أثارت التصريحات التي أدلى بها السيد أحمد فريعة وزير الداخلية في ندوة صحفية عقدها أول أمس الاثنين ردود أفعال مستنكرة لما ذكره من معطيات تتجاوز دوره كممثل للأمن في الحكومة. هذه الردود صدرت عن حقوقيين ومحللين سياسيين ومراقبين قالوا ان الوزير حاول في ندوته مغالطة الرأي العام. أول تلك المغالطات ما ذكره السيد فريعة حول عدد القتلى خلال المواجهات والذين بلغ عددهم حسب قوله 78 قتيلا و94 جريحا. ويشير المحتجون على تصريحات السيد فريعة الى أن عدد الضحايا يتجاوز الرقم المذكور بكثير اذ أن عدد ضحايا حريق سجن المنستير وحده زوال السبت الماضي بعيد ساعات من هروب الرئيس بن علي بلغ 57 قتيلا بالاضافة الى سقوط ما لا يقل عن 70 قتيلا في ولاية القصرين وسقوط ضحايا بالرصاص في عدد من المناطق ومنهم الأستاذ الجامعي الشهيد حاتم قطران وطفل الاربعة عشرة سنة في صفاقس وشهداء آخرون من الشباب والكهول في مناطق الرقاب ومنزل بوزيان وتالة والمكناسي وتاجروين وبنزرت. والى جانب التخفيف من عدد القتلى قال المحتجون ان الوزير تعمد عدم الكشف عن عدد أعوان الأمن من القتلى والجرحى وأسباب وفاتهم. كما قالوا ان الوزير قدم معطيات تتجاوز الوضع الأمني نحو الحديث عن الخسائر الاقتصادية والمقدرة حسب قوله بحوالي 3 آلاف مليون دينار نتيجة توقف عجلة الاقتصاد الوطني ووقف التصدير... مشيرين الى أنه ليس من مهمته تقديم هذا المعطى الاقتصادي والذي يظل حكرا على خبراء الاقتصاد متسائلين عن مدى قدرة الحكومة على تحديد وحصر حجم الخسارة الاقتصادية للاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بالرئيس بن علي خلال ساعات قليلة؟!. وقال أحد الحقوقيين المحتجين على تصريحات السيد فريعة انه في ذات اليوم الذي أعلن فيه الوزير الأول عن تشكيل الحكومة واقرار فصل الدولة عن كل الأحزاب لضمان حياد الادارة أعلن وزير الداخلية في ندوته، ردا عن مسيرة خرجت يوم أمس للتنديد بتشريك حزب التجمع الحاكم لتونس منذ 23 سنة في الحكومة، ان «دعاة عدم تشريك التجمع الدستوري الديمقراطي في المشهد السياسي خلال الفترة المقبلة غير محقين لأن التجمع يضم مناضلين غيورين على تونس ورجالا وطنيين اسهموا في بنائها»... ما يعني دفاعه كعضو في الحكومة عن حزب سياسي وبالتالي خرق ما تم اعلانه حول فصل الدولة عن كل الأحزاب. وقال أيضا ان وزير الداخلية دعا كل من يحمل سلاحا حاليا لتسليم سلاحه الى أقرب مركز أمن أو مركز حرس أو ثكنة جيش «وعفا الله عما سلف» وبذلك يكون أصدر حكما بعدم سماع الدعوى على مجرمين وهي مسألة من صلاحيات القضاء. وأشار المحتجون الى أن عددا ممن تم ايقافهم من حاملي السلاح بعضهم كان يحمل جنسيات ايطالية وألمانية لكن السيد فريعة لم يتحدث عن ذلك بل انه اكتفى بتفسير «خطإ» في ايقاف مواطنين سويديين كانوا في رحلة صيد عبر سيارة تاكسي!! وقالوا ان الوزير ختم ندوته بمغالطة أخرى حول ما حصل يوم الجمعة الماضي من اعتداء على مظاهرة سلمية انتظمت في شارع بورقيبة أمام مبنى وزارة الداخلية تطالب برحيل بن علي... اذ قال الوزير ان قوات الأمن تدخلت لتفريق المسيرة «عند ما بدأ بعض الأشخاص في تسلق شرفة الوزارة لنزع العلم التونسي وهو أمر مرفوض لأنه رمز السيادة الوطنية» والحال أن كل من شارك في المسيرة، حسب شهود عيان، التزموا بالهدوء وكانوا يرفعون الشعارات والعلم الوطني دون رغبة في نزع العلم بل بالعكس تسلق أحد الشبان فانوس الانارة العمومية للتلويح بالعلم دون مس بالسيادة الوطنية. وتفاجأ المتظاهرون يوم الجمعة بقوات الأمن تعتدي عليهم بعد مرور جنازة قرب المسيرة حسب شهود عيان.