لطالما تداهمني موجة من الأسئلة الحارقة حول مصير الجامعة التونسية لمسرح الهواة خاصة بعد أن سحبت عدة جمعيات ثقتها بالهيئة المديرة ولاندري لماذا انصرمت هيبة الجامعة بمثل هذا الشكل الموحش. فالجامعة التونسية لمسرح الهواة التي تأسست سنة 1964 على أيادي ثلة من المسرحيين الغيورين كان في مقدمتهم المرحوم عبد العزيز العروي وقد حرصت منذ تأسيسها والى حدود منتصف الثمانينات تقريبا الى القيام بدورها في دعم مسرح الهواة وإبراز كيانه والمحافظة عليه، وتأهيله ليكون ركيزة أساسية من ركائز المسرح التونسي وحفل نصب لإكتشاف المواهب وصقلها وإعدادها لتكون زادا للمسرح في حاضره ومستقبله، لكن المؤسف هو أن هذه الفترة التي تميزت بالخصوبة والغزارة في العطاء توقفت مثلما أشرت سلفا في حدود منتصف الثمانينات بعد أن رأى بعض المسرحيين الهواة أنهم الأجدر بقيادة الجامعة وسعوا الى ذلك بطرق ملتوية ودنيئة ومع الأسف الشديد كللت مساعيهم بالنجاح، ومنذ ذلك التاريخ دخلت الجامعة التونسية لمسرح الهواة في مرحلة سنواتها العجاف إذ سرعان ما انفصمت عرى العلاقة بين الهيئة الجديدة وبين الجمعيات المسرحية وهوما أدى شيئا فشيئا الى العزلة، والى فقدان ثقة مؤازرة كل الأطراف الفاعلة على الصعيد المسرحي، وكانت النتيجة النهائية هي إفراغ الجامعة من محتواها ومن هويتها ومن دورها الحقيقي وتركها هيكلا أجوف للإطماع والمآرب المتباينة إذ أن جل الهيئات المتعاقبة لم تنجح في إعادة بريق الجامعة وإشعاعها ابتداء بهيئة محمد الغانمي مرورا بهيئة «توفيق الغربي» وصولا الى الهيئة الحالية للجامعة التي زادت تصرفات أعضاء في ضحالة هذا الهيكل وإغراقه في السلبيات، هذه الهيئة التي يترأسها الفنان المنصف السويسي الذي انقض على الجامعة التونسية لمسرح الهواة بغية تحويل وجهتها واستغلالها كمنبر لفائدته الشخصية رغم أنه لا يملك الصفة المنطقية والقانونية التي تسمح له بذلك إلا أنه نصب نفسه وصيا على الجامعة وأعطى لنفسه التفويض ليتمادى في مساعيه للهيمنة على الجامعة واتخاذ التدابير التي تمكنه من تحقيق غايته ولعله نسي أو تناسى ما كاد يفعله هذا الرجل بمسرح الهواة عندما كلفه الأستاذ البشير بن سلامة وزير الثقافة آنذاك بإعداد نص مشروع يهدف الى تنظيم القطاع المسرحي بصنفيه الهواية والاحتراف وكيف أن السيد المنصف السويسي سعى الى أن يؤدي بقطاع مسرح الهواة الى التهميش والى إفراغه من هويته ومميزاته ولولا التصدي الحازم من الجامعة التونسيةلمسرح الهواة آنذاك ومراجعة الفقرات الخاصة بقطاع مسرح الهواة والتي حالت دون الموافقة على المشروع لكان واقع هذا القطاع أسوأ مما هو عليه الآن، والغريب من هذه الناحية ، الانقضاض على الجامعة في مؤتمر استثنائي عقد بمدينة الحمامات أن بعض الجمعيات المسرحية التي سحبت الثقة من الهيئة المديرة للجامعة هي نفسها التي شاركت بدون تمعن أو حتىترو في حبك هذه المهزلة الأخيرة، فماذا جرى الآن لهؤلاء الذين دافعوا عن « هيئة السويسي» وساندوها حتى يتراجعوا اليوم عن مواقفهم ويسحبون الثقة ممن ساندوهم بالأمس ان الدعوة موجهة اليوم الى كافة المسرحيين الصادقين للالتفاف حول جامعتهم وانتشالها من حالة الفراغ والفزع التي تتخبط فيها الجامعة التونسية لمسرح الهواة منذ عقود حتى تعود الجامعة الى أيامها الزاهية.