تشهد مدينة الرقاب في كل نهج وكل شارع أسماء كتبت بالبنط العريض وهي لم تكن سوى أسماء شهداء هذه المنطقة التي قدمت تضحيات جسيمة خلال ثورة الأحرار. هؤلاء الشهداء الذين نحتت أسماؤهم على لوحات رخامية ونصبت وسط ساحة الشهداء في قلب المدينة هذه الساحة التي كانوا يطلقون عليها اسم 7 نوفمبر، بعد أن قدموا دماءهم وأرواحهم فداء لهذا الوطن ورسموا أسماءهم بأحرف من ذهب في تاريخ تونسنا العزيزة ستتداولها الأجيال وسيظلون خالدين في ضمائر أهالي المدينة. عائلات وأهالي شهداء الرقاب أعربوا جميعهم عن تمسكهم بدماء أبنائهم الذين قتلوا بكل استهتار وبرودة دم لا توصف وعلاوة على التعويضات المالية التي تبين أنها وزعت بشكل غلبت عليه العديد من الخروقات والاخلالات الاجرائية منها والموضوعية فإنهم متمسكون وبشدة على ضرورة تتبع ومحاسبة كل من ساهم في قتل أبنائهم القائم بالفعل والآمر به شهداء الرقاب الخمسة جميعهم شباب في عمر الزهور وقتلوا بعيدا عن المواجهات والصدامات مع أعوان الأمن في نفس اليوم 9 جانفي 2011 وأول من سقط منهم هو الشهيد رؤوف كدوسي الذي يبلغ من العمر 28 سنة وهو متزوج، وله ابن في شهره الثامن من العمر أصيب برصاصة في الصدر، أكدت لنا والدته أنه لا شيء بامكانه أن يعوض لها عن روح ابنها بعده بقليل سقطت الشهيدة منال بوعلاقي برصاصة على مستوى الظهر وهي أم لصغيرين وتبلغ من العمر 28 سنة قتلت في الوقت الذي كانت تبحث فيه عن صغيريها أمام منزلها الكائن بأحد الأحياء الشعبية بمدينة الرقاب خوفا عليهم من أن يصابوا بسوء. في نفس الحي استشهد كل من معاذ خليفي ونزار سليمي اللذين سقطا برصاص القناصة أمام أعين المتساكنين ولم يكونا في مواجهة مباشرة مع أعوان الأمن وقد أفادنا السيد ابراهيم سليمي والد الشهيد نزار أن ابنه كان مستهدفا من قبل القناصة بسبب نشاطه المكثف في المسيرات والاحتجاجات كما أكد أيضا أنه يعرف الشخص الذي أشار باصبعه لمكان تواجد ابنه لحظات قبل سقوطه بالرصاص وختم معنا قائلا لا لن أسعى للتتبع والقصاص من ذلك الشخص الذي يعرفه كافة أهالي الرقاب لأترك للتاريخ معاقبته ومحاسبته. أما عن الشهيد محمد جابلي الذي تم قنصه وسط مجموعة من الأهالي بينما كانوا يسيرون وسط المدينة حاملين جثمان الشهيد رؤوف كدوسي في مشهد مؤلم ومؤثر جدا اختلطت فيه دماء الشهيد بدموع الحاضرين الذين صعقوا من هول ما تفاجؤوا به من عنف وقسوة من قبل أعوان الأمن فقد تمسكت أيضا عائلته بمتابعة قاتل ابنهم ومن أعطاه الأمر بذلك.