بوجابر قرية تقع غرب قلعة سنان على بعد 9 كلم تقريبا وتحاذي الحدود الجزائرية كانت إلى عهد قريب وجهة محبذة للعديدين حيث كان بها عديد المنازل الجميلة معماريا والمحاطة بحدائق أجمل تحوي كل أنواع الزهور. يحيط بهذه المنازل منجم ينتج مواد أولية عدة منها الرصاص والبلور والزنك والباروق وكانت بداية استغلال هذا المنجم في فترة الاستعمار الفرنسي لكن ولئن توقف انتاجه أثناء حرب التحرير الجزائرية فإنه قد عاد إلى الانتاج وبداية التشغيل من جديد سنة 1963 وتواصل العمل به حتى بداية 2006 حيث أغلق المنجم أبوابه أمام العملة. وقد كان هذا المنجم في فترة من الفترات يشغل ما بين 350 و400 عامل حيث كان في فترة السبعينات يتم البحث عن العمال عن طريق المنادي «البرّاح» في الأسواق الأسبوعية وكان العديد من العمال والإطارات يقطنون منازل محاذية للمنجم (منطقة المغسل والورشة والمغارة) وهي ملتصقة بالحدود الجزائرية مباشرة كان المنجم يتكون من 2 أجزاء وهما النفق وهو مكان استخراج المواد الأولية ويبعد حوالي 1 كلم عن الحدود الجزائرية والمغسل الملتصق بالحدود غير أنه خلال السنوات الأخيرة توقف إنتاج هذا المنجم لأسباب عدة «الشروق» بحثت في الموضوع والتقت السيد عمارة مرزوقي الكاتب العام السابق للنقابة الأساسية لمنجم بوجابر. يقول محدثنا وان المنجم كان يشغل سنوات 2004 و2005 حوالي 100 عامل لكن العمل الفعلي بالنفق مكان اسخراج المواد الأولية توقف خلال شهر أكتوبر 2004 حيث كانت السياسات الخاطئة حاضرة مثل تزويد المنجم بالمعدات الأساسية المساعدة على الانتاج من مواد حديدية وقطع غيار وأنابيب وغيرها وبدأت عملية النهب للمنجم لفائدة مناجم أخرى منها منجم الجريصة يشتغل إلى حد الآن ومنجم فج الهدوم بالكريب أغلقت أبوابه وقد وفقت النقابة الأساسية وقتها في الوقوف أمام هذه التجاوزات واتلاف المعدات ومن ضمنها مضخة لاستخراج الماء من النفق حيث أنه وفي صورة نقلها أو عدم اشتغالها سيتم إغراق النفق وإتلاف كل ما بداخله. وقد تدخلت النقابة الأساسية بإرسال عديد المكاتيب إلى جهات عدة لكنها في كل مرة كانت لا تتلقى الرد بالسلب أو بالإيجاب. وقد تم تدارس الوضعية المزرية للمنجم في الولاية وذلك بحضور عدة أطراف منها معتمد الشؤون الاقتصادية والنقابة الأساسية والشعب المهنية والكاتب العام للجنة التنسيق وقد أفشلت هذه المحاولات بدعم كبير من الأطراف الحزبية التي كان يقودها الكاتب العام للجامعة «التجمع» بالتعاون مع الشعب المهنية والترابية التي كان يرأسها بعض عمال المنجم الذين تجاوزوا من العمر 50 سنة والذين سعوا جاهدين إلى غلق هذا المنجم حتى يتمكنوا من الحصول على منحة الطرد في حين أنهم وفي فترة قصيرة سيحصلون على أجورهم ضمن جرايات التقاعد. في حين ان مدخرات هذا المنجم من المواد الأولية تساوي 5200 ألف طن (إحصائيات ديوان المناجم) وهي مقسمة كما يلي 3 ملايين طن في النفق 2200 ألف طن محاذية للحدود الجزائرية والمغسل وإذا علمنا أن انتاج المنجم في الأعوام الأخيرة مقدر بحوالي 100 ألف طن سنويا فإن مدخرات المنجم قادرة على استيعاب العمال مدة 52 سنة مستقبلا حيث أنه بعملية حسابية بسيطة كان المنجم سيواصل العمل إلى سنة 2058 لكن وبتدخل السياسات الفاسدة وقتها تم قطع أرزاق حوالي 100 عائلة. وقد طرحت النقابة الأساسية في هذه الفترة فكرة المنجم البديل وهو منجم «الحميمة» الواقع شمال قلعة سنان والمقدرة مدخراته بحوالي مليون طن (إحصائيات ديوان المناجم) وقدر انتاجه سنة 2004 بحوالي 90 ألف طن وهو قادر على استقبال العمال حسب هذه المعطيات مدة 10 سنوات. ورغم كل هذه المعطيات تمادت الادارة في تعنتها ورفضها الحوار وإصرارها إصرارا قطعيا ومن ورائها بعض الأشخاص وخاصة رؤساء الشعب المهنية والترابية من ذلك أن الإدارة أصدرت مذكرة بتاريخ 24 أوت 2005 تطلب فيها منح مجموعة من العمال من منجم بوجابر الالتحاق فورا وفي ظرف 3 أيام للعمل بمنجم الجريصة وإلا ستعتبرهم رافضين للعمل وستلحق أسماؤهم بقائمة العمال الذين سيتم تسريحهم حسب قرار لجنة التطهير المؤرخة في 30 جوان 2005. وقد تم غلق المنجم فعليا رغم ما تحتويه من مواد أولية وانتقل قرابة 15 عاملا فقط للعمل بمنجم الجريصة حوالي 40 كلم وتم صرف منح الطرد على دفعتين كانت الثانية يوم عيد الشغل 01 ماي 2006 وأصر محدثنا على عدم الاحتفال به مستقبلا رغم صفته النقابية لأنه كان يوما أليما في حياته حيث تم فصله وأصبح عاطلا عن العمل وفقد رزقه ورزق صغاره. ومن تبعات غلق المنجم تشرد عديد العائلات حيث انعدمت موارد الرزق وتوقفت التنمية وهاجرت عديد العائلات طلبا للقوت إلى مدن مثل تونس والساحل وصفاقس وفي ذلك غياب للأمن على الحدود مع الجزائر حيث كانت هذه العائلات ممتدة بالسكن على طول الشريط الحدودي وهي حماية له في كل الظروف حيث أن بقاء المنجم في حالة اشتغال سيوفر حراسا إضافيين للحدود من ضمن المتساكنين. كذلك مع غلق المنجم انعدم النقل كليا من قلعة سنان وإليها وأصبح العديد من المحافظين على البقاء في هذه المنطقة رغم كل شيء يعانون لنقل مريض من أفراد العائلة أو حتى للتموين.. حيث أصبحت بوجابر منطقة معزولة وحتى المدرسة الابتدائية قد مسها السوء جراء غلق المنجم حيث أن عدد التلاميذ بها قد تضاءل بصفة ملحوظة. بوجابر منطقة مستهلكة فقط تمثل ورما في جسم هذا الوطن الجميل في أيام ثورته السائرة إلى الأمام وجب على الجميع استئصاله وذلك بفتح أبواب هذا المنجم من جديد واستيعاب عدد كبير من العمال ومن ضمنهم أصحاب الشهائد العليا في عديد الاختصاصات.