مازال المجتمع الدولي يغرق في جدول واسع حول مسألة فرض حظر جوي على ليبيا لحماية المدنيين من الغارات الجوية التي يقوم بها نظام العقيد معمر القذافي وأشكال تطبيقه في وقت حذر فيه العديد من الخبراء من أن وتيرة النقاشات المتسمة بالبطء الشديد قد توفر الفرصة للقذافي لحسم المعركة لصالحه واعطاء الجرأة لبقية الطغاة في العالم على استعمال القوة العسكرية في قمع الاحتجاجات الشعبية في بلدانها. وفي هذا الاطار أعلنت المانيا أمس على لسان وزير خارجيتها غيدو فسترفليه ان فرض منطقة حظر جوي «يعتبر تدخلا عسكريا لذلك فإن الحكومة الالمانية ماتزال متشككة ازاء هذا المقترح». بين العقوبات والتوضيحات وأضاف فيسترفليه قائلا «إننا مقتنعون بأنه لا ينبغي على ألمانيا ان تنزلق الى حرب بشكل دائم في شمال افريقيا» مشيرا الى أن بلاده ستسعى الى أن تشدد الاممالمتحدة عقوباتها على النظام الليبي خلال هذا الاسبوع. وأعرب الوزير عن عدم تفهمه لموقف جامعة الدول العربية، مشيرا الى انها تطالب من ناحية بفرض حظر جوي على ليبيا وترفض من ناحية أخرى تدخلا دوليا، معتبرا ان «الدول الشريكة» في المنطقة يجب ان تشارك في هذه الحملات ضد القذافي. وفي الاتجاه ذاته أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان بلاده تدعو جامعة الدول العربية الى تقديم مزيد من التوضيحات بشأن مقترحها الذي تقدمت به الى مجلس الامن حول فرض حظر الطيران على ليبيا. وقال لافروف في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الهولندي أمس في موسكو «ينبغي ان ندرك ما الذي تريده الدول العربية بالتحديد» وأضاف: ان الأمين العام للجامعة العربية أشار في تعليقه على هذه الخطة الى ان الدول العربية ترى هذه الخطوة قابلة للتنفيذ اذا كانت مشروطة «وعلى سبيل المثال تقترح الجامعة فرض حظر جوي على ليبيا مع ضمان احترام سيادة البلاد... نريد ان ندرك ما تشمله تحديدا هذه الدعوة». ومن جهته أعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أمس معارضة بلاده لأي تدخل عسكري من قبل حلف «الناتو» في ليبيا. وأضاف ان تركيا «قد توافق على اجراء من هذا النوع في حال وصلت الاوضاع هناك الى مستوى جرائم التطهير العرقي». إمهال القذافي وعلى صعيد متصل وفي الوقت الذي بدأت فيه الممثلة العليا للشؤون السياسية والأمنية بالاتحاد الاوروبي كاترين أشتون زيارة الى مصر لاجراء مباحثات مع مسؤولين هناك بشأن آخر تطورات الوضع في ليبيا، بدأت وزيرة الخارجية الامريكية جولة خارجية ستخصصها لمناقشة الوضع الليبي وايجاد السبل لمساعدة المعارضة الليبية. وفي فرنسا الدولة الاوروبية الوحيدة التي اعترفت بالمعارضة الليبية بصفة رسمية بدأ أمس اجتماع وزراء خارجية مجموعة الثماني فيما أصدرت باريس بيانا أكدت فيه عزم فرنسا على تكثيف جهودها خلال الساعات القادمة بالتشاور مع الاتحاد الاوروبي والجامعة العربية ومجلس الأمن والمجلس الوطني الانتقالي الليبي لاقناع القوى العالمية بفرض حظر جوي. وفي هذه الأثناء أوضح أساتذة في معهد العلوم السياسية الجزائري أن الموقف المتحفظ للجزائر تجاه الحظر الجوي على ليبيا «يعكس تخوفها من حدوث تدخل أجنبي يهددها مباشرة لذلك فإن الخطر سيكون في اطار الحفاظ على سيادة وحدود الدول المجاورة كما لا يشمل الطيران المدني والرئاسي وانما يشمل خطر الطيران الحربي الذي يستهدف المدنيين فقط». ومن جانبه قال سعد جبار الخبير في الشؤون الليبية إن المجتمع الدولي يسير بخطى متثاقلة وإن الوتيرة الديبلوماسية بطيئة للغاية وإن هناك حاجة عاجلة للحل بسرعة قبل ان تقضي قوات القذافي على المعارضين له. وفي الاتجاه ذاته قال جيف بورتر المستشار في المخاطر الدولية إنه وبعد الاطاحة السلمية نسبيا والسريعة بالدكتاتورين التونسي والمصري فإن فوضى المواقف الدولية حول ليبيا قد تقنع حكاما شموليين آخرين يواجهون اضطرابات من اليمن الى البحرين بأن العنف هو العلاج الافضل للانتفاضة.