حاوره: المنصف بن عمر يعتبر الفنان عبد الحق خمير من أبرز العرائسيين في تونس، تخرّج على يديه جل المشتغلين في حقل مسرح العرائس ببلادنا، وأنجز أهم المسرحيات العرائسية في السنوات الأخيرة... عشرات السنين قضّاها عبد الحق خمير من أجل إثبات فن مسرح العرائس ضمن المشهد الفني في تونس... كم عمر تجربة عبد الحق خمير في مجال فن العرائس؟ انطلقت عام 1968، أي 42 سنة من العمل في حقل الطفولة عموما ومسرح العرائس بالخصوص. وهل كانت النتيجة على قدر العطاء؟ لا، لا أعتقد ذلك، بالنظر إلى وضعي الحالي وما جنيته، لا يمكن أن أقر بأن النتيجة كانت على قدر المجهودات والعطاء الذي قدمته لقطاع مسرح العرائس... أنت نادم على هذا الاختيار؟ لا، لست نادما، لكن يحز في نفسي أن تكون الحصيلة على هذا النحو، ولولا جائزة سيادة رئيس الجمهورية لخرجت بيد فارغة وأخرى لا شيء فيها... ما طبيعة هذه الجائزة؟ هي الجائزة الوطنية لثقافة الطفل التي منحني إياها سيادة الرئيس عام 1998. لنعود إلى البداية كيف جئت إلى قطاع مسرح الطفل ومسرح العرائس؟ كنت مولعا في طفولتي بالفنون التشكيلية والمسرح، كنت أرسم وأمثل، وكنت موهوبا إلى حد أن أقراني في المدرسة ينادوني «بيكاسو»... متى وأين كنت ترسم؟ تقريبا في كل الأوقات وخاصة في أوقات الراحة، وفي حصة الرياضيات التي كنت أكرهها، بالنسبة لي هذه الحصة كانت حصة الرسم... بعد مرحلة الثانوية؟ التحقت بمعهد الفنون الجميلة بتونس، وكما كان الحال في قربة ونابل تواصل ولعي بالفن التشكيلي والمسرح معا، وصادف أن تم بعث منظمة مسرح الأطفال والدمى المتحركة، وانضممت لها، فاكتشفت أن هذا الفن يجمع بين المسرح والفن التشكيلي... وكان يرأسها السيد البشير عطية، ثم خلفه السيد عبد القادر القليبي الذي اعتبره أبي الروحي. بعد أن تعلمت هذا الفن في المنظمة، أين مارسته؟ مارسته، داخل المنظمة، ثم بدار الثقافة ابن خلدون ودار الثقافة ابن رشيق أيام كان يديرها المرحوم خالد التلاتلي... ثم تم انتدابي للعمل كمنشط في إطار بلدية تونس أيام كان رئيسها السيد فؤاد المبزع رئيس مجلس النواب حاليا.. ألم تقم بتربصات تكوينية في هذا الميدان؟ بالعكس قمت بتربص تكويني في أعرق مدرسة لمسرح العرائس بألمانيا، ودام هذا التربص قرابة العام، وتتلمذت على يد أحد رموز فن العرائس بألمانيا أستاذي البراشت روزار، وكان ذلك عام 1973، وبعد هذا التربص عدت عام 1974 إلى دار الثقافة ابن رشيق. هل تذكر أول عمل انجزته؟ طبعا كانت مسرحية «السندباد» ثم «الحمار الصغير» فمسرحية «الكهف المسحور». أيضا كنت من مؤسسي فرقة مسرح العرائس بتونس؟ للتاريخ أقول أنني حضرت كل الاجتماعات التحضيرية الأولى، لكن في الجلسة التي سيتم فيها الاعلان عن تأسيس الفرقة تم تغييبي لأسباب أجهلها إلى اليوم... ومن كان أول مدير لها؟ المرحوم رشاد المناعي، وقد تم تأسيسها تحت إشراف السيد عبد الرؤوف الباسطي وزير الثقافة حاليا والذي كان وقتها مديرا لادارة المسرح... وماذا فعلت بعد أن تمت ازاحتك؟ أسست ورشة مسرح العرائس بالاذاعة والتلفزة عام 1978، قضيت فيها أربع سنوات، وكان معي الزميل محمد الفريقي، وقد انجزنا خلال تلك الفترة العديد من الأعمال منها مسلسل «المهرّج سلطان» ومسلسل «صغير صغرون» و«نادي العرائس» ومنوعة «كن صديقي» اخراج علي الزواري. لماذا غادرت التلفزة؟ لأسباب يطول شرحها، المهم أنني بعد أن غادرت التلفزة انضممت إلى وزارة الثقافة عام 1982 كمنشط مسرحي وعملت في الكثير من دور الثقافة بمختلف جهات الجمهورية كما أدرت دار الثقافة قلعة الأندلس. هل تذكر أول راتب تحصلت عليه؟ طبعا، أول راتب تحصلت عليه كان من بلدية تونس وكان في حدود 50 دينارا وقتها. كم حصيلة الأعمال خلال هذا المشوار؟ 15 مسرحية و10 مسلسلات ومنوعات تلفزية. أليس قليلا بالنسبة للمدة التي قضيتها إلى حد الآن؟ صحيح، هو عدد قليل جدّا، وهذا له ما يبرره. وما الذي يبرره؟ أنني أنجزت أعمالي بتمويل ذاتي، لم أتحصل على دعم من وزارة الثقافة، أعمالي التي كنت انجزها لحساب بعض المؤسسات كانت تدعم، لكن أعمالي لا، ومسرح العرائس مكلف. ما هي الأعمال التي تعتز بانجازها؟ في المقام الأول «بوسعدية» وهي أول أوبيرات عرائيسية في تونس، ثم «عرس الخنفساء» التي شاركت في السوق الافريقية للفنون بأبيدجان (ساحل العاج)، هناك أيضا مسرحية «طاحونة الرياح». هل كوّنت جيلا يأخذ عنك المشعل؟ كل العاملين اليوم في مسرح العرائس هم من تلاميذي، وإلى حد اليوم مازلت أكوّن أجيالا في مسرح العرائس، بعض أساتذة المسرح هم من تلاميذي، على غرار حفيدة الفنانة علية وأقصد رانية العنابي التي هي من تلاميذي أيضا وهي أستاذة اليوم. ما الحلم الذي يراودك؟ تأسيس مسرح خاص بالطفل في كل ولاية، لأنني أؤمن أن تكوين المجتمع المتوازن ينطلق من الطفولة. من صاحب الفضل على عبد الحق خمير؟ الأستاذ عبد القادر القليبي الذي احتضنني في المنظمة، والمرحوم خالد التلاتلي الذي وضفني في دار الثقافة ابن رشيق، والسيد فؤاد المبزّع الذي أنصفني وسوى وضعيتي الادارية في البلدية.