تهاطل الغيث على كافة مناطق ولاية القيروان بكميات معتبرة. سيكون له أثر ايجابي على الموسم الفلاحي بالجهة خصوصا في هذه الفترة الحساسة على القطاع الفلاحي خاصة بجهة القيروان على أمل طرد شبح الجفاف. غير ان الامطار وعلى أهميتها لا تمثل لوحدها الا جزءا من الحلول امام تراكم مشاكل واشكاليات القطاع الفلاحي بالجهة، والذي مازال في حاجة الى تدخل مباشر وإصلاح هيكلي لإنجاح الموسم الفلاحي وتجاوز المسائل العالقة وتطوير أداء القطاع على مستوى الإنتاج والتشغيل والاستثمار والتصدير والأمن الغذائي. نزول الغيث النافع في مثل هذا التوقيت من شأنه ان يشجع الفلاح ويبشره بالخير. وما يحتاج اليه الفلاح في الوقت الراهن هو المتابعة الفنية من قبل الادارة والمساعدة المادية المباشرة وغير المباشرة من قروض ومنح وإعانات بالأدوية والأسمدة والتدخل لجدولة الديون ومساعدة الفلاح على فك الارتباط غير المتكافئ مع مصانع التحويل وتقليص التداين من المصانع والوسطاء الذين يستنزفون طاقة الفلاح وينتفعون بصابته. ولاية القيروان تعد أهم قطب فلاحي بالبلاد بفضل ما تتوفر عليه من مقومات طبيعية من اتساع الأراضي وتنوع المنتوج الفلاحي ووفرته. ورغم محدودية التدخل ورغم العراقيل وضيق أفق المسؤولين، فان الجهة قادرة على تقديم نتائج أفضل في صورة التدخل لإعطاء فرص إضافية للاستثمار ومساعدة صغار الفلاحين الذين تم تهميش مطالبهم وعرقلة جهودهم، ورفع القيود المكبلة للفلاح ومنها المديونية وعمليات تحويل المنتوج الى غير وجهته المطلوبة نحو الأسواق بأسعار لا تخدم الفلاح. ويؤكد احد المهندسين بمندوبية الفلاحة بالقيروان، ان القطاع الفلاحي بالجهة لا يستفيد سوى من جزء ضئيل من مقدراته وطاقاته وهو غير منسجم مع الطاقات الكامنة مبينا ان الجهة قادرة على تقديم مردودية مضاعفة خصوصا في إنتاج الحبوب وذلك بالرفع من مردودية المساحات السقوية المبرمجة (2الف هكتار) الى جانب إمكانية توسيع المناطق السقوية وتوسيع الموارد المائية. كما اضاف المهندس ان القيروان توفر أرضية جيدة للاستثمار الفلاحي ومناخا ملائما لمختلف المنتجات الفلاحية بما في ذلك المنتجات والأصناف غير التقليدية (القوارص والكروم...). رفع حواجز الاستثمار ولعل تطور القطاع الفلاحي مرتبط بالاستثمارات الخاصة التي يجب ان تسبقها تدخلات عمومية لاصلاح القطاع الذي لم تستثمر طاقته الانتاجية بالشكل المطلوب رغم بلوغها مراتب متقدمة في انتاج عدة أصناف. ووفق الأخصائيين الفلاحيين فان القطاع قادر على تجاوز ما هو كائن الى ما هو ممكن من حيث طاقة الانتاج والقدرة التشغيلية. ولعله من الضروري ان تتجه نية وأنظار وزارة الفلاحة في الوقت الراهن، الى اصلاح القطاع انطلاقا من القيروان التي تعتبر من اهم الأقطاب الفلاحية بالبلاد. وذلك من خلال مساعدة صغار الفلاحين مساعدة مادية ورفع الحواجز عن الاستثمار وتلبية طلبات القروض وحل المسائل الادارية المعقدة وتسوية المسائل العقارية التي تكبل الفلاح وتحول دون استغلال الأرض كما تعرقل المستثمرين الوافدين. كما يجب التصدي للتوسع الجاري على حساب الأراضي الفلاحية وتوسيع نطاق التعاضديات بين القطاعات الفلاحية من الانتاج النباتي الى الانتاج الحيواني الذي يرى انه لم يرق الى ما تزخر به الجهة من مقدرات بسبب تشتت الجهود وغياب الإحاطة والتأطير سواء من قبل اتحاد الفلاحة الذي سيشهد اصلاحات هيكلية قريبا او من قبل اللجان والهياكل الفنية للمندوبية. المقاسم الفنية..لمن؟ من جهة ثانية يرى احد المهندسين الشبان ضرورة اعادة النظر في المقاسم الفنية الفلاحية التي استفاد منها مئات المتقاعدين ورموز النظام البائد الذين استحوذوا على الاراضي الفلاحية الدولية وحصلوا على بعضها في شكل هبات دون استثمارها بالشكل المطلوب، داعيا الى اعادة توزيع تلك المقاسم الكبيرة والمتعددة على الفلاحين الصغار وعلى الشبان من أصحاب الشهائد العليا قصد استثمارها. كما يرى بعض الفلاحين ضرورة إعادة النظر في الشركات الفلاحية التي استأثرت بآلاف الهكتارات من المقاسم الفلاحية الدولية دون ان تقدم إضافة انتاجية معتبرة ولا طاقة تشغيلية بحجم استحواذها على الأراضي وهذا من شأنه ان يمكن من تشغيل الشبان ومضاعفة الانتاج. ولعل مباشرة وزارة الفلاحة والبيئة للقطاع الفلاحي بولاية القيروان عبر اجراءات شجاعة واصلاحات هيكلية ومراقبة مدققة وتطوير للبحوث وتدعيم للكفاءات والفنيين والتكوين من شأنها مضاعفة الطاقة الانتاجية وتأمين الاكتفاء الذاتي من الانتاج النباتي والحيواني. كما سيمكن تطوير القطاع الفلاحي من تدارك تراخي الاقتصاد الوطني الذي يعاني من الهشاشة بسبب التركيز على القطاع السياحي الموسمي وعلى قطاعات صناعية وتحويلية غير مستقرة ومرتبطة بالسوق العالمية.