبة بهدف تطبيق التكوين القاعدي المدروس والعلمي والذي يتطلب أرضية جيّدة ولاحظت شخصيا أننا نواجه إشكالا واضحا على مستوى المراقبة المستمرة لتجهيزات هذه الملاعب مثل الأدواش وغيرها وهذا بالإضافة إلى وجود عدد كبير من الدخلاء على هذا الميدان حيث نفتقد في الوقت الراهن إلى تطبيق صارم لكراس الشروط». توفيق الهيشري بحوزتي أرضية من الطراز الرفيع بحوزة اللاعب الدولي السابق توفيق الهيشري ملعبا اصطناعيا يستثمره من خلال كرائه للعموم وعن هذا قال الهيشري: «الملعب الذي بحوزتي هو أرضية اصطناعية من الجيل الرابع جلب خصيصا من فرنسا وتبلغ مساحته الجملية حوالي 1800م.م وتكلفته مرتفعة جدا». وبالتوازي مع الهيشري فإن العديد من اللاعبين السابقين بحوزتهم أيضا أرضيات يحاولون استثمارها على هذا النحو وتدر عليهم هذه الأرضيات أموالا كبيرة. مواهب كروية تخرجت من الملاعب المأجورة تخرجت العديد من المواهب الكروية من هذه الملاعب الموزعة على العديد من أنحاء البلاد وفي مقدمة هذه المواهب نذكر المدافع غسان الجلالي (من مواليد 2001) والذي التحق بصفوف الترجي الرياضي وهو ينتمي إلى مركز تكوين الشبان التابع للسيد لطفي حسني ويذكر أن موهبة هذا الطفل ظهرت على أرضية صلبة (ملعب المعهد الأعلى للرياضة بقصر السعيد).