يا أهل بلدي، لا جدال أننا ننتمي لوطن واحد، هو الذي يجمعنا، ويوفر لنا الأنس والمؤانسة، وتواصل الود والإخاء بين بعضنا بعضا، فلماذا لا نحترم نهي خالقنا رب العالمين «لا يغتب بعضكم بعضا» (الحجرات آية 12) «اجتنبوا قول الزور» (الحج آية 30) أما بلغ بعضنا التعريف الصحيح للمسلم من خاتم المرسلين «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من آمنه الناس على دمائهم وأموالهم» وأن «المؤمن يألف ويؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف وخير الناس أنفعهم للناس»؟ هذا ما كان يظنه الشهيد محمد بوعزيزي رحمه الله ولم يجده وهو محق لعله سمع هو أو غيره من أبناء المجتمع قول خاتم المرسلين «ما من امام أو وال يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخلة والمسكنة الا أغلق الله أبواب السماء دون خلته وحاجته ومسكنته» فلجأ الى خالقه الرحيم الرحمان، ومما يزيدني ألما ما فقدته تونس من شباب بما فيهم الدكتور في الاعلامية حاتم بالطاهر رحمهم الله جميعا في هذه الانتفاضة وسببها الضغط ومعلوم أن الضغط يولد الانفجار، وجميع هؤلاء يقولون للغالي والجافي اتركونا نعيش عصرنا، لنرفع من شأن وطننا، ونحقق العدل الاجتماعي، نحن لا نعبد الا الله خالقنا وتلك هي عقيدتنا «وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون» (الذاريات آية 56) لأننا فقراء، اليه كما وصفنا «يا أيها الناس أنتم الفقراء الى الله» (فاطر آية 15) وصدق أحد الشعراء السابقين في قوله صراحة وجهرا: «ما لنا نعبد العباد اذا كا ن الى الله فقرنا وغنانا» ألم يكفكم يا بني وطني، أن الذين يعيشون عصر الثورة المعلوماتية قد سبقوكم وذكروكم بقول الله «أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا» (المائدة آية 76) لأنهم فهموا جيدا قوله تعالى «ويخلق ما لا تعلمون» (النحل آية 8) فبحثوا واكتشفوا بوضوح أن «من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد» (فصلت آية 46) وصدقوا «ان وعد الله حق» (يونس آية 55) و«وعد الله لا يخلف الله وعده» (الروم آية 6) واليقين الثابت «ان الله لا يظلم مثقال ذرة وان تك حسنة يضاعفها» (النساء آية 40) أما ما يصيب البشر فقد قال الله عنه «وما أصابكم من مصيبة فيما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير» (الشورى آية 30) وما ظهور الفساد الا من خلال أعمال البشر وانحرافاتهم «ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس» (الروم آية 41) ويقينا لو كان قول الله تعالى «لا ظلم اليوم» (غافر آية 17) قد تحقق في هذه الحياة الدنيا، لعاش الناس في جنة الفردوس، وكيف يقع هذا وما زال الناس لم يفهموا رسالة السماء فهما عميقا، إن رسالة السماء تدعو الى الشورى «وأمرهم شورى بينهم» (الشورى آية 38) وتحذر من الانحراف عن الشورى، بدليل تحذير الله تعالى لخاتم رسله بقوله «فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لا نفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر» (آل عمران آية 159) ومن خلال هذه الآية أصبح من الثابت أن النظام البرلماني القائم على تقسيم السلط الى تنفيذية، وتشريعية، وقضائية، ضرورة حياتية شريطة أن تكون كل سلطة مستقلة عن الأخرى، وتتعاون على البر والتقوى، لا على الاثم والعدوان، واليوم أصبحت سلطتان أخريتان سلطة الشعب، وسلطة الاعلام، لكن اذا تحررت كل سلطة فليس معنى ذلك أنها تحررت الى أن تصبح مطلقة فتلك هي الطامة الكبرى بل حريتها تكون مقيدة بما يعود بالنفع على الجميع للحفاظ على حقوق كل فرد من أفراد المجتمع، وواجبات كل مواطن من المواطنين ازاء وطنه ومواطني وطنه، فلن يقبل أن نقول نظريا دولة قانون، و«القانون لا يحمي المغفلين» نعم كما قال «أسخيلوس» «قوانين الدولة تتغير على مر الزمان» لمصلحة الناس والمجتمع، لكن كما قال «بيتاكوس» «من يسنون القوانين ينبغي لهم التقيد بها» وحذاري كما في المثل الأمريكي أن يكون «القانون مثل نسيج العنكبوت، تقع فيه الحشرات الصغيرة وتحطمه «الطيور الكبيرة» فكما قيل «القانون حكيم، ولكن البشر ليسوا حكماء» وصدق الله العظيم في قوله «واذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل» (النساء آية 58) «ولا يجر منكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى» (المائدة آية 8) «إن الله يأمر بالعدل والإحسان» «جعلناكم أمة وسطا» (البقرة آية 143) في مختلف أوجه حياتنا «لا إفراط ولا تفريط» «لا ضرر ولا ضرار» لا ثراء فاحش لا فقر مدقع» لا اسراف ولا تقتير«لا عنف ولا تسيب» ومن مظاهر التسامح المطلوب منا ما أمرنا به خالقنا «ادفع باللتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه «ولي حميم» (فصلت آية 34) أمنيتي أن يدرك الناس بمختلف أعمارهم بعقول حصيفة وآراء مستحصفة، حقيقة «فطرة الله التي فطر الناس عليها» (الروم آية 30) لا يماني أن «الذي فطرني فإنه سيهدين» (الزخرف آية 27) وأختم بما قاله ابراهيم عليه الصلاة والسلام لقومه «أتحاجوني في الله وقد هدان ولا أخاف ما تشركون به» (الأنعام آية 80). بقلم