أعلن الرئيس المصري محمد حسني مبارك في خطاب ألقاه الليلة الماضية تفويض سلطاته الكاملة إلى نائبه عمر سليمان وفقا لما يحدّده الدستور الذي خصّه مبارك أيضا بتعديلات في خمس مواد فيما ألغى المادة 179. وفي خطابه الذي سبقته تكهنات كثيرة منذ ما بعد ظهر أمس والذي لم يحسمه حتى إعلان الجيش انحيازه إلى الشعب وإلى مطالبه أبقى مبارك المشهد ملتبسا بما أنه لم يعلن تنحّيه عن الحكم ولم يستجب إلى مطالب ملايين المتظاهرين المتجمعين في ميدان التحرير وسط القاهرة والذين واصلوا رفضهم لمبارك وخطابه وطالبوه بالرحيل فورا وهم يرفعون أحذيتهم. كما طالبوا الجيش الليلة الماضية بالتوجه إلى القصر الجمهوري وهم يهتفون بسقوط «رئيسهم» وقال مبارك في كلمته إنه يتوجه إلى هؤلاء المتظاهرين بحديث من القلب «معتزا بهم كرمز لجيل مصري جديد» مشيرا إلى أن دماء شهدائهم وجرحاهم لن تضيع هدرا وأنه سيحاسب من أجرموا في حقهم». وتابع: «لقد أصدرت تعليماتي بسرعة الانتهاء من التحقيقات في أحداث الأسبوع الماضي واتخاذ الاجراءات القانونية الرادعة». كما أشار إلى أنه قرر إدخال تعديلات على المواد (76 و77 و88 و93 و189) فضلا عن إلغاء المادة 179 من الدستور مضيفا أن هذه التعديلات تؤكد اختصاص القضاء وحده في الاشراف على الانتخابات والفصل في أية خلافات. وأوضح مبارك أن هذه التعديلات التشريعية المقترحة تتيح إلغاء قانون الطوارئ لكن «حالما تسمح الأوضاع الأمنية بذلك». كما أعلن مبارك عدم ترشيحه للانتخابات الرئاسية القادمة مشيرا إلى أنه متمسك بذلك ومتمسك بالمضي قدما لحماية الدستور حتى تسليم السلطة إلى من يختاره الشعب في انتخابات حرة ونزيهة. وأضاف: «لقد طرحت رؤية للانتقال السلمي للسلطة من خلال حوار مسؤول وبأقصى قدر من الصدق والشفافية والآن أتابع المضي في تحقيقها». معتبرا ان المصريين جميعا في خندق واحد وأن عليهم مواصلة هذا الحوار.. وبعث مبارك في خطابه هذا بأكثر من إشارة يتجاهل بها الدعوات والتوقعات بتنحيه عن الحكم سواء من خلال «تعداده» لما قال إنها «إنجازات» حققها لمصر على مدى 60 عاما أو من خلال قوله إن اللحظة الراهنة هي «مرحلة مصر» وليست مرحلة حسني مبارك. وقبيل إلقائه خطابه هذا كان مبارك قد التقى نائبه عمر سليمان ورئيس الوزراء المصري أحمد شفيق كلّ على حده في قصر الرئاسة. وكانت الأحداث في مصر تسارعت بعد ظهر أمس بشكل لافت للنظر حيث عقد المجلس الأعلى للقوات المسلحة جلسة طارئة بغياب الرئيس مبارك قبل أن يعلن مسؤول رفيع أن مبارك وافق على تسليم سلطاته إلى نائبه عمر سليمان.. لكن هذا الإعلان لم يبدّد التكهنات والغموض حول موضوع تنحي مبارك من عدمه.. وعلى وقع هذه الأحداث كان ضابطان كبيران في الجيش قد سلما أسلحتهما وانضمّا إلى المتظاهرين. وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد اكد مساء أمس أنه سيبقى في حالة انعقاد دائم لاتخاذ كل الاجراءات الضرورية لحماية البلاد. وقد انعقد المجلس تحت رئاسة وزير الدفاع المصري محمد طنطاوي وليس تحت رئاسة حسني مبارك مما يعني عمليا تسلم الجيش الحكم وتنحي مبارك عن الحكم. وفي «بيان رقم 1» أكد المجلس حرصه على سلامة الوطن والمواطنين ومكتسبات شعب مصر وممتلكاته وطموحاته. خطة أمنية وكان تقرير بثه موقع «إخوان أون لاين» التابع لجماعة الاخوان المسلمين الليلة قبل الماضية قد تحدث عن خطة أمنية لقمع المظاهرات التي سيشهدها ميدان التحرير اليوم الجمعة. وأشار التقرير الى أن الخطة ترتكز على حشد ما يقرب من 30 ألفا من أفراد القوات الخاصة بالأمن المركزي وجهاز مباحث أمن الدولة لفض المظاهرات بميدان التحرير ومنع عودة المتظاهرين إليه. وذكر مراسل الوكالة الألمانية أن تطبيق اجراءات خطر التجوّل أصبح أكثر صرامة من ذي قبل وأنّ نقاط التفتيش العسكرية زادت من تعزيزها للحواجز الأمنية. وصرحت المصادر العسكرية أنه لن يجري منع أي شخص من الدخول الى ميدان التحرير، لكن مراسل الوكالة الألمانية توقع اغلاق منافذ الدخول الى القاهرة اليوم استنادا الى ما جرى عليه العمل يومي الجمعة الماضيين. وقد أعلن ائتلاف «ثورة الغضب» أمس عن اطلاق مظاهرات اليوم الجمعة من خمسة مساجد بالقاهرة تشمل مسجد مصطفى محمود بالمهندسين والاستقامة بالجيزة وعمرو بن العاص بمصر القديمة والخازندار بشبرا والجامع الأزهر عدا الاعتصام الضخم في ميدان التحرير.. جمعة الزحف ووصف الائتلاف هذه التظاهرات التي أطلق عليها اسم «جمعة الزحف» بأنها جرس انذار أخير للنظام كي يرحل، كما لوّح الائتلاف بتصعيد المواجهة بطرق نوعية أخرى إذا لم يستجب النظام لمطالب الشعب. وعشية هذه المظاهرة الكبيرة خرج أمس آلاف المتظاهرين أمام القصر الجمهوري ب«عابدين» مطالبين بتنحي مبارك واسقاط النظام. وذكر مراسل شبكة الاعلام العربية «محيط» أنّ المتظاهرين اعتصموا أمام القصر الجمهوري وهدّدوا باقتحامه.