أخيرا، صدر بالرّائد الرسمي للجمهورية التونسية مرسوم رئيس الجمهورية المؤقت المتعلّق بالعفو التشريعي العام، وهو النصّ القانوني الذي انتظره كثيرون والذي سيؤدي الى إيقاف مفعول عدّة أحكام قضائية صادرة وعدة تتبعات جارية لدى المحاكم على اختلاف درجاتها وأصنافها، في الفترة السابقة ليوم 14 جانفي 2011. وضبط هذا المرسوم جملة الجرائم التي سيشملها العفو العام وأشار الى حق المنتفع في العودة الى عمله والانتفاع بتعويض ونص على الاجراءات المتّبعة عند حصول خلاف حول تطبيقه. المجلة الجنائية يشمل العفو العام عدّة جرائم واردة بالمجلة الجزائية أهمّها جرائم الاعتداء على أمن الدولة الداخلي (من الفصل 63 الى الفصل 80) التي تتراوح فيها العقوبات من عام سجنا الى الاعدام، والجرائم الخاصة بتشارك المفسدين (من الفصل 131 الى الفصل 135) شريطة أن تكون التتبعات ضد المعني تمّت على أساس نشاط سياسي... وتتراوح العقوبات في هذه الجرائم بين 6 و12 عاما اضافة الى ما يمكن اقراره من عقوبات تكميلية مثل منع الاقامة والمراقبة الادارية ومصادرة المكاسب والحجز الخاص والاقصاء والحرمان من مباشرة بعض الحقوق والامتيازات. ويشمل العفو أيضا جرائم الفصل 121 و121 ثانيا و121 ثالثا من المجلة الجنائية المتعلق بالدعوة الى العصيان عبر خطب أو اعلانات او مناشير او مطبوعات وبالمؤلفات والمناشير والنشرات والكتابات المحجّرة (محلية أو أجنبية). وتتراوح العقوبات في هذا المجال بين 16 يوما و12 سنة سجنا اضافة الى الخطايا المالية. كما يشمل العفو أيضا جرائم الفصل 107 من المجلة الجنائية الخاص بتعطيل العمل أو الخدمة العمومية عبر اعتصام الموظفين العموميين (إثنين أو أكثر) وتصل العقوبة الى عامين سجنا، وكذلك جرائم الفصل 136 المتعلقة بالتسبب في توقف فردي أو جماعي عن العمل (تعطيل حرية العمل) وتصل العقوبة الى 3 أعوام سجنا و720د خطية، وأيضا جرائم الفصل 137 (التعدي على حرية العمل بافساد بضائع أو مواد أو معدّات ثقيلة أو مولدة للطاقة أو آلات أو وسائل معدّة للتنوير أو للتنقل أو للتزود بالماء) وتصل العقوبة الى 5 أعوام سجنا وخطية ب 240د. إرهاب... وغسل أموال يتمتع بالعفو العام كل من حكم عليه أو كان محل تتبع قضائي لدى المحاكم قبل 14 جانفي 2011 في اطار قانون 10 ديسمبر 2003 المتعلق بدعم المجهود الدولي لمكافحة الارهاب ومنع غسل الأموال... غير أن العفو لا يشمل إلا الجانب المتعلق بمكافحة الارهاب وبالتالي فإن جرائم غسل الأموال لا تدخل تحت طائلة العفو. صحافة واتصالات يشمل العفو العام المحكومين أو الجاري تتبعهم بسبب خرق الأحكام الخاصة بالصحافة... غير أن جرائم الثلب والشتم المرتكب ضد الخواص لا يتمتع مرتكبها بالعفو، وبالنسبة الى أحكام مجلة الاتصالات فإن العفو لا يشمل الا الفصلين 84 و86 منها شريطة أن تكون التتبعات قد تمت على أساس نشاط نقابي أو سياسي... ويهم الفصل 84 اختلاس خطوط الاتصالات او استعمالها عمدا أو استعمال بيان نداء من السلسلة الدولية وقع اسناده الى محطة تابعة لشبكة اتصالات وتصل العقوبة فيه الى 5 سنوات... ويهم الفصل 86 جريمة الاساءة الى الغير أو ازعاج راحتهم عبر الشبكات العمومية للاتصالات وتصل العقوبة الى عامين سجنا. أحزاب وجمعيات وشغل يتمتع مرتكبو جرائم خرق الأحكام الخاصة بالأحزاب السياسية والجمعيات وبتمويلها، وكذلك خرق الاحكام الخاصة بالاجتماعات العامة والمواكب والاستعراضات والمظاهرات والتجمهر (قانون 1969). كما يشمل العفو أيضا جرائم منصوص عليها بمجلة الشغل مثل جرائم الفصلين 387 و388 (الاضراب أو الصد عن العمل بطريقة مخالفة للقانون) والفصل 390 من المجلة نفسها. عسكرية سيشمل العفو العام كل من حُكم عليه أو كان محلّ تتبع قضائي لدى المحاكم قبل 14 جانفي 2011 بسبب جريمة خرق أحكام الفقرتين 2 و3 من الفصل 123 من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية. فرار من السجن و«حرقان» كل من فرّ من السجن أو أخفى سجينا فارّا أو اجتاز الحدود خلسة أو من غير نقاط العبور، يتمتع بالعفو إذا كان محلّ تتبع أو محكوم عليه من أجل احدى الجرائم الاخرى المرتبطة باحدى الجرائم المذكورة سابقا. حق عام إضافة الى الجرائم المذكورة آنفا، يتمتع بالعفو العام كل الذين حوكموا من أجل جرائم حق عام أو جرائم عسكرية إذا كانت التتبعات تمت على أساس نشاط نقابي أو سياسي. تعويض وعمل نصّ مرسوم رئيس الجمهورية المؤقت على أن كل من سيشملهم العفو العام لهم الحق في العودة الى سالف عملهم وأيضا الحق في طلب تعويض مالي. وسيصدر في الفترة القادمة نص قانوني خاص يحدد اجراءات وصيغ التقدم بمطالب التعويض والنظر فيها والاستجابة لها. انتقادات لقي مرسوم العفو العام بمجرد صدوره بعض الانتقادات من حقوقيين ونشطاء سياسيين خاصة في ما يتعلق بإقصائه لمن حكم عليهم أو وقع تتبعهم قضائيا لدى المحاكم بسبب الجرائم المذكورة بعد 14 جانفي 2011 باعتبار أن «جرائمهم» ارتكبت في اطار ثورة تونس المباركة وكانت تواصلا مع أحداث ما قبل 14 جانفي التي أطاحت بنظام الرئيس المخلوع... وقالوا إنه من المفروض أن يشمل العفو هؤلاء خاصة إن النصوص القانونية التي ذكرها مرسوم العفو العام مازالت سارية المفعول الى الآن ولم يقع تنقيحها أوإلغاؤها.